كان السبب فى جاذبية لعبة الـ«اسنوكر» بالنسبة لى هو أننى كنت أراها دائما لعبة راقية جدا تحتاج إلى تركيز شديد، تصميم، هدوء، تحكم فائق فى الأعصاب أثناء اللعب، ذات طابع أرستقراطى قليل بسبب عدم جماهيريتها فى مصر. والـ«اسنوكر» لمن لا يعرفها هى لعبة من ألعاب البلياردو المتقدمة وتجدوها طاولة كبيرة أكبر مرتين تقريبا من طاولة البلياردو العادية ومليئة بالكرات الحمراء الصغيرة. وتمتلك مصر مجموعه جيدة من اللاعبين الجيدين على المستوى العربى والأفريقى ولكن مازال فارق المستوى بين منتخبنا مثلا ومنتخب إنجلترا فارق لا يسمح لهم حتى بأن يلاعبونا بالأشبال.
المهم كان لى نصيب أن ألعبها فى فريق أحد النوادى الرسمية وهو نادى البلدية بالمحلة الكبرى وهى للحق لعبة فائقة المتعة لدرجة لا توصف لمن يجيدها.
ولكننى لم أتخيل أن يكون حال مثل هذه اللعبة الراقية كما رأيت، فذات يوم وجدت أحد أعضاء الفريق ينادى علىَّ ويقول لى إن هناك أحد الفرق يريد استعارتى أنا واثنين آخرين للعب لحسابه فى الموسم القادم، قلت له أى فريق قال لى فريق نادى الرياضات البحرية بالمحلة الكبرى.
مممممم رياضات بحرية؟؟ وفى المحلة الكبرى؟؟!!! فى الواقع لا يوجد أى مسطح مائى فى المحلة الكبرى باستثناء الترع والمصارف التى توجد فى القرى المحيطة بالمدينة، قلت له هذا وأنا أتخيل النادى يكرمنا فى حال فوزنا برحلة صيد بحرية فى إحدى الترع وغرقت فى خيالاتى وأحد القراميط التى اصطدتها يأخذ جائزة عالمية فى الصيد الترعى حتى أفقت على صوت صديقى وهو يشدنى إلى جانب من الصالة ويقول لىسأشرح لك.
وأوضح لى أن الاتحاد يدعم النوادى التى بها أنشطة رياضية ولما كان نادى الرياضات البحرية ليس به أى نشاط كما يبدوا فوضعوا فيه هذا النشاط حتى يتم دعم النادى.
قلت له: حتى الـ«اسنوكر» بقى سبوبة.. ما علينا المهم يا سيدى هل سنأخذ فلوس على اللعب قال لى: نعم ولكن ليس كثيرا قلت له: لا بأس المهم أن نلعب ونستمتع، وتمت استعارتى أنا وثلاثة من أصدقائى المقربين وأحدهم كان مدربى أيضا لنكون أول فريق اسنوكر لنادى الرياضات الترعية أقصد البحرية بالمحلة الكبرى،ونصحنى مدربى بأن أتأكد قبل التوقيع أن العقد مكتوب به «لمدة موسم واحد فقط» حتى أستطيع آخذ ورقة الاستغناء بسهولة بعد انتهاء الموسم وأستطيع بعد ذلك الالتحاق بأى فريق أريده.وتم تكوين الفريق وكنا لا نجد مجلس إدارة لهذا النادى أو أى إدارى لنعرف منه أى تعليمات لنا من النادى فتعاملنا مع كل شىء بأنفسنـا خاصة ونحن أصدقاء قبل أن نكون فريق واحدوسمينا فريقنا فريق «عم الحاج» وكنا أشبه بفريق كاوبوى فى وسط الفرق الأخرى لأننا لم يكن لنا كبير إلا أنفسنا.
كنا نضحك ونستمتع ثم نتدرب بجدية خارقه وهكذا دواليك ولكن كنا نلعب جيدا الحمد لله وكنا نتدرب فى صالة نادى بلدية المحلة الكبرى وهى للحق إحدى أفضل صالات الـ«اسنوكر» بمصر.
وبدأنا البطولة.. فى أول مباراة لى فى البطولة تمت كتابه اسمى فى جدول المباريات وبجانبه اسم النادى مما لفت نظر الكثيرين الذين تعجبوا من وجود نادى للرياضات البحرية فى المحلة الكبرى، ولكنى لم أقع فى مأزق إلا مع اللاعب الذى يلاعبنىفقد بدأ قبل المباراة يتكلم معى ويقول لى: أنت عضو فى نادى الرياضات البحرية؟ يا ترى نشاطاتكم إيه ؟ أصلى عضو برضه فى نادى الرياضات البحرية بشرم الشيخ مممممم.
ماذا أقول له؟ قلت له: بصراحة أنا جديد على النادى ولم أنخرط بعد فى النشاطات ولكنى سوف أعرف أكثر مع الوقت عنها. ثم انهمكت أنظف عصا اللعب الخاصة بى من شىء لا وجود له فى محاولة للهرب من الكلام المهم انتهت البطولة وفريق عم الحاج انهزم شر هزيمة خاصة أن اللاعب عضو الرياضات البحرية هذا بشرم الشيخ هزمنى ولم يراع أننا أعضاء فى ناد واحد، ولإن قابلته فى أحد البحار التى نصيد فيها لسوف ألقيه فى البحر هذا الـ... المهم انتهت البطولة والآن لابد أن آخذ ورقة الاستغناء من النادى حتى ألعب فى ناد من النوادى اللى بجد بقى لكن أى نادى؟ أين أصلا هذا النادى الآن أدركت شيئا مهماأنى لا أعرف أين يقع نادى الرياضات البحرية هذا بالمحلة الكبرىصديقى ومدربى تكلم مع رئيس المنطقة الذى وصف له النادى وقال له على اسم رجل هناك ليوقع لنا ويختم ورقة الاستغناء.
وذهبت معه إلى هناك.. نادى الرياضات البحرية بالمحلة الكبرى يرحب بكم كانت تلك الجملة مكتوبة على لافتة كبيرة جميلة موضوعة على كشك لبيع السجائر والكشك يقع على بداية أرض فضاء ويبدوا أن هناك من يلعبون الكرة بها فهم يضعون بعض قوالب الطوب كبديل عن المرمى، فقررت أن أسأل صاحب الكشك، فقال لى: اؤمر يا أستاذ أيوه هنا نادى الرياضات البحرية، سألت: هنا فين؟، فأجاب «أيوه هنا يا أخ إنت عاوز إيه؟ عاوز تأجر الأرض علشان تلعبوا كورة؟ الساعة بـ20 جنيه يا خويا.. بانفعال أجبن: ساعة إيه يا عم انت وأؤجر إيه، أنا عاوز الاستغناء بتاعى أنا فى فريق الـ«اسنوكر»!
حينها أخرج ورقة وملأها ثم أخرج خاتم النادى من درج الفلوس وختم لي، وانتهت مدة إعارتى إلى النادى العالمى نادى الرياضات الترعية بالمحلة الكبرى.
