فى ذكرى ميلاد الزعيم الخالد جمال عبدالناصر، أشم رائحة الموت حولنا، موت تعددت أسبابه وتجلى لى فى أثواب عدة، موت محلى، وموت إقليمى، وموت تخطى حدود الإقليمية!! موت راح ينشب أظافره وأنيابه وأسنانه ويعمل أضراسه، وفى ذات الوقت يرقص على أشلائنا ويخرج لسانه بعد أن يبصق باشمئزاز، ماتت هيبتنا وريادتنا وصوتنا المؤثر ورؤانا التى لا غنى للمنطقة عنها وأيادينا على الغير الذين قدروا جميل صنعنا وغربت شمسنا التى كم أشرقت على منطقتنا والمناطق الحالمة بالنهار، تمزقت قطعة القماش التى غزلناها ونسجناها لتستر بقعتنا العربية والحالمين بالستر أينما وجدوا فبانت وتعرت كل مواضع العورة، وصرنا فرجة لكل ذى عينين، ولكل باحث عن التشفى، وصرنا يوسف وكل خلق الله إخوة يوسف الباحثين له عن مصيبة تزيحه عن طريقهم!!
تكالبت علينا الدول التى تتشدق بأنها صديقة وما هى غير عدو لعين، تحللت الطبقة المتوسطة التى كانت مركز اهتمام القيادة، سقطت فى غفلة من أولى الأمر، انزلقت إلى تحت خط الفقر وباتت من الأموات الذين ليس لهم حانوتى يدفنهم بعد أن عجزوا عن الحصول على كفن ورغب عنهم العالمون وبخلوا عن تلقينهم الشهادة وتسبيل عيونهم، وبسبب ما حل بمياه النيل أفتوا بشرعية الدفن بدون تغسيل. تم استنساخ داحس والغبراء وتزويد المنطقة العربية بالعديد منها وصار لكل قطر داحسه وغبراؤه الخاصان، وبين كل قطر وآخر داحس وغبراء، وبين كل قطر عربى ودولة مجاورة غير عربية داحس وغبراؤه، وبين العرب مجتمعين وبين إيران ألف داحس وألف غبراء، وبين العرب ونظرية المقاومة والجهاد ملايين الدواحس وملايين الغبراوات.
فى ذكرى ميلاد الزعيم عبدالناصر يطيب لى الحديث عن تحقيقنا أمنيات كم تمناها وعمل من أجلها عبدالناصر، حيث السودان الذى يمثل عمق أمننا القومى فصار أمننا القومى ذاته، إذ وفر لنا الكثير بوجود إسرائيل فى دولة جنوب السودان، وسيوفر الوجود الأمريكى فى غربه أى فى دارفور، وسوف يوفر لنا تواجد كل الأحبة على حدودنا الجنوبية، وفى ذكرى ميلاد عبدالناصر نزف البشرى حيث حلف بغداد صار اليوم حلف البصرة وحلف بغداد وحلف أربيل وألف حلف على الطريق، وتحول الصومال إلى «صواميل» ومفكات حيث تفكك، ولبنان الحلو يريدون له أن يكون حامضاً ومُرّا وعلقما، وجزائر جميلة بوحريد والمليون شهيد يرغبون فى أن يكون بلد المليون مشجع لكرة القدم فى وجه مليون مشجع مصرى عائدين من مونديال الصفر!!
أكتب فى ذكرى ميلاد الزعيم رغبة فى جلد الذات التى فقدت هويتها وصارت ممسحة على أعتاب عالم اليوم الساعى إلى صناعة شرق أوسط جديد من بقايا جلد أحذية قديمة.
أكتب فى ذكرى ميلاد عبدالناصر والخجل والكسوف، والخيبة والعار والذل تلجمنى وتقول لى «جاتك خيبة إنت وكل العرب»!!
مدير بالشهيد عبدالمنعم رياض الثانوية بسوهاج