x

الخطاب الدينى التائه

الخميس 20-01-2011 08:00 |

تعددت خلال الآونة الأخيرة الآراء والتفسيرات والتحليلات المختلفة للأحداث الدامية لكنيسة القديسين بالإسكندرية، وكلها تصب فى خانة التخمينات حول التدخل الخارجى، أو المتهمين لأجهزة الأمن بالتقصير فى التعامل مع الحادث، أو بين الذين يجزمون بضلوع الموساد الإسرائيلى أو تنظيم القاعدة، وإشارات عابرة بدخول إيران على الخط..

هى مجموعة اتهامات سابقة التجهيز دون انتظار للتحقيقات، بينما لم يتطرق البعض منهم إلى التأكيد بأن الفاعل الحقيقى قد لا يكون هذا ولا ذاك، وإنما المؤكد فى رأيى هو غياب «منظومة التعليم» التى تسببت فى تخلف العقول وضياع الخطاب الدينى من الجانبين الإسلامى والمسيحى، بعد اضمحلال ثقافة الفكر التنويرى وغياب الحكمة، فانهارت مقاومة جسد الأمة وترعرعت فيه المفاهيم السلفية المستوردة، فى الوقت الذى كانت فيه مصر القوية منذ فجر التاريخ نبراساً للفكر المستنير وبيئة صالحة لازدهار التعليم الذى تؤكده النقوش الفرعونية فوق جدران المعابد، والتى مازالت تحير الباحثين والعلماء بشتى بقاع العالم فى فك رموزها وحلول ألغاز بناء الأهرامات، وقدرة المصريين على توجيه تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى مرتين فى العام منذ آلاف السنين!!

 فكيف ينحدر مصير هذه الأمة إلى ما نحن فيه الآن، بعد أن تجاوزت نسبة الأمية أكثر من 80٪؟ ويبقى الأمل معقوداً على حكماء هذا الوطن فى ضرورة خلق منظومة تعليم جيدة قادرة على تهيئة الشعب للدفاع عن كيان الأمة وإفاقته من عثرته، لأن استنارة العقول بالتعليم الجيد هى الكفيلة بحفظ أمن الدولة فى مواجهة الإرهاب والتخلف وسد الفراغ الذهنى الذى باتت تعشش فيه طيور الظلام بالتعاون مع سيادة الفقر.

ولقد كرم الخالق عز وجل الإنسان وأمره بأن يقرأ لأن القراءة مرتبطة بالتعليم وتفعيل العقل والبحث العلمى حتى قيام الساعة، وفى البدء كانت الكلمة التى يجب أن يتبناها كل من يعتلى منابر الخطابة فى المساجد والكنائس والفضائيات التى أصبحت «سداح مداح»، وعليهم أن ينبذوا دعوة تكفير الآخرين وأن يتعلموا من سماحة وحكمة وحنكة شيوخنا السابقين والقساوسة الذين قادوا معاً مشاعل التنوير وتبنوا الخطاب الدينى السليم واضح العنوان قبل أن يتوه ويضل طريقه.

 السويس

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية