x

ثورات تصنع التاريخ

السبت 23-07-2011 08:00 |

هناك لحظات ودقائق فى تاريخ الأمم يكون لها من الآثار القريبة والبعيدة ما يعتبر بحق نقطة تحول فى صنع أحداث هذا التاريخ، ومن ثم يمكن القول بأن ثورات أحمد عرابى، 23 يوليو 1952، 25 يناير 2011 تنطبق عليها هذه المقولة، ولظروف المساحة سأركز على عقد دراسة مقارنة بين ثورتى 23 يوليو و25 يناير، وكنت قد أوضحت منذ عام فى نفس هذا الباب أن ثورة يوليو بدأت كحركة، وتحولت إلى انقلاب، ثم لثورة بعد تأييد جموع المصريين الجارف لها، وقد تميزت بأنها كانت فى مجموعها ثورة بيضاء، واعتبرت الثورة الأم للعديد من الدول على اتساع العالم، حيث قامت لتحقيق مبادئ ستة تم توافق الثوار عليها وانحصرت فى: 1- القضاء على الاستعمار وأعوانه. 2-القضاء على الإقطاع. 3-القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم. 4-إقامة عدالة اجتماعية. 5-إقامة جيش وطنى قوى. 6-إقامة حياة ديمقراطية سليمة، ويمكن الزعم بأن الخمسة مبادئ الأولى قد تم تنفيذها بدرجات متفاوتة منذ عام 1952، وحتى حكومة الدكتور كمال الجنزورى، ثم تم التفريط تدريجياً فى المبدأين الثالث والرابع خلال حكومة الدكتور عاطف عبيد والدكتور أحمد نظيف، أما المبدأ السادس فلم يتم تنفيذه على مدى 59 عاماً حتى اندلعت ثورة 25 يناير 2011 التى حظيت بتأييد شعبى عارم واؤتمن الجيش على تأمينها، وحمايتها من المخاطر، ويمكن القول إن محاكمات ثورة يوليو وعمليات التطهير التى طالت جميع وزارات ومؤسسات الدولة والأحكام الرادعة على الذين استهانوا بجديتها قد وفرت لها الاستقرار المنشود لاتخاذ القرارات اللازمة التى تحقق الأمن القومى لمصر!! بالنسبة لشباب ثورة 25 يناير «الذهبى»، والذين آمل أن يتم تسجيل أسمائهم فى سجل تاريخى من الآن حتى لا يسطو أحد على جهودهم، فقد قاموا بثورتهم بسقف مطالب، سرعان ما تصاعد ووصل إلى حد المطالبة بإسقاط النظام، وعندما سقط لم يجدوا أجندة جاهزة بأولويات الأهداف المطلوب تحقيقها، والتى تم طرحها «بالتقسيط» وتعارضت بالضرورة مع أولويات جموع المواطنين الذين أيدوهم، والخوف من أين يأتى يوم نفتح فيه أعيننا ذات صباح فإذا بنا نفاجأ بأن مصر قد أصبح لها نحو عشرين مليون رئيس جمهورية!! بعضهم يهدد بإغلاق قناة السويس ونفق أحمد حمدى، والبعض الآخر يفكر جدياً فى تدمير الأهرامات، دون التنبه الكافى إلى أن القرارات المتسرعة والانفعالية دون تبصر تأخذ كثيراً من رصيد انبهار العالم بالثورة الوليدة!!

مصر تجتاز فترة حاسمة من تاريخها المعاصر، مليارات عديدة تصرف بلا حساب فى الداخل على أمل تعويضها فيما بعد، ومليارات أخرى تضخ من الخارج لإجهاض الثورة وزعزعة استقرار مصر، ومن ثم مطلوب التطلع إلى المستقبل المنظور من خلال إعداد أجندة عاجلة بالخطوات التى سيتم اتخاذها- بالتوافق- فيما هو قادم من شهور حتى انتخاب رئيس مصر الجديد.. وحذار ثم حذار من الانزلاق للوقيعة بين الجيش والشعب، حتى لا تعود مصر القهقرى لنحو قرن كامل من الزمان!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية