وكأنه المشهد الأخير من فيلم (شىء من الخوف)، وقد أعيد إنتاجه فى تونس 2011، محمد بوعزيزى هو محمود ابن الشيخ إبراهيم الذى قتله عتريس يوم عرسه، نعم قتل بوعزيزى ولم ينتحر، قتل بنار القهر والكمد والظلم التى أشعلها النظام المستبد فى داخله، ولم يجد وسيلة لإطفائها إلا بنار خارجية أشعلها فى نفسه!!
قتل وهو يبحث عن الحياة متمثلة فى فرصة عمل، كما بحث عنها محمود فى عروس جميلة أحبها وأحبته، قتل بوعزيزى فاحترق قلب أبيه وأهله عليه، كما احترقت قلوب الدهاشنة والشيخ إبراهيم على محمود، فتحول التوانسة إلى دهاشنة تقودهم روح بوعزيزى إلى حريتهم المفقودة، وكأن روح بوعزيزى كروح محمود لم تشأ أن ينقلب الزفاف إلى مأتم فجعل من مأتمه أجمل وأبهى زفاف، زفاف شعب إلى أجمل وأرق وأحلى عروس.. إنها الحرية.. لم يعد فى قلوب التوانسة شىء من الخوف، نزعته روح بوعزيزى من قلوبهم وتركت الخوف كله لعتريس ورجاله، البنادق فى أيديهم تطلق الرصاص على العزل، وقلوبهم وأجسادهم ترتعد خوفاً..
مات بوعزيزى فأحيا شعباً بأكمله، وأحيا أملاً فى قلوب كل دهاشنة، وأى دهاشنة فى أى مكان فى العالم.. انتهى أمر عتريس وحيداً خائفاً يبحث عن أرض تقبل طاغية مطروداً مطارداً، ولسان حاله يقول فليحذر كل عتريس فى الأرض، فالدهاشنة قادمون مهما طال غيابهم!!
