كل قوة الإعلام من برامج تليفزيونية، وتقارير صحفية.. كل سجالات ونقاشات الواقع الافتراضى.. وحتى أحاديث الناس فى الشوارع.. كلها تبحث ـ أو تتوق بمعنى أدق ـ عن بطل للثورة المصرية.. عن شخصية خفية تظهر فجأة كمحرك للثورة، كرمز، وزعامة اعتدنا على وجودها.. (قائد صانع مجد الدولة على طريقة القذافى). هناك من يتحدث عن البرادعى.. وهناك من يرشح وائل غنيم.. وهناك من يتشيع لعمرو موسى، برغم انتمائه للنظام المراد إسقاطه.. وحتى الرجل الغامض الذى ظهر خلف عمر سليمان أثناء إلقائه لبيان التنحى، وجد من يدعمه كرجل الثورة الخفى! ولكننى أؤكد لكم أن البطل الحقيقى الذى أفرزته هذه الثورة.. الرمز والزعامة.. هو ذلك الرجل اللى (بيقولك...)! فهو يطلق فى اليوم الواحد ما يزيد على المليون تصريح. فكلما تحدثت مع زميل فى العمل، أو صديق على مقهى، أو جار عابر فى الميكروباص، انهالت على التصريحات التى تفشى أخطر أسرار الثورة، وترصد أحداث ووقائع ما بعد الثورة المسكوت عنها إعلاميا.. وكلها معلومات مؤكدة، وتحليلات صائبة، وكلها تتسم بالخطورة.. والأهم أنها ـ كلها ـ تبدأ بالعبارة الشهيرة (بيقولك...)!
وأهم ما يميز هذا الرجل الغامض، أنه لم يظهر من فراغ، ولم يهبط من برج عاجى محاولا امتطاء ثورة شعب.. بل هو ابن هذا الشعب.. ابن الشارع.. يعيش بيننا منذ قرون.. يحركنا فى الخفاء دون أن نعرف شخصيته أو شكله.. لا نعرف عنه سوى أنه (بيقولك...) كل ما يمكن أن تتخيله، وكل ما تحب سماعه. فهو واسع المعرفة لدرجة موسوعية.. عالم بخفايا الأحداث.. يغوص فى عمق الأسرار المنسية ليفضحها على الملأ. ليس فى مصر فقط، بل يمتد نشاطه إلى جميع أنحاء العالم.. فقد يفاجئنى شخص أثناء حديثه عن المجتمع الأمريكى بـ:
ـ بيقولك بقى الأمريكان دول كذا.. وكذا.. وكذا..
فلا أندهش من قدرة هذا إللى (بيقولك...) على النفاذ إلى قلب أسرار المجتمع الأمريكى. ولا ننسى أننا لولاه ما تمكنا من متابعة أخطر تفاصيل وتطورات الوضع فى ليبيا مثلا.. فهو...
ـ بيقولك: أمريكا وإسرائيل هم اللى عاملين الفيلم ده كله عشان يقسموا ليبيا!
فمن إذن أكثر منه علما ودراية وقدرة على قيادة البلاد الآن؟!
أنا كلى ثقة أن هذا الرجل الغامض والخطير اللى (بيقولى...) هو ذاته اللى (بيقول...) لكل المصريين. وأنا أدعوه للكشف عن نفسه كبطل لهذه المرحلة.. ولكى نروى فضولا يقتلنا.. أنا شخصيا أدفع نصف عمرى لأعرف من هو هذا اللى (بيقولك...) فأنا منذ أن فتحت عينى على الدنيا لم أجد أمامى سوى محمد حسنى مبارك الرئيس السابق (نفسى أتعود على الكلمة دى بقى)، وهذا الرجل اللى (بيقولك...). لذا كلى أمل، بعد تنحى الرئيس، أن يأتى الدور على هذا الرجل لكى نكشف اللثام عن شخصيته.
