x

إسرائيل فى موازين الشارع العربى بعد انطلاق ثوراته

الثلاثاء 26-04-2011 16:22 |

 

مما لا شك فيه أن بقاء إسرائيل فى قلب الشرق الأوسط طيلة هذه العقود على الرغم من ممارساتها العدائية، واستفزازها الشعوب العربية، ناهيك عما تقننه من أسلحة نووية غاية فى الخطورة على الشرق الأوسط بأثره هى نتيجة لفساد الأنظمة العربية، تلك الأنظمة التى حاولت الحفاظ على مقاعدها متجاهلة أحلام الشارع العربى فى الإصلاح والتغيير، فلجأت فى تحقيق أهدافها إلى سياط القمع والقبضة الحديدية من جهة، ومن جهة أخرى لجأت إلى خطط الحليف الأمريكى، فحققت له الحفاظ على مصالحه فى الشرق الأوسط فى مقابل ضمان الحفاظ على كراسيها، تلك الحقيقة التى دونتها كوندليزا رايس أثناء زيارتها إلى مصر فى 2006 عندما قالت إن أمريكا ساندت أنظمة عربية دكتاتورية طيلة 60 عاماً للحفاظ على مصالحها فى الشرق الأوسط، ولا شك أن من أهم مصالح أمريكا فى الشرق الأوسط بقاء إسرائيل، وعلى الرغم من أن الشارع العربى يدرك هذه الحقيقة جيداً دون الرجوع إلى ما دونته كوندليزا رايس إلا أنه التزم الصمت عقوداً طويلة، متأثراً تارة بالإعلام العربى المضلل ومُروعاً تارة من قبل الأنظمة العربية وما تمارسة من وسائل قمعية حقيرة، فقرر الشارع العربى إرجاء القضية الفلسطينية إلى حين ما تيسر له الأسباب، مكتفياً بإعلانه عدم الاعتراف بإسرائيل وإن إقتصر هذا الإعلان على بعض الجماعات الشبابية ولا سيما من طلبة الجامعات عبر عدة مظاهرات سلمية داخل أسوار الجامعات، ولكن الأمر اختلف بعد انطلاق ثورات الشارع العربى اختلافاً جذرياً.


فلم تتوقف نداءات الثورات العربية على حد الإصلاح الداخلى فقط بل كان للثوار موقفهم من إسرائيل والقضية الفلسطينية، كلٌ على حسب ظروفة الخاصة، وكان أيضا للأنظمة العربية التى سقطت بالفعل أو التى على وشك السقوط أو تلك التى تجابه نزعات الإصلاح كان لها أيضاً مواقف مرتبطة بمواقفها قبل انطلاق ثورات الشارع العربى، وبما أن المقام هنا لا يتسع لتفصيل مواقف الشعوب العربية من إسرائيل والقضية الفلسطينية ولا سيما بعد انطلاق ثورات الشارع العربى، فقد أفردت ذلك فى دراسة مستقلة تحمل نفس عنوان المقال وستكون بين يدى القارئ قريباً بإذن الله، ولكن ما أردت التأكيد عليه هنا هو أن الشارع العربى ينظر إلى القضية الفلسطينية على أنها جزء من قضاياه التى خرج مدافعاً عنها وما زال يقدم كل ما هو نفيس من أجلها، تلك القضية التى كانت الأنظمة العربية فى الماضى تقف حائلا بينه وبينها، اليوم أصبح لا يخلو حديث الشارع عن تجبر إسرائيل وانتهاكها جميع المواثيق الدولية وحقوق الإنسان وارتكابها أبشع المجازر البشرية، وبدت تطفو على الأذهان والألسنة فكرة المناخ الخصب لمساندة الشعب الفلسطينى الأعزل ولا سيما بعدما تيقنت الشعوب العربية أن إرادتها أقوى من بطش حكامها ووسائلهم، ففى مصر وعلى الرغم من أن قضايا الشعب المصرى الكادح زاحمت الأحاديث وعلى رأسها قضية أمواله المنهوبة، فالقضية الفلسطينية أيضاً والتصعيد الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة كان لهما الجانب الأكبر من أحاديث العامة والخاصة فى الشارع المصرى، أيضا لم تخل نبرات الثوار فى ميادين الثورة فى المسيرات السلمية الأخيرة من نداءات التنديد ضد ما يفعله الجيش الإسرائيلى المتغطرس فى فلسطين، وما حدث فى القائد إبراهيم فى جمعة المحاكمة والتطهير أعاد إلى ذهنى مسألة مجرد وقت، فعلى سلم مسجد القائد إبراهيم وقف الشاب عصام عصام المتحمس يهتف من أجل محاكمة الفاسدين ثم ما لبث أن ضمن هتافاته تنديداً بما يحدث تجاه الشعب الفلسطينى الأعزل وأن القدس عربية وستعود على أيدى شباب العرب، ليقاطعه شاب آخر قائلاً: دى جمعة محاكمة وتطهير ننتهى من مشاكلنا وهنفضالك يا قدس، واشتد بينهما الخلاف بين الدفاع عن القدس الآن والتنديد بما يحدث تجاه الشعب الفلسطينى الأعزل وبين ترك الأمر حتى نحاكم الفاسدين وبعدها نفرغ لليهود ليصبح الخلاف فى جوهره هو خلاف حول التوقيت فحسب، وليؤكد هذا الخلاف أنها بالفعل مسألة وقت، فالشارع الذى خرج لمجابهة الفساد يدرك تماماً أن بقاء إسرائيل نتيجة للفساد السياسى للأنظمة العربية التى فقدت ثقلها لتبقى موازين الشارع العربى هى التى توزن بها الأمور الداخلية والخارجية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية