حينما يسود الظلم، ولا يجد العدل مكانه بين الملوك، ويسيل دمع المساكين ويطيل ليل العليل.. حينما تغيب شمس الحرية، ويخيم السواد على مناصب الفساد، وتتحول قلوبهم إلى أحجار، وتنزع الرحمة والرأفة من الضمائر، ويملأ اليأس والفشل قلوب المظلومين والمجروحين، ويضيع الحق ويسقط من موازين العدل، ويعلو صوت الباطل على صوت الحق، ويظن الباطل أنه حق، فتكبر وتجبر وتشامخ، وظن أن كرسيه أعلى من كرسى العلى، وجلسوا على المناصب وسكنوا القصور وسلبوا ونهبوا ومصوا دماء الفقراء، وزخروا أموالهم وكنزوا لدنياهم ولم يعلموا أنهم يزخرون لأنفسهم غضب ليوم الغضب، ونسوا أو تناسوا أن القدير فوق الجميع وأنه فوق العالى عال، وفوق الباطل الحق، وفوق الظلم العدل، وفوق الظلام النور، وفوق الضعيف القوى، وفوق المخلوق الخالق، والله فوق العرش لا ينعس ولا ينام، ولا يتغافل عن دم البرىء وصوت المسكين والبائس والعليل والحزين الذى لم يجد معيناً ولا نصيراً له بين البشر،
ورغم طيلة الليل وظلامه الحالك الذى ملأ كل الأرجاء، وظن الناس أن الحق تحول إلى باطل والنور إلى ظلام والحياة إلى موت، وتلاشى الرجاء وضاع الأمل، وفجأة قال القدير كلمته وأمر الرب أن تشرق نور الثورة ليعدل الله الموازين البشرية المغلوطة، فحاول الظالمون أن يقهروا المظلومين الشرفاء وفعلوا متناقضات لا يقبلها العقل، وذلك بفتح سجون المجرمين ليملأوا الأرض ذعرا وفساداً، وأدخلوا الأبرياء ورجال الثورة السجون. رجال الأمن والأمان يتحولون إلى بلطجية يسرقون وينهبون ويطلقون الرصاص على المواطنين، فيملأون قلوب الناس بالخوف والرعب لكنها كانت شبيهة برقصة الطائر المذبوح، أى أنها الرقصة الأخيرة!!
وانتصرت الثورة، وأشرق نور الحق، فمن ذا الذى يستطيع أن يخفى نور الشمس، فعلى الظلام أن يهرب! وعلى الباطل أن يزهق، فلا أحد يتحدى إرادة السماء، فتحول الرئيس إلى مرؤوس، والظالم إلى موكوس، ومن يسكنون القصور جعلهم فى الجحور، حتى يعلم الجميع أن العلى متسلط على مملكة الناس، يرفع من يشاء، ويذل من يشاء، وأنه ينصب ملوكاً ويعز ملوكاً، يقاوم المستكبرين ويرفع المستضعفين، إنها رسالة إلى كل الرؤساء والظالمين والمتكبرين ومن يحكمهم المنصب والكرسى، وإلى كل المنافقين والمتعصبين ومن يعتلون الذات.. إن لم تحاسبوا أنفسكم فيوجد من يحاسبكم، ولو استطعت أن تخادع كل الناس بعض الوقت فلن تستطيع أن تخادعهم كل الوقت.. وإن استطعت أن تخادع قوانين الأرض فلم ولن تستطيع أن تخادع قوانين السماء.. فليس هناك من هو فوق القانون والعدل الإلهى.