فى لحظات من الخلوة النفسية وجدت نفسى فى حاجة ماسة للتأمل فى مضمون التطرف، ذلك الخطر الكبير، الذى يهدد أمن وسلامة أى مجتمع يتعرض له، والتطرف بالطبع مرض اجتماعى تُسأل عنه الأسرة أولاً والمجتمع ثانياً ثم الحكومة ثالثاً، وعادة ما يلتهم التطرف خيرة شباب مصر، الذين هم عماد المستقبل، وبنظرة فاحصة للمتطرفين يمكن تقسيمهم إلى فئتين، أولاهما المتطرفون دينياً، والثانية المتطرفون سياسياً، وهؤلاء من وجهة نظرى أشد خطراً من الفئة الأولى، وذلك للأسباب التى سوف أسردها الآن.
الفئة الأولى: (المتطرفون دينياً) كلنا نعلمهم وكلنا ننبذهم وكلنا نتصدى لهم إلا من ترتبط مصالحهم معهم، فهم أعداء واضحون وضوح الشمس، ولا يختلف عليهم اثنان، وهذه الفئة من المتطرفين أرى أن مشكلاتهم الاجتماعية وعدم اهتمام المجتمع بحلها هى سبب تطرفهم، فأخذوا هذا الدرب تخيلاً منهم أنهم سيجدون به ضالتهم المفقودة، آملين أن تُحل مشكلاتهم.. ليس معنى كلامى هذا أننى أتعاطف معهم أو أبرر ما يقومون به من أفعال وأقوال لا ترضى الله ورسوله، لكن بالفعل معظمهم كان نبتاً للمشكلات الاجتماعية.
أما الفئة الثانية: (المتطرفون سياسياً) فبعضنا يعلمهم وقليل منا ينبذهم ولا أحد يتصدى لهم إلا الحكومة تتصدى لجزء منهم، حيث إن تلك الفئة صنفان، الأول مع الحكومة، والثانى ضدها، وبالقطع علمنا الحكومة تتصدى لأى صنف منهما.
(الصنف الأول) تراهم طوال الوقت يتشدقون ويتغنون فى الحكومة مهما كانت أخطاء المسؤولين، ولا توجد عندهم أى سلبيات ليتحدثوا عنها، وتجدهم دائماً يبررون أخطاء بعض المسؤولين (إن اعترفوا بها طبعاً)، نجدهم كل يوم على صفحات الجرائد الحكومية وشاشات التليفزيون ملء السمع والبصر، والمواطن البسيط يعرف أنهم أكثروا فى الأرض نفاقاً، لأن الكل يعلم أن الحكومة لو تغيرت كل يوم ما تغير هذا الصنف عن مبدئه وأسلوبه، وهم بذلك يستفزون أكثر من 95٪ من شعب مصر.. نعم إنهم متطرفون وأنا هنا لا أهاجم الحكومة، لا والله، بل أهاجم هذا الصنف من البشر الذى يستفزنا كل يوم، لتغدق عليهم الحكومة الأوسمة والنياشين.
أما (الصنف الثانى) من تلك الفئة فهم بعض المعارضين، الذين لا يعرفون ما هى المعارضة، وما هى أهدافها أو آدابها، بل المعارضة من أجل المعارضة، لا يدرون أن ذلك بالقطع ينال من سمعة مصرنا الغالية فى شتى أنحاء الأرض، وهم بالقطع يبحثون عن شهرة زائفة، وكلا الصنفين ينتشر فى مصر انتشاراً سرطانياً لا محدود، وفى النهاية أدعوهم جميعاً للاعتدال وأقول لهم رفقاً بمصر.
خلاصة القول: الفئة الأولى: لولا المشكلات ما كانت، لذا يجب حل المشكلات، والفئة الثانية: لولا الحكومات ما كانت، لذا يجب حل الحكومات.
ميت غزال - السنطة - غربية