الجامعات المصرية تقترب من كارثة مؤلمة سوف تطيح بالتعليم الجامعى بصفة خاصة والتعليم المصرى ككل بصفة عامة! فالجامعات تستعد لتطبيق ما يُسمى الساعات المعتمدة Credit Hour System، هذا النظام الرائع المطبق فى الجامعات الأمريكية والكندية وبعض الجامعات الأوروبية من المستحيل تطبيقه فى الجامعات المصرية لعدة أسباب أساسية:
- (عدد الطلاب): فمن غير الممكن تطبيقه فى ظل وجود أعداد كبيرة من الطلاب، بل ينبغى أن يُطبق على مجموعات صغيرة، فإذا افترضنا أنه سيتم توزيع الطلاب على مجموعات صغيرة، فستنشأ المشكلة التالية.
- (عدد أعضاء هيئة التدريس): النظام يتطلب توافر عدد كبير من الأساتذة فى الوقت الذى تعانى فيه الجامعات المصرية من نقص حاد فى عدد الأساتذة نتيجة انشغالهم بالتدريس بالجامعات الأجنبية والخاصة، نظراً لتدنى الرواتب، وإذا افترضنا أنه أمكن تدبير العدد الكافى من الأساتذة، فستنشأ المشكلة التالية.
- (الأماكن المحدودة): النظام يتطلب تدريس جميع المقررات الدراسية فى كل فصل دراسى، وهذا يتطلب توافر عدد كبير من قاعات المحاضرات والمعامل والأجهزة، وهذا مستحيل، إذ أن الكثافة الاستيعابية لكل كلية محدودة لا يمكن زيادتها، وإذا افترضنا أنه تم توفير الأماكن اللازمة، فستنشأ المشكلة التالية.
- (عدم الخبرة لدى السادة الموظفين فى إدارة التسجيل بالكليات فى كيفية تسجيل المقررات الدراسية للطلاب والانسحاب منها)، وهذا ليس عيباً يكمن فى الإخوة الموظفين والموظفات، لكنه يكمن فى النظام الذى اعتادوا تطبيقه عشرات السنوات، وبالتالى لا يمكن لأعضاء هيئة التدريس تحمل هذا العبء الإدارى!
من هذا يتضح أن المشكلة متشابكة ومتعددة الأطراف.. وتصديقاً لما أقول، أمامى مثالان حقيقيان، أولهما: فى كلية العلوم جامعة الإسكندرية ذات الأعداد الطلابية المحدودة، فنقلاً عن أساتذة أفاضل بالكلية، (مسبقاً إدارة كلية العلوم سترفض هذا الكلام لأن الصورة عندها وردية جداً)، يقوم الأساتذة بأنفسهم بتسجيل المقررات الدراسية للطلاب والانسحاب منها، بالإضافة إلى التعارضات الشديدة التى تحدث عند وضع جداول الامتحانات النهائية مع محدودية الأماكن المتوافرة..
ثانيهما: فى بعض الكليات العملية بجامعة الإسكندرية، يوجد نظام البرامج العلمية المتخصصة والذى يتم تطبيق نظام الساعات المعتمدة بها نظراً لقلة عدد الطلاب، لكن المشكلة تكمن فى أن الذى يقوم بنفسه بتسجيل المقررات الدراسية للطلاب والانسحاب منها أساتذة أفاضل لهم فى درجة الأستاذية ما يزيد على عشر سنوات، فعوضاً عن الانشغال بالبحث العلمى، انشغلوا بأعمال إدارية بحتة!
الذى أتوقعه أو ربما أشتم رائحته، أنه نظام سيتم تطبيقه على الورق فقط ويعلن عنه فى الجرائد وتصرف له المكافآت المالية المخصصة لذلك، لكن على أرض الواقع فإن النظام القديم سيظل سارياً، وهنا تكمن مشكلة ضمير أستاذ الجامعة!
إننى أناشد السيد رئيس الجمهورية التدخل فى حل تلك المشكلة التى ستدمر التعليم فى مصر وسنصير أضحوكة أمام العالم كله!
نظام الساعات المعتمدة رائع بالنسبة للجامعة والكلية والأستاذ والطالب، لكنه يتطلب عناصر وشروطاً معينة غير متوافرة لدينا، لن ينفع الندم بعد ذلك، ولن يجدى البكاء!