x

تنظيف الشوارع بعد الثورة حاجة كويسة ولا وحشة؟

الثلاثاء 12-04-2011 22:04 |

بعد حدوث ثورة 25يناير انتشرت بين الشباب المصرى حملة تنظيف الشوارع ودأب الشباب يجمعون بعضهم البعض ويقسمون أنفسهم مجموعات ويقسمون الشوارع عليهم، لينظفوها باجتهاد لا بأس به وطفق خطباء المساجد يحثون الشباب فى خطبهم على المشاركة فى تنظيف الشوارع.


إذا نظرنا إلى تجمع الشباب لتنظيف الشوارع من بعيد فسنراه أمرا رائعا لكننا إذا نظرنا له ببعد أفق وتفكير سليم فسنجده أمرا ضارا للغاية بمجتمعنا المصرى، لأن الشباب بذلك يؤدون عملا ليس من عملهم ولا اختصاصهم وبرعونة شديدة يفتحون ذريعة لتقاعس عمال النظافة وإهمالهم عملهم المتمثل فى تنظيف الشوارع، اعتمادا على الشباب ومبدأ سد الذرائع موجود فى الشريعة الإسلامية بغرض منع إتاحة فرص لارتكاب المعاصى.


وفى الشريعة الإسلامية أيضا قاعدة فقهية تقول «درء المفاسد أولى من جلب المصالح»، والمفسد المقصود درؤه هنا هو فتح ذريعة لتقاعس عمال النظافة وإهمالهم عملهم المتمثل فى تنظيف الشوارع اعتمادا على الشباب.


أقولها بصراحة: من الحمق والسذاجة أن يسلم الإنسان بكل شىء ويصدق أى شىء ويسير وراءه ويؤمن به ويفعله دون أن يتبناه ويفكر فيه، وقد علم الفيلسوف اليونانى «سقراط» شباب أثينا عدم التسليم بالعادات والتقاليد القديمة دون التفكير فيها، فإن معظم شعبنا الآن لا يتحد إلا فى تنظيم المظاهرات والهتافات والحملات والاجتماعات والمؤتمرات فهو يعشقها، دون أن ينظر إلى مدى الاستفادة من هذه الأفعال ودون جدية فى الاستفادة منها وأن معظم شعبنا يتفنن ويكرس كل جهده فى غش بعضه البعض والنصب على بعضه البعض وتعطيل مصالح بعضه البعض.


ورأيت أيضاً مظاهرة عن الانتفاضة الفلسطينية نظمها حشد كبير جداً من الناس ولم تفد المظاهرة الانتفاضة الفلسطينية بشىء وعندما بدء جمع التبرعات التى تستفيد منها الانتفاضة فعلاً لم يشارك إلا عدد قليل جداً وانفض الحشد الكبير وسط ذهول شديد منى ، ورأيت آنذاك كيف يجرى شعبنا وراء الشعارات وترويج الإشاعات وتتملكه القابلية للاستهواء وعند وقت الجد والعمل الحقيقى لا الكلام لا تجد إلا القليل ممن رحم ربى، وخير الأمثلة التى يجدر ذكرها المقاطعة الاقتصادية التى يتحمس شعبنا لها دون أن يفهم نتيجتها ولو فهم نتيجتها لبعد عنها كل البعد، فإن الشركات التى يريدون مقاطعتها شركات عالمية لها فروع فى كل أنحاء العالم إذا قاطعناها فسيغلق فرعها فى مصر وستبقى باقى فروعها تعمل كما هى ولن تتأثر هذه الشركات بخسارة هذا الفرع مثلما سيتأثر العاملون فى هذا الفرع من شعبنا.


من أراد أن يفعل خيرا أو يفيد الناس فليفدهم بشىء حقيقى مجد وألا يخدعهم وليكن بعيد النظر وواسع الأفق وليفكر فيما سيترتب على فعله جيدا.


من ير اهتمام المصريين فى التظاهر المطالب برحيل الرئيس مبارك يعتقد أن مصر أقوى دولة فى العالم بقوة شعبها الذى كان يقف وقفة رجل واحد آنذاك، ويعتقد أيضا أن هذا الشعب إذا اتحد واجتمع على فعل شىء بنفس القوة والاهتمام والإصرار الذى اجتمع عليه لاستطاع بكل سهولة أن يفعل ذلك الشىء.


يجب أن نكون غيورين على وطننا وأن نتحد ونقف صفاً واحداً من أجل رفعة وطننا الحبيب ، ويجب أن نوقظ قلوبنا وعقولنا من غفلتهم ونعلم أن مصلحة الوطن من مصلحتنا الشخصية ونكف عن إيذاء بعضنا البعض وعن النقد الهدام وعن التمرد على الحكومة وعن الفساد ومحاولة الإصلاح بدلاً من هذا التمرد والكف عن النصب على بعضنا البعض فى كل شىء حتى لا نتعرض لرد فعل هذا النصب والإيذاء من كل منا ونظل فى صراع داخلى أهلى بدلاً من التكاتف.

محمود عبدالقادر

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية