قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، السبت، إنها رصدت ظهور «نظام جديد للعدالة الإسلامية، موازٍ للنظام الحكومي في سيناء»، وهو ما سمته بـ«نظام القضاء الإسلامي»، والذي يعمل كمحاكم تنظر فى قضايا وتصدر أحكاماً وفقا للشريعة الإسلامية، الأمر الذي اعتبرته يجعل شبه الجزيرة تتخذ أبعاد دولة فرعية إسلامية.
وقالت المجلة في تقريرها الذي نشرته الجمعة، إن الأوضاع الأمنية تدهورت فى سيناء كما أن العدالة بها بطيئة والشرطة قليلة ومتباعدة، فضلاً عن اختطاف سيارات الداخلية في وضح النهار، وتعرض الضباط للاستيلاء على أسلحتهم في مناخ من اللصوصية والخروج عن القانون.
وأضافت المجلة أن سيناء أصبحت بعد ثورة 25 يناير، ملاذاً للجماعات الإسلامية المتشددة، مشيرة إلى أنه على الرغم من الأهمية الاستراتيجية لشبة الجزيرة إلا أنها من بين أكثر المحافظات فقراً وأكثرهما هامشية من الناحية السياسية.
وتابعت: «اتخذت سيناء، بشكل متزايد، الخصائص المميزة للدولة الانفصالية التي تلعب بقواعدها الخاصة في الفراغ الأمني الذى خلفته الدولة البوليسية التي أنشاها الرئيس السابق حسني مبارك».
ومضت تقول إن «صبر بدو سيناء نفد مع عدم قدرة الحكومة على السيطرة على جرائم العنف والاتجار بها، حيث تخلت عنهم الدولة التي تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية».
وأوضحت المجلة أن سكان المحافظة لجأوا لتطبيق نظام العدالة الإسلامية، قائلة إن القبائل البدوية في سيناء قد أخذت الأمور الأمنية على عاتقها وأدارت نظاماً قضائياً من خلال محاكم غير رسمية تعتمد بشكل متزايد على الشريعة الإسلامية.
وأضافت أنه فى حين شكى السلفيون المحافظون من أن الدستور الجديد لا يوجد به دور قوي للشريعة، فإن المعركة على الشخصية الدينية للإطار القانوني المستقبلي قد فاض فى سيناء، حيث استغل الإسلاميون الفراغ القانونى وقاموا بتنظيم محاكم غير رسمية تطبق رؤيتهم للعدالة الإسلامية، بحسب قولها.
وتابعت: «هناك نظاماً جديداً للعدالة الإسلامية موازى للنظام الحكومى في سيناء، وهو ما يجعلها تتخذ بشكل بطىء أبعاد أدولة فرعية إسلامية».
ونقلت المجلة عن الشيخ مرعي عرعر، قائد الحركة السلفية في رفح، قوله إن هناك على الأقل ستة لجان شرعية تعمل الآن فى شمال سيناء، فى كل منها يوجد حوالى خمسة من شيوخ القبائل، وأغلب هؤلاء الشيوخ لم يحصل على تدريب قانوني رسمي.
وأضاف «عرعر»: «نحن لسنا بحاجة للشرطة، فاللجان تعتمد على الشريعة»، ولكنه أكد، في الوقت ذاته، على أنه يعمل على تحسين العلاقات مع الشرطة، كما حاول شيخ آخر إقناع وزارة الداخلية بالسماح لضباط الشرطة بتنفيذ الأحكام الإسلامية.
وأشارت المجلة إلى أن هذه المحاكم تعمل فى أماكن غير متوقعة مثل قبو المنازل، لافتة إلى أن القضايا التي يتعاملون معها خطيرة مثل تلك التي يتعامل معها النظام القضائي الرسمي، وتتراوح ما بين السرقة إلى النزاع على الأراضي إلى القتل، أما العقوبات المقابلة لهذه الجرائم، فهي مستمدة من الفقه الإسلامي، وتشمل الدية، وفترات صيام، أو غرامات تدفع على شكل جمال بدلا من الأموال النقدية.
ومضت تقول إنه فى حين أن هذه العقوبات خفيفة نسبياً، فإن بعض المشايخ يقولون إنهم يتطلعون إلى تنفيذ الحدود الإسلامية، بما في ذلك الرجم وبتر اليدين للصوص، لكن حتى الآن، فإن اللجان ليست بقوة تنفيذها، فبدون الاعتراف أو الدعم من النظام القضائي الرسمي، فلن يكون لأحكامهم ثقل.
وختمت «فورين بوليسي» تقريرها بالقول إنه طالما أن النظام القضائي الرسمي لا يزال مشوهاً من قبل إرث من الفساد وعدم الكفاءة، فإن اللجان الشرعية وجدت لتبقى، معتبرة أن مدى نجاحهم في نحت دولة شبه إسلامية في سيناء يعتمد على ما إذا كان يمكن لحكومة الرئيس محمد مرسي إعادة تصنيف مؤسسات الدولة كضامن ذي مصداقية للعدالة والأمن.