أثناء الثورة انفجرت ماسورة الأغانى الوطنيه كعادتنا فى أى مناسبة، والجميع أشبع طرائف وغرائب الثورة كتابة، وكما كان مطبقاً على البلاد كلها حظر تجول تم عمل حظر تجول فى البيت من نوع خاص لا خروج لا مظاهرات لا ميدان التحرير وكان العقاب الأقوى هو سماعى لكمية الأغانى الوطنية التى ظهرت وتظهر وستتظهر، لا أنكر أننى أحب الكثير منها لكن ده بقى كتير أوى .. كفاية.. حرااااام، والمشكلة أن البعض منها استفزازى مثل أغنية ظل المطرب يردد طوال الأغنية «يلا نرجع مصريين» ده على أساس أننا مثلاً كنا موزمبيقين ولا كولامبوريين أو جايز فلبينيين، حتى الآن لا أفهم مغزى الجملة، الأمر الذى ذكرنى بالشعار الذى وضعته أغلب القنوات الفضائية أثناء الثورة وهو «لا للتخريب»، أظن أن هدفه أن (يرتجع) البلطجى (الوحش) عن أفعاله الدنيئة عندما يرى الشعار ويتأثر، نعود للأغانى لأجد أغنية أخرى يكشف المطرب بها النقاب عن اكتشافه المذهل، ألا وهو أن «البلد بلدنا»، وظنى هنا أنه اكتشف أن عقد تأجير البلد إيجار جديد طلع مزور وفرح بهذا الخبر، وأغنية أخرى يقول فيها المطرب «مصر عايزة الشغل مش عايزة الأغانى» لأسأله (أمال إنت بتعمل ايه؟؟؟)، وأخرى يشبه المطرب على أحد ويذكره بطابور العيش لأرد على الفور (أكيد مش هو لأنى لا أظن أنك وقفت فى طابور العيش من قبل)، وأما أغنية «شهداء 25 يناير» لن أقف عندها كثيراً، يكفى ما نالتها من نقد وسخرية جعلت البعض يطلق أغانى على غرارها أمثال «ملفات أمن الدولة.. اللى لاقيناها فى أمن الدولة» و«استفتاء 19 مارس.. اللى كان فى شهر مارس».
بعض المطربين أثناء اختيارهم للأغانى طغت عليهم رغباتهم الدفينة فـ«عمرو دياب» بأغنيته «مصر قالت» تذكرك برغبته بأنه كان نفسه يبقى صحفى، ومحمد منير بـ«إزاى» كان نفسه يكون وكيل نيابة، ومحمود العسيلى بـ«أجزاخانة» كان نفسه يكون صيدلى.
هذا بالإضافة إلى الأغانى التى أنتجت فى السنوات الماضية التى تتحدث عن النيل والهرم والشمس، لدرجة تجعلك تعرف بقية الأغنية من قبل أن تبدأ، أو التى تحدثك عن أنك أكيد فى مصر لأنك تشاهد مشاهد معينة (تم تمثيلها)، لا أنكر أن هذه الأخلاق والتصرفات موجودة بمصر، لكن ليس بها وحدها أو بالنيل والهرم سأعرف أننى بمصر، فــمصر لن تنتهى الكلمات بها من غير هذه الأكليشهات المحفوظة عن ظهر قلب.
وأصبحت الأغنية الوطنية لها مواسم، فبعد أن كانت مواسمها كل سنتين مع بطولة الأمم الأفريقية أصبح لها موسم آخر وهو الثورات.. وكل ثورة وأنتم طيبون.
آية جمال