x

وطن للبيع.. حد يشترى؟

الثلاثاء 21-12-2010 18:04 |


فى صباح أحد الأيام مارست عادتى اليومية بشراء جريدتى الصباحية وتصادف أن اليوم هو ميعاد صدور جريدة إعلانية شهيرة فسعيت أن أقتنص نسخة منها لسرعة نفادها أملاً أن أجد فيها فرصة العمل الذهبية التى قد تغير حياتى أو شقة الأحلام التى تنقلنى إلى فئة المتزوجين وظل هذا الأمل ملازماً على مدار عشرة أعوام دون فائدة، ولكن هذه المرة اختلف الأمر ليس لأننى وجدت ضالتى بل لوجود إعلان آخر عجيب فى هذه الجريدة قد يغير حياتى وحياة أغلبيه الناس.


احتل هذا الإعلان صفحتين كاملتين وكان محتواه كما يلى:


فرصه نادرة لا تعوض دوله للبيع أو للبدل أو للإيجار قانون جديد فى موقع فريد لن يتكرر على ناصية القارة الأفريقية، غير مجروحة، إطلالة على بحرين شاملة المرافق، يوجد بها مصانع وأراضى متعددة الأغراض يمكن استغلاها فى الأغراض المخصصة أو غير المخصصة لها، البيع لأعلى سعر مع إمكانية التقسيط، الوسطاء يمتنعون.


ملحوظة: عند إتمام البيع يسلم للمشترى الآتى: عدد واحد حزب حاكم بالإضافة إلى ما يزيد على عشرين حزباً معارض بحالة المصنع، تعمل مع بعضها بتجانس وتنسيق ليبقى كل على ما هو عليه عدة ملايين من السكان الأصليين من غير القادرين على مغادرة البلاد لزوم حاجه المشترى لممارسة ميوله السلطوية أو حاجته لتعذيب الآخرين مع ضمان من البائع بعدم اعتراضهم أو ثورتهم على هذه الممارسات لمدى الحياة.


لم أستغرب هذا الإعلان كثيراً لأن فى السنوات الخمس الأخيرة تزايدت رغبة المواطنين فى الهجرة من البلاد لعدم قدرتهم على تحمل الأوضاع المزرية التى وصلوا إليها، فى أول الأمر وقبل عملية البيع اجتمع المواطنون ليس للثورة أو للتغيير بل ليجدوا حلاً لمشكلة رفض معظم بلاد العالم استقبالهم بسبب كثرتهم وعدم حاجتهم لهم فقرروا أن يبيعوا بلادهم ليشتروا بلداً آخر لعلهم يجدوا فيه الكرامة والرخاء والأمان.


تمت الصفقة وتم إجراء البدل مع بلد من شرق أوروبا وانتقل المواطنون لبلدهم الجديد مصطحبين معهم أحلامهم.


بعد عدة سنوات لم يتغير شىء، فكان حالهم كما هو حالهم فى الماضى رغم أنهم فعلوا الشىء الذى ظنوا أنه سبيل التغيير وظلوا يتساءلون لماذا لم يتغير حالنا مع أننا تركنا بلدنا الذى ظلمنا وقهرنا لماذا لم نحصل على الكرامة والرخاء والأمان، ظلوا هكذا إلى أن اكتشفوا أنهم عندما هاجروا لم يهاجروا بمفردهم بل إنهم اصطحبوا معهم فى هجرتهم نفوسهم الضعيفة وقلوبهم المريضة وهممهم الخائرة وضمائرهم الميتة، فالعيب لم يكن فى بلادهم بل كان فيهم فالخير الوحيد الذى فعلوه أنهم أراحوا وطنهم منهم وتركوه لمن يستحق أن يعيش فيه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية