عدد كبير من المثقفين المسلمين المتحضرين.. خاصة ممن يستخدمون الفيس بوك يطالبون بإلغاء المادة الثانية من الدستور أو على الأقل تعديلها ليصبح التشريع مستمدا من مبادئ الشريعتين الإسلامية والمسيحية تحقيقا لمبدأ المساواة (الذى هو أصلا جزء من الشريعة الإسلامية، لكن المتشددين يرفضون المساواة فى هذه النقطة تحديداً)!!
المدهش أن عددا غير قليل من المسلمين (من أنصاف المثقفين) هاجموا هؤلاء المثقفين المستنيرين بشدة وبطريقة تقترب من الشتيمة والبذاءة!!.. بل إن أحد الشعراء الذين يفترض فيهم رقة الحس والمشاعر وصف كاتبة ليبرالية متحضرة بـ«يا بعيدة» و«ربنا يهّدك» و«إنت ما بهمديش» (شوف الألفاظ الراقية!!).. بل إنه تمادى فوصف تلك الكاتبة بأنها من صراصير المثقفين.. وتمادى أكثر فتطاول علىَّ أنا أيضا لاعتراضى على أسلوبه الذى يفتقر إلى اللياقة، مستخدما ألفاظاً مثل «حضرتك مابتفهمش»، وقد وصفها ووصفنى بهذه الألفاظ المتدنية لمجرد أنها طالبت بإلغاء المادة الثانية من الدستور.. ولمجرد أننى دافعت عن حرية رأيها!!..
وبغض النظر عن رأيى فى إلغاء تلك المادة أو تعديلها.. فإننا جميعا يجب أن نتفق على تقبل الآخر.. يجب أن نتخلص من ميراث الديكتاتورية الذى اكتسبناه رغما عنا من النظام السابق.. فهناك كثير من المثقفين للأسف لا يعرفون سوى الجانب الفوضوى من الحرية!!
فإذا كانت ثورة يناير قد قامت من أجل الحرية فلماذا ترفض أن يعبر غيرك عن أفكاره، حتى لو اختلف معك طالما أنه يطرحها بمنتهى الأدب والتحضر؟.. وإذا كانت الحرية تعنى بالنسبة لك أن تتطاول على غيرك بهذه الطريقة المتدنية، فيؤسفنى أن أخبرك بأن الفاصل بين الحرية والفوضى شعرة!!.. وقد قطعت أنت هذه الشعرة!!..
وإذا كانت أخلاقيات الإسلام تسمح لك ولغيرك بأن يختلفوا مع الآخرين بهذه الطريقة غير الحضارية، فيا أهلا ومرحبا بحذف المادة الثانية من الدستور!! إننى أرجو أن نبدأ عصرا جديدا نتنسم فيه عبير الحرية.. وأن نسعى لنشر ثقافة تقبل الآخر.. وأن يدرك كل منا أن الحرية مسؤولية ثقيلة.. وأن الفاصل بين الحرية والفوضى شعرة، من السهل أن تنقطع.. فحافظوا على تلك الشعرة.