حينما أستمعت إلى التسجيل الصوتى للرئيس السابق حسنى مبارك، والذى يؤكد فيه أنه لا يمتلك هو أو أى من أفراد أسرته أى حسابات بنكية أو أى عقارات بالخارج وأن كل ما يمتلكه هو وأفراد أسرته لا يتعدى ما ذكر فى إقرارات الذمة المالية التى قدمها لجهاز الكسب غير المشروع، وحينما استمعت إلى ما قاله من أنه يفوض النائب العام بالتتبع والاستعلام من خلال وزارة الخارجية وسفارات مصر عن أى حسابات أو عقارات بالخارج تذكرت على الفور الفنان إسماعيل ياسين فى فيلم ابن حميدو حينما حاول أحد أفراد الشرطة تفتيشه فى إحدى نقاط التفتيش ثم لم يجد معه شيئاً فبادر إسماعيل ياسين بكل ثقة وثبات بالقول «فتشنى فتش».
مازال الرئيس السابق يتعامل معنا بثقافة أفلام الأبيض والأسود ومازال يتبع نفس الأسلوب ونفس النهج القديم فى خطاباته ومازال مبارك يخاطب فينا العاطفة ويتوسم فينا الطيبة والسذاجة المفرطة التى تجعلنا نصدق يقينا كل كلمة قالها فى كلمته المسجلة من قصره المنيف الأسطورى بشرم الشيخ والملايين من شعبه لا يملكون ثمن إيجار حجرة صغيرة فى كفر الشيخ (مع كامل تقديرى واحترامى لكفر الشيخ) مازال القيصر يخاطبنا بنفس لهجة ولغة ومفردات خطابات عيد العمال واحتفالات أكتوبر «الإخوة المواطنون.. الإخوة والأخوات.. حربا وسلاما.. تاريخى العسكرى والسياسى.. حفظ الله مصر..سدد على طريق الخير خطى أبنائها» مازال مبارك الأب يراهن على دموع ربات البيوت ويتوقع أن تهب الجماهير الغفيرة للنزول للشوارع والميادين والدموع تملأ عيونهم هاتفين ومهللين «بالروح بالدم نفديك يا مبارك وحقك علينا متزعلش» الأسد العجوز مازال يعتبر نفسه ملك الغابة بلا منازع. ما زال يعتبر نفسه ضحى من أجل مصر باتخاذ قرار التنحى (طواعيةً) حبا فى مصر وشعب مصر، مازال الفرعون الأخير لا يعترف بالثورة بديلا عن إمبراطوريته الفانية.
من حق الرئيس السابق أن يدافع عن نفسه وعن أسرته وعن طهارة يده كيفما يشاء ومن حق محاميه أن يظهر فى وسائل الإعلام ليدافع عنه بكل السبل القانونية وأن يستف أوراقه كيفما يشاء ومن حق المواطنين المتعاطفين معه أن يتجمعوا فى ميدان مصطفى محمود بعد كلمته بساعات وأن يهتفوا ويدعوا الجماهير لجمعة رد الجميل كيفما يشاءون، ومن حق قناة العربية أن تذيع كلمته المسجلة مرارا وتكرارا كيفما شاءت وشاء لها الهوى، ومن حقى أن أرد على كل من يحاول البحث عن دوافعى الدفينة لكتابة هذا المقال بالقول «فتشنى فتش»
ثم لم يجد معه شيئاً فبادر إسماعيل ياسين بكل ثقة وثبات بالقول «فتشنى فتش»