لا شىء فى الميدان غير الروح
يطفو فوق هامات الحشود
لا شىء غير الشمس ترفو
من ملايين الوجود سحابةً
ليشقها قمر وحيد.
الحلم أقرب من أناملنا
ونبض الأرض يسمع
من بعيد
هذا زحام طيب حر
عنيد
هذا زحام أخرج الأسلاف
والأبناء والآتين والأحياء
والموتى وأشلاء الجنود
هذا دم يجرى
كما تجرى مياه النيل من أسوان
حتى يرتوى عطش الوليد
هذا مسار الجوع منذ توترت
عضلات عمال البناء على عمود
من جرانيت، إلى شق القناة،
إلى العبور، إلى يناير عندما
ينهل فوق رؤوس من هتفوا
به مطر شديد.
هذا الذى قد مر فى أحلام
من ماتوا، وضن العمر أن
تتحقق الرؤيا، وأن يرتج
وسط صدورهم
قلب سعيد.
هذا رنين صادر من كوكب
يشدو، ومطرقة تدق
على حديد مجرة، وحروف
قاموس جديد.
لا شىء فى الميدان يمكن
أن تشير إليه، فالتكوين
يستعصى على التحديد، والبشر
استحالوا كائنا متعدد الأحوال
والمجلى، له نفس تخلل
فى ثرى الدلتا وفى
رئة الصعيد
الموج يحمل من سفينة عمرنا
الغرقى رسالة أهلنا من
حادث الطوفان حتى ذلك
الطوفان، فالحدثان يشتبهان
فى المعنى وفى المبنى وفى
حس الخلود
الموج ينقلنا كما نقل الهواء
تراب أفريقيا إلى شطآن أمريكا
فصرنا غير ما كنا خلال هنيهة
فكأنما كان الزمان مخدرا
ثم استفاق فحرك
الأحجار والأشجار والوديان
والأغوار والدنيا
وأعمدة الوجود.
لا شىء فى الميدان غير يد
تمتد للآتى بباقات الورود.
شعر
صلاح اللقانى