x

إياكم ومشروع مارشال مصر

الإثنين 23-05-2011 08:00 |

سيذكر التاريخ أن مصر ولدت من جديد يوم الحادى عشر من فبراير عام 2011، عقب عملية قيصرية بدأت يوم الخامس والعشرين من يناير، واستمرت على مدى 18 يوماً حتى جاءها الفرج، ووقف العالم على أطراف أصابعه مشدوهاً وهو يتابع انتزاع الديمقراطية من بين أنياب حكم مستبد، لتنهى عهداً فاسداً استمر نحو نصف قرن من الزمان!!، وما يحدث فى مصر الآن على الصعيد الاقتصادى هو أحد التداعيات الطبيعية لثورة قامت لتضرب بيد من حديد جذور الفساد الذى أصاب اقتصاد البلاد، وأهدر مقدراتها واستشرى فى كل أوصالها، مما جعل البعض يدعو إلى مد يد العون إلى مصر للخروج من أزمتها الاقتصادية..

واقترح البعض التقدم بمشروع إنقاذ دولى عاجل على غرار مشروع «مارشال» الذى قامت به عشرون دولة من بينها الولايات المتحدة وكندا فى عام 1948، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بهدف إعادة إعمار وتشغيل الاقتصاد والمصانع الأوروبية التى دمرتها الحرب، والإشراف على توظيف المساعدات الأجنبية لهذا الغرض، والحقيقة أن نتائج الحرب وضعت الأوروبيين فى حالة ذعر شديد من شعوبهم، ودفعهم الذعر إلى الرضا بالتبعية للأمريكيين كحماة لأنظمتهم المتهالكة، وقادهم ذعرهم إلى الخيانة الوطنية، حيث مكنوا الأمريكيين من الاطلاع بسهولة وبساطة على أسرار صناعاتهم المتفوقة، ووضع يدهم على كنوزهم العلمية والمادية والبشرية التى لا تقدر بثمن!، وكان على أولئك الأوروبيين الذين قبلوا برامج المساعدات والإعمار الأمريكية الخضوع لشروط واشنطن، فانتشرت لجان المراقبة الأمريكية فى الدوائر الرسمية وفى إدارات الشركات، بدعوى التدقيق فى مدى الالتزام بتنفيذ البرامج، ولم تكن تلك، بالطبع، إلا أحد مظاهر السيطرة الأمريكية!

وأعتقد أننا ونحن على أعتاب حقبة غير مسبوقة فى تاريخ مصر يجب أن نأخذ فى الاعتبار أن تحرر الدول العربية وفى مقدمتها مصر من التبعيات الأجنبية، والتوقف عن الدوران فى فلك الدول الكبرى- يجب أن يكون فى مقدمة الأولويات العاجلة والملحة، كى تستطيع أن تمارس حريتها الاقتصادية والسياسية.

ولذلك أعتقد أننا يجب ألا ننجرف إلى فخ الدول الكبرى بتقديم مشروع مارشال أمريكى أو أوروبى للخروج من أزمتنا الاقتصادية الحالية لنسقط فى مستنقع التبعية والقيود الاقتصادية والسياسية التى عانينا منها فى ظل الحكم البائد!!

 فلقد اكتشفنا أخيراً أن مصر لم تكن يوماً بلداً فقيراً، وأن ثرواتنا المادية والبشرية بلا حدود، ويكفينا إغلاق حنفيات الفساد التى أهدرت المليارات لننفذ ذاتياً مشروع مارشال مصر، الذى سيخرجنا من أزمتنا الحالية إلى انفراجة اقتصادية مؤكدة تنطلق بنا إلى عالم جديد.. المهم أن ندرك أن الوقت قد حان كى نشمر عن سواعدنا ونبدأ عصراً جديداً من العمل الجاد، من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا وأحفادنا بإذن الله.

دكتور

أستاذ إدارة الأعمال - كندا

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية