x

«مربط الفرس.. إننا نبص لقدام»

الثلاثاء 26-04-2011 16:24 |


سألت نفسى يوماً بتأمل سؤالاً يبدو محيراً، ما هى الحكمة أن يخلق لنا الله العينين فى مقدمة رؤوسنا لا خلفها، لماذا لم يخلق لنا عيناً فى الأمام وأخرى فى الخلف، وبالطبع كنت على يقين وأنا أسأل نفسى هذا السؤال أن الله وبلا شك قد خلق كل شى بقدر ولحكمة سامية، وجدت إجابة فى داخلى تخبرنى بأن الله أراد أن يعطينا برهاناً على أن نكرس حياتنا دائماً لنعمل لما هو قادم، أن ننظر دائماً إلى المستقبل بكل ما نملك من عقل وحواس، بشرط أن نتعلم من حاضرنا وماضينا قبل أن نطوى صفحاته.


هذا بالتحديد ما أرادته الثورة من وجهة نظرى لكى نزيل العمى من عيوننا أولاً، ثم لننظر إلى مستقبلنا ومستقبل مصر لا أن نظل نسبح فى الماضى السحيق، نرمى الاتهامات هنا وهناك نبدد مجهودنا وطاقاتنا فى تخوين بعضنا البعض مع أننا لو فكرنا فى استخدام هذه الطاقة فى تأدية أعمالنا بإخلاص كلٌ فى مجاله، لاستطعنا أن نضع لمصر خطوة راسخة فى فضاء التقدم، ألا وهى خطوة الطاقة البشرية المنتجة.


نعم أنا وأنت وكلنا بلا استثناء نريد أن نحاسب كل فاسد ظالم، كل مستبد قضى على أغلى ما نملك، آمالنا وطموحاتنا وكرامتنا، ولكن لماذا لا نفكر أن نطبق نظرية التوازى، لماذا لا نحاسب الفاسدين (وكلنا ثقة فى قضاء مصر)، وعلى التوازى نقوم بواجباتنا نحو مستقبلنا وحاضرنا، لأنك لا تستطيع أن تحصد ما لم تزرع، نعم يجب أن تطهر الأرض قبل أن تزرعها ولكن القضية هى أن تزرع لا أن تنتظر، فالأرض لن تزرع نفسها لأنك إن تركتها ستبور.


كلنا متفائلون، هذه حقيقة، وكلنا نأمل ونعلم أن الغد أفضل، ولكن الغد يأتى مشرقاً فقط على الذين يستيقيظون ويعملون من أجل أن يشرق عليهم ويظل مشرقاً.


لا يستطيع أحد أن يتجاهل أهمية محاسبة كل فاسد، ولا يستطيع أحد أن يصف مدى الارتياح الذى بدى فى نفوس معظم المصريين من بشائر تطهير وطننا من رموز الفساد والظلم، وننتظر جميعاً أن نرى كل من أفسد يحاسب حساباً عادلاً، ولكن يجب أن نعلم جيداً أنه ليس كل من تعامل مع النظام السابق أصبح جزء منه أو أصبح عليه علامة سوداء للأبد، لنعلم أن أكبر عدو على ثورتنا الطاهرة هو إطلاق الاتهامات هنا وهناك، وأن الحقيقة الغائبة عن أذهاننا أننا كلنا تقريباً كنا جزءاً من النظام البائد، إما فعلاً أو قولاً أو صمتاً على ظلمه وقهره، ولكن بعد أن غيرنا أنفسنا وكسرنا القيود لا يعقل أن نضعها فى أيدى كل من سلم حتى على مسؤول سابق، لا يعقل أن نستمع مثلاً إلى من يقولون أن د. عصام شرف كان جزءاً من النظام السابق فتجب إقالته. لا يجب أن نحاسب على الظواهر، فكما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: هلا شققت عن قلبه.


لنترك ثقافة التخوين والهجوم على الآخر، ونسأل أنفسنا لماذا نحاول أن نجعل من كل فرد أو فئة من الناس متهمين وخائنين طالما كانوا جزءاً من الماضى الذى لا نعلم إن كانوا حقيقة جزءاً فاعلاً فيه أم لا، لماذا نصنع متهمين ولا نصنع بناءيين، لماذا لا نجعل من كل مواطن مصرى طاقة إنتاجية أو إدارية هائلة؟


ما أريد فقط أن أصرخ به الآن: «هيا بنا نعمل»، ورسالتى البسيطة لكل المفكرين والبسطاء، الساسة والعامة، الوزراء والعمال، رسالة من شاب يفتخر أنه مصرى: «هيا بنا نعمل للغد، هيا بنا نصنع مستقبلنا ولو لمرة واحدة فى حياتنا، هيا بنا نترك الكلام ونبدأ فى العمل المخلص بعد أن بدأنا فى تطهير مصرنا الغالية، يلا نبص لقدام».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية