قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، إن النجاح الذي حققته دار الإفتاء خلال السنوات الـ 10 الماضية، جاء بسبب ارتكازها على النهج العلمي واستقلالها ماليًا وإداريًا عن وزارة العدل، مما جعلها قادرة على الانتقال لنموذج الإدارة الحديثة، والاستفادة من العلم الحديث كالاقتصاد والطب والاجتماع في مجال الفتوى، بما ينعكس إيجابًا على مخرجات الدار.
وأضاف المفتي في المؤتمر الذي عقد بدار الإفتاء المصرية، السبت، حول إنجازاتها خلال العشر سنوات الأخيرة، أن حريص على تواجد صف ثاني في الإدارة، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء استخدمت الوسائل التكنولوجية الحديثة، للوصول إلى أنحاء العالم بـ 8 لغات، مما وسّع فاعليتها وانتشارها.
وأشار إلى أن دار الإفتاء اهتمت خلال الفترة الماضية بالدفاع عن الإسلام، وإزالة الصورة المشوهة عنه، وتنظيم حملات دولية لتوضيح صحيح الإسلام، والدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، بعد عرض الفيلم المسيء عنه، فتواصلت الدار مع 7 ملايين فرد على مستوى العالم، مشددًا على أن أهم الأمور التي ركّز عليها فى دار الإفتاء هي أن تصبح الدار مؤسسة قائمة بذاتها ولا تعتمد على الأفراد والأشخاص.
وأشار إلى أن هناك توسعات في دار الإفتاء لتلبية الحاجات المتزايدة للحصول على الفتوى في كل مكان، من خلال إنشاء فروع جديدة للدار في أسيوط والإسكندرية، والتواصل من خلال الهاتف والبريد الإلكترونى والموقع الإلكتروني للدار، مما انعكس على أداء، حيث بلغت عدد الفتاوى التي أصدرتها الدار خلال العشر سنوات الماضية أكثر من 3 ملايين فتوى، بينها 500 ألف في العام الماضي فقط.
وتابع: «قلوبنا مفتوحة للجميع، ولا نعرف من التعصب إلا للعمل وشيوع الحب وإقرار السلام بين جميع البشر، ونريد من الناس أن ينشروا الحب وعمارة الأرض وتزكية النفس».
وخلال المؤتمر، طالب مشاركون باستمرار الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية، في منصبه مفتيًا للجمهورية خلال الفترة المقبلة، حيث إن فترة عمل المفتي تنتهي في مارس المقبل، ومن المقرر أن تعقد هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، اجتماعًا، لاختيار المرشحين لمنصب المفتي أو المطالبة باستمراره، وذلك بناء على التقرير الذي سيرفعه للهيئة، أعضاء مجمع البحوث الأسلامية خلال الأيام المقبلة.
وقال الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة، في كلمته بالمؤتمر، إن استمرار مفتي الجمهورية في منصبه خلال الوقت الحالي، هو مطلب وطني للحفاظ على الوسطية والاعتدال الديني ومواجهة كافة أشكال التطرف، مشيدًا بالجهود التي قامت بها دار الإفتاء المصرية منذ أن تولى الدكتور على جمعة هذا المنصب في عام 2003 وحتى الآن في تصحيح صورة الإسلام في العالم، والرد على الشبهات التي تثار حول الإسلام بمختلف اللغات الأجنبية.
من جانبه، شبّه الدكتور محمد عمارة، عضو هيئة كبار العلماء، مفتي الجمهورية بالإمام محمد عبده، قائلا إن «المفتى ليس مجرد قارئًا للعلم أو عالمًا، وإنما حباه الله بذاكرة حافظة يغار منها الحاسب الآلي، وهو من العلماء المجددين في هذا العصر مثلما كان الأمام محمد عبده في وقت سابق».
وقال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء: «إننا نمر بمرحلة حرجة نحتاج فيها إلى استمرار مفتي الجمهورية في منصبه لمواجهة الاحتقانات والتشرذم الذي أصاب الأمة، لأنه رمز للإسلام الوسطي المعتدل، وظل مدافعًا عن الإسلام والمسلمين، ومتصدرًا للرد على الشبهات والإساءات للرسول صلى الله عليه وسلم»، مضيفًا: «مفتاح شخصية المفتي أنه رجل سمح، وبلغت سماحته منتهاها مع أبناء مصر وغيرها من المسلمين وغير المسلمين».
كما طالب القمص بولس عويضة، أستاذ القانون الكنسي، ببقاء المفتي في منصبه، قائلا: «ما دفعني إلى حضور هذا اللقاء، هو أن أحمل إلى القيادة السياسية مطلبًا شعبيًا باستمرار الدكتور علي جمعة في منصبه، لأننا جميعا نحتاج إليه في هذه المرحلة، للحفاظ على الوحدة الوطنية، بما عرف عنه من سماحة ومحبة للمسلمين وغير المسلمين».
وتابع: «أطالب بصفة شخصية، ونيابة عن المشاركين في هذا الاحتفال من مسلمين ومسيحيين، باستمرار الدكتور علي جمعة في منصبه، لما قام به من جهود في تطوير دار الإفتاء، وتشجيع التسامح والتعاون بين كل أطياف الشعب المصري».
وقال الإعلامي أحمد المسلماني، في كلمته بالمؤتمر، إن مفتي الجمهورية يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وأنه عمل جاهدًا للحفاظ على تراث ومخطوطات دار الإفتاء ليحفظ لنا تراث الدار العظيم، فيما طالب الدكتور عبدالهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، رئيس الجمهورية والمسؤولين في الدولة باستمرار «جمعة» في منصبه، خاصة في ظل الظروف الصعبة والحرجة التي تمر بها مصر حاليا.