أعترف بأننى من السعداء والفخورين بإسقاطنا النظام السابق، لكننى أظنك ستحافظ على حقى فى أن أقول، «إننا شعب عايز إسقاطه»، نعم نحتاج إسقاطنا لأنفسنا!!
وأعتقد أن إسقاطنا لأنفسنا يتمثل بشكل واضح فى إسقاطنا لأفكارنا البالية عن المرأة بأنها أقل من الرجل، وأن المعاق يحتاج من يعاونه فى حياته فقط، وليس إنساناً قادراً على المشاركة فى الحياة والإنتاج والعمل. إسقاط معتقدات واهنة وواهية بأن الوحدة الوطنية لا تتم إلا بالاحتفالات التى تجمع المسلم بجوار المسيحى، مع أن الأصل فى الموضوع أن الوحدة الوطنية تتم حينما يشترك المسيحى والمسلم فى عمل واحد، ويقيّم حسب كفاءتهما وليس ديانتهما، وأن يعين المسيحى فى منصب بناء عن كفاءته وليس بناءً على رغبة فى سد خانة فى بيانات تعداد تعيينات المسيحيين، وإظهار أنهم يأخذون حقهم فى بلادهم، أو أن له واسطة تسنده، وصّلته لمنصب لا يحلم بأن يصل لنصفه قرينه من نفس الديانة!!
وبمناسبة الواسطة، نأتى لكارثة العمل الحكومى، فمن له واسطة فى الحكومة يستطيع أن يفعل كل شىء إلى الآن، ويا بخت من كان النقيب خاله.. الروتين الحكومى لا يزال قاتلاً لكل موهبة فى العمل، وكل رغبة فى التقدم، وكلما تعاملت مع موظف حكومى تشعر بأنك تتعامل مع أحد المسخرين، وليس مع مواطن مثله مثلك، قد تقوده الأيام ليقف فى نفس موقفك أمام موظف آخر فى مصلحة أخرى، لا يتعامل بإنسانية مع الآخرين، ينفذ القانون بطريقة الباحث عن طرق لتعويقك، وليس طرق لتسيير الأعمال وتيسيرها!!
كما أننا لا نستطيع التغافل عن أنه لا يزال بحياتنا الكثير من الأمور التى يجب أن تسقط، كالمحاباة والمحسوبية والبطء فى أداء العمل العام، واللامبالاة وإهدار الوقت، ومما لا شك فيه أيضا أننا شعب غريب جداً يتعاطف مع المعاق ونأخذ بيده ولا نرصف له أرصفة فى الشوارع تسهل له الحركة على كرسيه المتحرك، ونتعاطف مع المريض وكبير السن ولا نوجد مصعدا لهما يعينهما على الصعود للمكاتب التى بالأدوار العليا لإنهاء أغراضهما، تلك المكاتب التى كان من الواجب فى الأصل أن تكون فى الأدوار الأرضية تيسيراً على المستفيدين بخدماتها!!
نحن شعب عاطفى، لا نقوم بأعمالنا كما ينبغى علينا القيام بها، فتخرج أعمال أقل من العادية، بلا روح وحياة، فتتقدم المجتمعات الأوروبية ونبقى نحن كما نحن، بل للأسف نتأخر.