ليس لك الحق فى أن تقول لشخص يخالفك فى الوطن أو الدين، أو الثقافة أو فى الآراء أو المذهب أنا غيرك؟، لأن الإنسانية جامعة لكل البشر رغم اختلافهم فى اللون واللغة والعرق، فهذه الفروق اعتبارات ربانية لا دخل للمخلوق فيها، وليس مسؤولاً عنها.
فالله سبحانه وتعالى خلقنا شعوباً وقبائل لنتعارف، وليس لنتعارك، وأفضلنا من نفذ تعاليم الخالق واتقى، وكان مثالاً لطاعة، واتباع الصراط المستقيم، فالإنسان خلق هكذا مختلفاً عن غيره، له فكره، وميله، وطموحه، وأسلوبه فى الحياة، ومن المحال أن يكون مماثلاً للآخرين، ولذا ليس من العدل أن تطالبه بأن يكون مثلك، فهذا تجن عليه، وكأنك تحرمه من حقه فى أن يكون وفق ما أرادت نواميس الطبيعة البشرية.
فلو صح هذا القول منك، لأصبح العالم غابة، القوى يستعبد الضعيف، والغنى يدوس على الفقير، وما كان الحب والود يعرف طريقه للقلوب، فإذا جاز لك أن تنعت من حولك بالعدو، لأنه لا يشبهك، فهذا أكبر خطأ جسيم ترتكبه فى حق نفسك التى تتوق دوما للفضيلة، وتنشد الكمال.
فلو تتأمل وضعيتك مع بنى قومك ستجد نفسك مختلفاً عنهم فى تركيبة شخصيتك، وطريقة تفكيرك، ورؤيتك للأمور، وكثيراً ما تصطدم معهم بسبب اختلاف وجهات النظر، وهذا يدل على أنك لست مثلهم، فأنت مغاير تماماً عنهم، إلا أنك لا تحيد عنهم نظراً للروابط العديدة التى تجمعك معهم، فالاختلاف سنة الله فى الأرض، فكيف تقبله هنا، وترفضه هناك؟، فلو بحثت عن سر هذا التناقض، لوجدته يعود للأنا التى سيطرت على نفسك، مما ترتب عليه أنه حجب عنك الحقيقة، فصرت قاصراً عن رؤية الأشياء بموضوعية.
فالبشر إخوة، وهذا الكوكب الكبير هو الوطن الأم، فالقلب دوماً يتحرك، ويحزن إذا حدثت نكبة فى أى بقعة، فترى العين دامعة، والنفس آسفة رغم أنهو لا روابط ولا أواصر لكنها هى الإنسانية.
بسكرة - الجزائر