بقدر ما أثارته ثورة 25 يناير من بهجة عظيمة لدى الشعب المصرى المتعطش للحرية والكرامة، بقدر ما أثارته لدى شعب سيناء من رهبة وخوف وفزع، قتلت فى أعماقه، وفى الوقت غير المناسب، فرحة الانتصار التى كان يترقبها ونشوة التغيير الذى كان ينتظره.
الذى يحدث الآن فى مدن شمال سيناء عموماً وفى عاصمتها العريش، على وجه الخصوص، يفوق تصور أى بشر ينتمى لهذا الوطن الرائع!!.. نحن نتفهم حنق الشعب على سماسرة الحزب الوطنى الراحل.. وعلى بلطجية الداخلية البائدة.. وما تبعه من سلوكيات لا يقبلها إلا أعداء الوطن من تدمير وحرق لمنشآتهما فى كثير من محافظات الجمهورية.. أما الذى لا نفهمه ولا نجد له أى تفسير فهو هذا التخريب والدمار المتعمد، الذى يمارس ضد منشآت الوطن.. مخازن الدقيق.. مدارس حكومية.. منشآت للضرائب والتموين.. البنوك.. السيرك القومى وخلافه حتى الآن.. ولا ندرى ما يحمله رحم الغيب من أشباح ومخاطر تهدد بالإحراق والتدمير والنهب والسلب للمنشآت المدنية والحكومية، وربما تتعدى ذلك إلى المراكز التجارية والمتاجر والنوادى والبيوت!!
اللجان الشعبية لا تستطيع التصدى لهذه العصابات التى يملك أفرادها، مجهولو الملامح، العديد من الأسلحة المختلفة ما يفوق أسلحة الداخلية!! خطباء المساجد لم يدخروا جهداً فى النصيحة.. والمثقفون والأدباء يستنكرون.. والكل يترقب الانفجار العظيم!!
كنا نطمح أن نقطف لمحافظة شمال سيناء بعضاً من ثمار ثورة 25 يناير المقدسة كونها محافظة حدودية تربض على خط المواجهة مع العدو الإسرائيلى المتربص دوماً.. كنا نطمح فى ثمار تنمية حقيقية فى جميع المشاريع الإنتاجية.. كنا نطمح ونحن فى أجواء الثورة الجديدة محاسبة من ابتاعوا أراضى سيناء بالزهيد من الأموال.. ومحاسبة من عطلوا مشروع سيناء القومى وخط السكة الحديد.. كنا نطمح ونطمح ونطمح!! لكن المشهد الحالى يدفعنا دون إرادة لنسيان كل هذه الطموحات حالياً، والبحث عن الأمن والأمان.
من هنا.. ونحن نعلم ونتجرع قيود اتفاقيات كامب ديفيد المكبلة لمستقبلنا كدولة تجعلنا نشعر بأننا مازلنا نعانى الاحتلال فى هذا الجزء من الوطن، ونحن نستأذن عدونا فى وطننا وفى الطريقة التى تحفظه وتنميه.. ومع هذا فنحن فى شمال سيناء نستغيث بالجيش المصرى لإصلاح ما أفسدته الداخلية فى السابق من تأليب القبائل ونشر الفتن والصراعات، وإثارة البلابل والاستعانة بالعصابات لإخافة الناس.. ما نتج عنه الآلاف من قطع الأسلحة الحديثة المنتشرة فى المدن والقرى والجبال!! اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد.. وختاماً تحية لأرواح الشهداء.. ولشعب مصر.. ولجيشها العظيم.
العريش