قالوا إن من لم يقابله لم يلتق بحزب الله فى لبنان، هو محمد رعد الذى قابلنا فى مكتبه بالضاحية الجنوبية، وقال إن الفتنة بين السنة والشيعة هى الورقة الأخيرة فى المشروع الأمريكى للهيمنة على المنطقة، مشيرا إلى أن دولة عربية تمتلك الإمكانيات والتمويل تساعد أمريكا فى مخططها.
وأضاف رعد، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أن العلاقة بين حزب الله والرئيس محمد مرسى هى علاقة اتصال وليست تواصل، وأنهم مازالوا يرقبون أداء جماعة الإخوان المسلمين بعد وصولها للحكم، وإلى نص الحوار:
■
ماذا قصدت بتصريحك «لا ننازع أحدا على السلطة ولن نسمح بسلطة لا تتبنى مبدأ المقاومة»؟
- أولا، أنا أدعو الشعب المصرى فى هذه الفترة بالصبر من أجل أن تعود مصر إلى وضعها الريادى فى المنطقة، أما بالنسبة للتصريحات، فنحن عشنا تجربة الحرب الأهلية الدامية التى راح ضحيتها أكثر من 150 ألف مواطن لبنانى فضلاً عن الخسائر والدمار والجرحى، وقد توفر للبنان صيغة تسوية برعاية أطراف إقليمية ودولية وبرضا محلى وتوافق بين القوى السياسية اللبنانية، سميت «تسوية الطائف أو ميثاق الوفاق الوطنى» وأحدثت مجموعة من الإصلاحات فى النظام السياسى، وأعادت توزيع بعض الصلاحيات بما يحقق التوازن بين جميع مكونات النسيج اللبنانى وحددت إسرائيل كعدو يهدد لبنان بمخاطر عديدة وأقرت بحق لبنان فى مقاومة هذا العدو المحتل بكل الوسائل المتاحة والممكنة، ومنذ ذلك الحين حتى عام 2005، حرصت كل الحكومات على أن يضمن البيان الوزارى صيغة الإقرار بمشروعية المقاومة فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى، ولكن بعدها بدأنا نسمع أطروحات تستنكر على المقاومة حقها فى الاستمرار، ولذا نقول إن نهج المقاومة جزء من الوفاق الوطنى اللبنانى والخروج عليه هو خروج على الوفاق.
■ لكن البعض قد يرى أن فى ذلك انتقاصا من قدرة الجيش الوطنى اللبنانى على القيام بمهامه؟
- هذا ليس فيه أى انتقاص من قدرة الجيش الذى يؤدى مهامه على أكمل وجه وفيه من الضباط والجنود البواسل الذين يضحون من أجل هذا الوطن، ولكن القدرات اللوجيستية مقصورة على أن تواجه جيشاً كلاسيكياً هو من أقوى جيوش الشرق الأوسط، وبناء على هذا التقييم لإمكانات الجيش اللبنانى أقرت الحكومات اللبنانية بضرورة وجود مقاومة شعبية تسند وتدعم حق لبنان فى الدفاع عن سيادته وكرامته، ولذا كان التنسيق والتناغم قائماً طوال فترة 15 عاما منذ تسوية الطائف، وأرسيت معادلة أيضاً أقرتها الحكومات التى تلت عام 2005 فى ظل احتدام الأزمة اللبنانية وأقرت ثالوث الجيش والشعب والمقاومة كمعادلة وطنية للدفاع عن لبنان، إذن أى إخلال بالمعادلة يعد طعنا للوفاق الوطنى وخروجا بالبلاد من مرحلة الاستقرار والتوازن إلى مرحلة الانفلات والعبث وكشفه أمام تهديدات العدو الإسرائيلى.
■ لكن فى وقت الاحتلال وحرب تموز كان حزب الله هو من يحارب، فأين إذن دور الجيش؟
- الجيش إمكانياته محدودة وقليلة وهو يقوم بالدور السهل، وأهم ما يقوم به هو الحفاظ على الوضع الداخلى أثناء العدوان، وهناك توزيع أدوار بين المقاومة والجيش، نظراً لإمكانيات المقاومة الخفيفة القادرة على إشغال العدو فى أكثر من نقطة والقادرة على الانقضاض على العدو دون أن تسمح لردات فعل العدو بإجهاض الاستقرار الداخلى.
■ هناك انقسام فى لبنان على الأقل بين جبهتين 8 آذار، و14 آذار، وصل لتبادل الاتهام الذى وصل لحد التخوين والعمالة؟
- الحقيقة أن النقطة المركزية التى ينقسم حولها اللبنانيون منذ 2005، هى هل لبنان دوره أن يكون جزءا من منظومة الخضوع لإسرائيل وشروطها والانخراط فى مشروع التسوية الأمريكى الغربى الذى يفرض بالشروط الإسرائيلية على شعوب المنطقة وأنظمتها، أم أن لبنان له الحق فى أن يبقى سيداً حرا محصناً ضد الاعتداءات الإسرائيلية، والحقيقة أن هناك وجهات نظر حادة فى هذا الأمر، ووجهات النظر تحكم مسارات ومواقف 14 آذار و8 آذار، وفى ضوء هذه وجهات النظر المتفاوتة هذه يتم الاختلاف حول طريقة التعاطى فى الشأن الداخلى وطريقة الاقتصاد وإدارته وطريقة بناء الدولة وقيامها، والتعاطى بين الفرقاء.
■ رجل الشارع اللبنانى يرى أن تقديم القوى السياسية المتشاحنة تنازلات هو الحل للأزمة الراهنة، ما التنازلات التى قد تقدمونها على طاولة الحوار إذا ما حدث بالفعل؟
- فيما يتصل بمصير وأمن لبنان القومى والوطنى من الغباء أن ننتظر من أحد أن يقدم أى تنازلات، لكن فيما يتعلق بإدارة البلد فنحن حاضرون، ولذلك قلنا لا ننازع أحداً على السلطة وتعالوا لنبحث كيف نرتب وضع السلطة بشكل يؤمن تراضياً بين الفرقاء، لكن لا تجعلوا مصير البلد جزءاً من البازار والمحاصصة والتقاسم، فهذا يهدد كل الأجيال اللبنانية القادمة.
■ هل هناك شروط وُضعت للحوار مع حزب الله؟
- هذا ما نفهمه من تصريحاتهم ومواقفهم، وهم حين دعا رئيس الجمهورية للحوار رفضوا الدعوة، على ماذا يراهنون، وما الأفق الذى يريدون جلاءه حتى يعيدوا موقفهم؟ فهذا السؤال الذى يُطرح عليهم.
■ ما قصة الشيخ الأسير فى صيدا، ومن بدأ المشاحنات؟
- اسمحى لى ألا نضيع وقتنا فى حديث عن أداة تُستخدم من أجل إثارة فتنة فى لبنان، اللبنانيون يعرفون خصوصياته وخصوصيات كل مكون منهم ويتشاركون أحياناً فى مناسباتهم الخاصة، فنحن نحضر القداس فى الكنائس والسنة اعتادوا أن يشاركونا حتى فى مجالس عاشوراء، ولكن اليوم هناك موضة جديدة فممنوع أن تذكر الحسين أو تضع لافتة لمجلس عاشوراء، ومع ذلك تنبهنا لهذا الأمر ولهذه الحساسية التى ستثير فتنة، والقصة أنه فى منطقة نائية بصيدا وبالقرب من مخيم عين الحلوة هناك بيت يضع لافتات وصوراً منذ العام 2006، فجاء من يريد الفتنة ليفرض بالقوة نزع هذه الصور والرجل فى بيته وملكه الخاص، وتدخل أحد مسؤولينا من أجل أن يفض الإشكال بالتى هى أحسن وينزع الصور ولكن أصروا على إطلاق النار.
■ هل تعتقد أن ورقة السنة والشيعة هى التى ستشعل الفتن والحروب فى الدول العربية خلال الفترة المقبلة؟
- فى اعتقادنا أن المشروع الأمريكى الذى يريد الهيمنة على المنطقة يريد أن يحاول إغلاق كل السبل أمام نمو حالة المقاومة ضد الكيان الإسرائيلى، فحاول إثارة الفتن الطائفية والخلافات بين القوى السياسية وتم إفشالها ولم يبق لديهم سوى ورقة إثارة الفتنة الشيعية السنية، وللأسف فإن هذه الأفكار تنطلق من حاضنة «دولة عربية» تمتلك التمويل والقدرة السياسية والنفوذ والعلاقات الدولية المتناغمة مع المشروع الأمريكى والغربى، هذه هى الورقة الأخيرة التى تُلعب فى المنطقة العربية.
■ موقف حزب الله من سوريا يحتاج توضيحا خاصة أنكم تناصرون نظاماً يقتل شعبه؟
- نحن منذ بداية الأزمة فى سوريا أطلقنا موقفاً واضحاً تماماً، فنحن مع ما يقرره الشعب السورى تماماً، فإذا أراد الإصلاح فنحن مع هذا الإصلاح.
ولكن أطلعونا على برنامجكم الإصلاحى وقيادتكم الإصلاحية، حددوا لنا مسار تطبيق الإصلاحات بالديمقراطية أم بالعصيان المدنى أم ماذا؟ ولكن قفزنا فى سوريا إلى المشهد الدموى بطريقة لم يسبق لها مثيل، شعرنا بأن المطالبين بالإصلاح أسقط ما فى أيديهم، لأن السلاح أصبح هو المنطق الذى يستخدم فى وجه النظام الذى بدوره يرد بالسلاح، والمشهد الآن هو مجاميع مسلحة ووافدون إلى سوريا مدعومون من قوى دولية وإقليمية، وخزائن الأرض تفتح لتدريبهم بدول مجاورة، والنظام مصرّ على أنه يبادل العنف بالعنف لأنه يرى نفسه المسؤول وهؤلاء يريدون تخريب سوريا وليس مجرد إسقاط النظام، وأمام هذا المشهد سوريا تحترق والمستفيد مما يجرى هم أعداء الأمة، ولذا نأينا بأنفسنا بوضوح عن إقحام لبنان فى أتون الأزمة السورية، وهنا أيضاً نختلف مع قوى 14 آذار التى تريد دعم الصراع المسلح ضد النظام فى سوريا.
■ ترددت أنباء عن إرسال حزب الله مسلحين لدعم النظام السورى، ما تعليقك؟
- ليس صحيحاً، لم ندعم النظام ولا هو فى حاجه لمسلحين، وعلى العكس من يدعمون المسلحين فى سوريا لديهم معسكرات فى شمال لبنان، واستوقفت قوات الأمن فى لبنان بواخر محملة بالأسلحة قبل تهريبها لشمال سوريا.
■ أثنى حزب الله على الثورة المصرية، كيف ترونها بعد حكم الإخوان المسلمين؟
- سررنا كثيراً بالثورة المصرية، ولكننا نتابع بترقب ما يحدث من أداء وسياسات تُعتمد من قبل السلطات الجديدة فى مصر، ولدينا أمل فى أن تسلك الأمور مسلكاً يواكب آمال وطموحات وتطلعات الشعب المصرى الوطنية والقومية، ويساورنا قلق لأن التحديات التى تواجه السلطات الجديدة ليست سهلة أو بسيطة، بعضها داخل المجتمع المصرى بل داخل السلطة نفسها وكذلك تحديات خارجية، وهو ما يحتاج إلى حرص دائم على أن يكون للشعب المصرى بجميع مكوناته المشاركة والمواكبة السليمة والجدية من أجل تصويب أداء السلطة.
■ هل كانت هناك حقاً خلية لحزب الله فى مصر أثناء حكم الرئيس السابق حسنى مبارك؟
- ليس صحيحاً، ولكن كان لدينا لبنانيون يحاولون تمرير مساعدات للجانب الفلسطينى، وإذا كان هذا العمل إرهابياً فنحن نؤكد على الملأ أن على الجميع أن يعرف أن الشعب الفلسطينى الذى حُوصر فى غزة ليدافع عنها يستحق الحياة، وأهل مصر هم من يؤيدون دعمه.
■ هل هناك تواصل بين حزب الله والرئاسة أو الرئيس المصرى؟
- تجرى اتصالات لكنها لم تصل بعد إلى تلك المرحلة.