x

فى ذكرى مباراة مصر والجزائر.. يا 1000 خسارة

الثلاثاء 21-12-2010 18:07 |


لا صوت يعلو فى مصر والجزائر فوق صوت تلك المباراة.. وقد كانت مباراة القاهرة وتبعتها مباراة أخرى فاصلة فى السودان وذهبت الجزائر إلى المونديال وعادت مثلما ذهبت.


كانت مباراة فى كرة تركل بالقدم سببا فى حرب دون مدافع أو طائرات.. حرب كراهية استخدمت فيها الدولتان كل ترسانتهما الإعلامية والحنجورية تارة والسياسية والاقتصادية تارة أخرى، عاما مر دون أن يحاسب أحد.. لم نقف وقفة جادة أو حتى هزلية لتقييم مسببات ونتاج هذا الجنون الذى شهده نوفمبر قبل الماضى، إذ إن استرجاع مسلسل الأحداث ليس بالصعب على من يريد أن يتعلم من خطاياه.


فقد وجد المصريون أنفسهم غرقى أغانى وطنية وحماسية جليلة كانت يوما ما تغنى لجنودنا البواسل فى ميدان الجهاد، إذا بها تستخدم لشحذ همم لاعبين فى مبارة كرة، صحونا فجأه على شلالات الكرامة المصرية المنهمرة من قنوات الإعلام المصرى رسمى وخاص.. الكل يتبارى فى إظهار حبه لمصر.. لا بشىء إلا السب واللعن لكل ما هو جزائرى أو عربى.. تطاول نال كل شىء وأى شىء.. ليس هناك خط أحمر.. لاعبو كرة معتزلون باتوا إعلاميين يقودون بجهلهم الإعلامى، الرأى العام.. بدأوا شرارة المأساة وأشعلوا النار إلى النهاية، أفتوا فى السياسة وكفروا التاريخ واستهزأ بالشهداء فى قبورهم وهتكوا أعراض بألسنتهم المسمومة.


كان «أوكازيون» فى الوطنية.. بطولة بلا فداء.. تضحية بلا عطاء فى مشاهد مليئة ببذاءات الجهل والكره الأعمى.. غاب العقل والمنطق تماما عن صورة مصر فى فضائياتها واحتل الغل كل مكان.. اختلاق كذبة تكون حقيقة غير قابلة للشك بعد دقائق.. انهمار أغان لنجوم (الطرب) يسمونها وطنية تحمل من الركاكة ما يندى له جبين حليم والأبنودى وكمال الطويل.. آلاف من الشباب يحاصرون السفارة الخضراء بالمهندسين لم نرهم يوما عند السفارة الزرقاء بكوبرى الجامعة.. طلاب كانوا قد أتوا لاغتراف علما من أزهرنا العتيق فروا إلى بلادهم..عمال مصريون هناك يعودون وتقطع أرزاقهم.. مصر الكبيرة صغرت كثيرا عندما انساق شعبها وراء أبناء لا يعلمون، عن جد، قيمة بلدهم حتى إن تغنوا بعظمتها وزعامتها فى عزف مقزز لسيمفونية التعالى والمن على الآخر بحضارة لم يبق منها إلا آثار وزعامة لم تعد إلا فى أفلام الأبيض والأسود.. صغرت مصر عندما سحقت دبابة الإعلام المصرى بسكلتة الإعلام الجزائرى فى رد فعل مفرط فى القوة سخر منه القاصى والدانى على حال بلد كان يوما يغزو، وتحرك شعوب بإذاعة صوت العرب، إذ بها تخسر ما جنت بفضائيات لا تسعى إلا وراء الإعلان الذى لا يأتى إلا لسخونة الموضوع حتى إن تعدت حرارته درجة الغليان والانفجار.. كسب هؤلاء فى مصر ومن تشابه معهم فى الجزائر.. قنوات إعلامية لم تكن ذات صيت وقد صنعت اسماً على جثث المهنية والموضوعية وأشلاء قيم لم ولن يؤمنوا بها.. فمنذ أيام احتفى من احتفى بتصدر صحيفة مصرية قائمة مواقع الصحف العربية على الإنترنت من حيث تعداد الزيارات ولم يلحظ أحد أن من يشاركها الصدارة هو جريدة الشروق الجزائرية صاحبة الأداء المقزز فى تلك الأزمة.. والتى تغنت بنجاحها الإعلامى حتى وإن أتى فقط من لعب دور (وابور الجاز) الإعلامى الذى يتحفنا بكل ما هو استفزازى عن أخبار كل بلد، فاتحين المجال لهياج إلكترونى من شباب البلدين فى الموقعين للسب واللعن والتشكيك فى أى شىء وكل شىء عملا بحرية الرأى والتعبير عن الكره والبغض.. وها هم نجحوا وربحوا.


قريبا سيحصد قارعو الطبول فى الجزائر «جيزى» كيكة الاستثمارات المصرية.. وفى فبراير الماضى رفع اللاعبون والسياسيون وكل القافزين على صورة الانتصارات الزائفه كأس الأمم الأفريقية فى الوقت الذى رفع فيه ملايين المصريين أنابيب البوتاجاز فوق الرؤوس بحثا عن غاز قطعته شركة سونطراك الجزائرية عن مصر.


منذ سنوات قليلة ساقتنى المصادفة إلى زيارة المغرب.. أربعة أيام فحسب كانت كفيلة أن أصل باعتزازى بمصريتى عنان السماء وأنا أحظى بحفاوة ترحاب وحب حقيقى لمسته فى كل مكان لمجرد إعلانى جنسيتى المصرية.. الكل يحتفى بى.. المصرى فى بلاد المغرب العربى مازالت صورته تتمتع بتلك الهالة الرائعة التى ضاعت فى بلدان عربية أخرى نتيجة عوز اقتصادى مرة وإهمال سياسى مرات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية