عارفين حضراتكم لما بيكتشفوا منجم دهب أو بير بترول جديد بيعملوا إيه؟، بيجيبوا حفارات تحفر الأرض، ومضخات تضخ الزيت، وأوناش تنقل الرمل والصخر والحجارة، وأجهزة تجس حركة الأرض، وأجهزة تانية توضح عمق الحفر، وأجهزة تالتة تحلل نقاء الخام.
وطبعا عمال ومهندسين فى كل حتة، وعربيات رايحة جاية، وكام مكتب أو مقر عشوائيين كده عشان الناس تقعد فيهم، وأكيد برضه بيكون فى ناس بتعمل أكل وشرب للعاملين، وناس بتهد وناس بتبنى، وكل ما يمكن أن تتخيله من صور الزحمة والدوشة والفوضى... صح؟، لكن تقدر تقول ع الوضع ده إانه غلط؟.. وحش؟.. مؤذى؟، تقدر تقول لهم لا والله يا جماعة ماتطلعولناش دهب ولا بترول عشان انتوا بتعملولنا صداع؟، أبدا، لأن الفوضى دى هى الى هاتيجى بالخير كله، بس كمان شويه صغيرين، لما الناس دى تخلص شغلها ويطلعولنا المنتج نضيف.
لما واحد يدخل مخزن مكركب أو بيت قديم عشان يرتبه وينظمه بيعمل إيه؟، بيقلب حال المكان، إللى فوق بيبقى تحت، وإلى جوه بيطلع بره، والدنيا بتضرب تقلب، وطبعا خبط وهبد ورقع، وتراب وزبالة وقرف، لكن اصبر عليه بس لغاية ما يخلص، هاتلاقى نفسك مش قادر تقول له غير تسلم ايدك، أنا مش عارف احنا كنا مستحملين المكان كده إزاى؟، أنا مش متخيل من غيرك كنا هانعمل إيه؟... بذمتك مش كده؟.
ده بالضبط الى بيحصل فى بلدنا من أول ما بدأت الثورة، البلد كانت مكركبة، مكمكمة، متربة، العنكبوت معشش فى كل ركن فيها، الزبالة من كترها غطت على كل شى، حتى على الحاجات الحلوه إلى فيها، عشان كده لما جت الثورة كان لازم تحصل حملة تنضيف وتطهير شاملة، وكان لازم تحصل عملية تنقيب عن المعادن النفيسة فينا من أول وجديد. عشان كده البلد اليومين دول فى حالة ربكة، حاجات كتير فيها من غير ضابط ولا رابط، ناس كتير بتشتكى، وناس كتير معتصمة، وناس كتير محتجة، وناس كتير مش عارفين راسهم من رجليهم...عادى، وحش آه، متعب آه، لكن طبيعى، ومن غيره لا يمكن هايبقى فى أى حاجة حلوة فى المستقبل.
لازم نفتح الجرح، ونوجع العيان، وندوس على ألمه عشان نطهر المكان ونقفل على نضافة، لازم نستحمل يا جماعة عدم الاستقرار ده شويه، وبلاش حكاية إن البلد بقت فوضى دى، يا اخوانا ألم ساعة ولا كل ساعة.
