جلست أفكر فى رجال حرب أكتوبر البواسل، سواء من كتب الله لهم الشهادة، أو من أنعم الله عليهم بالحياة، وكلُّ وعد الله الحسنى.. وإن كنت لم أدرك هذا الزمن الجميل، ولم أنل هذا الشرف العظيم، غير أننى أعتقد بالفعل أنه زمن جميل بما تعنيه الكلمة.. كان حب الوطن عند هؤلاء هو الأصل، لا فرق بين مسلم ولا قبطى، ولم تكن هذه النعرات الموجودة الآن بينهم، فبهذه الروح الطيبة كتب الله لهم النصر والتمكين، ولقد صدق الشاعر: نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا.. فنداء من القلب إلى كل مصرى غيور على وطنه، وإلى كل محب لوطنه مسلمين وأقباطاً «الله الله فى مصرنا» لا تضيعوها..
لا تشمتوا بنا الأعداء.. احذروا دعاة الفتنة.. فهم أخطر على الوطن من أعدائنا.. أما أنت أيها القبطى الكريم، يا من تظلنا أنا وأنت سماء واحدة، وتقلّنا أرض واحدة.. يا من تعودنى إذا مرضت، وأعودك فى مرضك.. يا من تشاركنى أفراحى وأحزانى، وأشاركك أفراحك وأحزانك، ما يضيرنى عندما لا تؤمن بمعتقدى؟!
وما يضيرك أنت عندما لا أؤمن ببعض معتقدك؟ فالذى يحاسبنى هو ربى على ما أعتقده.. وأنت يحاسبك ربك على معتقدك «كل نفس بما كسبت رهينة».. ألا تعلم أيها الحبيب أن دينى يوصينى بك فى قوله «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن»، وهل تعلم أن رسولى يوصينى بك فى قوله: «من أذى ذميا فأنا خصيمه يوم القيامة».. ثم ألا يسعدك عندما تعلم أن أكثر البشر الذين يؤمنون ويوقّرون ويجلون المسيح وأمه عليهما الصلاة والسلام هم المسلمون شركاؤك فى الوطن؟..
أنا أعلم أنك أدرى بمثل ما أقول، وأن ما عندك خير مما عندى، ولكنه العتاب الذى يكون بين الأحباب والأصحاب، خلجات قلب وهمسات صدر، أحببت أن أبثها إليك، ولما انتهى العتاب بينى وبين صاحبى، واتجهت إلى الباب، عمد صاحبى إلى العناق، وأكثر من البكاء والانتحاب، وكما قال الشاعر: وقفنا وثالثنا عبرة فيشكو إلىّ وأشكو إليه.. وولى يخوض دموعاً جرين من مقلتىّ ومقلتيه!
باحث قانونى بوزارة الخارجية