اعلم تماماً أن هذا الموضوع الذى أرجو من الله أن أوفق فى عرضه، موضوع غاية فى الحساسية والصعوبة، وربما الإحراج، لكن لا مفر من مواجهته ذات يوم، وأعتقد أن التعجيل بهذا اليوم أمر محمود!! أود أن أتكلم عن جانب المجاملة فى امتحانات الشفوى بكليات الطب، الأمر الذى تعايشنا معه، وتسامحنا فيه، وصبرنا عليه طويلاً وتركناه حُباً أو كُرهاً (الله أعلم) ينمو ويتطور!!
لقد بدأ الأمر بتوصيات وقائية، اتقاء لأثر تشدد بعض الأساتذة وشحهم -إذا صح التعبير - عند منح الدرجات مقابل سخاء آخرين واعتدال الباقين، وتدرج الأمر من طلب ملاحظة عدم وقوع نقص فى الدرجات المستحقة، إلى طلب إعطاء درجات غير مستحقة!! وتعددت السبل لذلك، بالإلحاح أحياناً وبالإحراج أحياناً، وربما بالمضايقة أو المساومة، ودخلت المسألة فى ملاءمات ومواءمات فى قليل من صورها، وقد أدى كل ذلك إلى صعوبة معالجة الأمر على المستوى الفردى - أقول صعوبة وليس استحالة.
لقد أغفلنا جميعاً حينما فتح هذا الباب (باب المجاملة) أنه لا يمكن التحكم فيه أو ضبطه عند حدود عدم التجاوز، ونسينا أو تناسينا أن فائدته اللحظية لأى مستفيد سوف يعقبها ضرر دائم عليه وعلى الجميع، فهناك دائماً من يأخذ أكثر.
إن السواد الأعظم من أساتذة كلية الطب يودون أن يتحرروا من هذا العبء الثقيل الذى شاب نزاهتهم وأنقص من هيبة نتائج كليتهم.. ولما كنا جميعاً تركنا هذا الأمر ينمو فإنه يتحتم علينا جميعاً أن نعالجه بحكمة ونغلق هذا الباب من أوله لآخره!
إن وضوح العدالة فى سير الامتحانات الشفوية سوف يطمئن أصحاب التوصيات الوقائية وأحسبهم الأغلبية، وهم بدورهم سوف يغلقون باب التجاوزات ويطمئن الجميع.. هل نبدأ؟.. يارب.