x

الثورة على أنفسنا

الأربعاء 27-04-2011 08:00 |

الحرية والمساواة الأساس فى وجودنا الإنسانى وإلا فلماذا خلقنا؟ فالحرية ضرورة وجودية منذ أن خلقنا الله، ومنذ أن أعلن الله سبحانه وتعالى عن خلق الإنسان تواجد مبدأ الحرية وإبداء الرأى بين الله وملائكته، وبين الله وإبليس. إن الله منح الإنسان الحرية حتى إذا عبده كان ذلك عن طواعية، وليس عن قهر وخوف.. والقهر على النفس وتكفير الآخر من قمة الاستبداد! لأن حرية العبادة من أساس وجودنا، والمواطنة مبدأ مهم فى منظومة الحرية، لأننا كلنا كبشر من خلق الله، متساوون فى الواجبات، ونحيا تحت مظلة العدل الإلهى.. جميع الأديان السماوية مصدرها واحد من الله سبحانه وتعالى، والغاية منها إدراك الله والوصول بالخير للذات البشرية، ومحصلتها النهائية حب الله وعبادته، ورفع الحواجز والحجب بين العبد وربه.. فالإسلام والمسيحية من الديانات التى نزلت فى نفس الأرضية الحضارية فلا عبرة للتمييز، بل يتعين إذا أردنا نبذ الخلافات والصراعات الدينية البحث عن جذورهما المشتركة وأنماط التأثر والتأثير الواسعة بينهما، فجميع الأديان كلها بها مبادئ لتنظيم حياة الإنسان وفقاً للرؤية الكونية التى يقدمها الدين.


إن ما يفعله المتعصبون يخالف الأديان، لأن جميع الأديان أوصتنا بالرحمة والحب والعدل.. قال تعالى فى كتابه العزيز (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا)، فالافتراء على الله كفر وفاحشة ومن عمل الشيطان.. فالمتعصب يعتقد أنه يرضى الرحمن، وأنه حالة دينية يطلبها الله منه، ومن ثم سيرضى عنه الله!! رغم أنه بتعصبه يقوم بالافتراء على الله، ويصبح تعصبه جريمة، لأنه طبقاً لمفهومه يتضمن نوعاً من النسبة إلى الله!


 إن القرآن الكريم تحدث عن حقوق الإنسان والنفس الإنسانية بغض النظر عن الدين، قال تعالى فى كتابه العزيز القرآن الكريم (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، فنفس ودم كل إنسان لهما حُرمة واحترام لا يجوز إزهاقهما كما أوصانا بذلك الله سبحانه وتعالى.. فمعظمنا بحاجة إلى ثورة، ولكنها ثورة على عاداتنا الخاطئة، وعلى السلبية والتشتت والفتن والصراعات الدينية.. ثورة على مافيا الجهل التى تخرب العقول وتزرع الفتن والرعب ولا توضح صحيح الأديان.. إن الذى سيصنع مستقبل وتاريخ مصر الجديد هو مصر بكامل شعبها، وليس مسلماً وحده ولا مسيحياً وحده.




محرم بك - الإسكندرية


[email protected]


المحرر: تلك آخر رسالة وصلتنى من المرحومة الدكتورة نهلة طارق أبوعلفة.. أملتها على زوجها قبل أربعة أسابيع من رحيلها.. تدبروا فى كلماتها، رحمها الله!!

 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية