قال الدكتور محمود محيى الدين فى لقائه الأخير مع أعضاء الحزب الوطنى بعد تقديم استقالته وقبل توليه منصبه الجديد، إن راتبه كمدير فى البنك الدولى لا يقدر بعشر الراتب الذى يحصل عليه رئيس أى بنك فى مصر!! وفى خبر نشرته «المصرى اليوم» بتاريخ 29 سبتمبر الماضى، نقلا عن تقرير مهم للجهاز المركزى للمحاسبات أن الشركة المصرية للاتصالات حققت فى العام 2009 صافى ربح بلغ (313) مليون جنيه، وأن مجلس إدارة الشركة صرف لرئيس وأعضاء المجلس مبلغا وقدره (9.3) مليون جنيه تحت بند «مكافآت وأرباح وبدلات» يخص فيها رئيس المجلس وحده وبمفرده مبلغ (4.2) مليون جنيه!!
وقد أوضح رئيس مجلس إدارة الشركة المذكورة أن هذه الأموال قد تم صرفها طبقا للائحة الخاصة بالشركة، وقرارات الجمعية العمومية وأحكام القانون.. إلخ! وعلى أى حال فلا مجال للنقد والتجريح ولا الحسد وتمنى زوال النعمة من أيدى الآخرين، طالما أن ما يحصلون عليه يجرى تحت سمع وبصر القانون واللوائح!،
لكن الأمر يحتاج فى الوقت نفسه إلى نظرة متأنية لهذا الفارق الهائل فى جدول الدخول من رواتب وحوافز ومكافآت وبدلات وغير ذلك، بين طبقة وظيفية عليا، وطبقة بل طبقات أخرى دنيا تمثل الشريحة الكبرى من العاملين فى أجهزة الدولة والشركات والمصالح بل شركات القطاع الخاص والبنوك وغيرها.. وإذا كان راتب مدير البنك الدولى الذى يعيش مغتربا فى واشنطن كما أشار سيادة الوزير يقدر بعشر راتب رئيس أى بنك فى مصر، فليس معقولاً أن يسمح البنك الدولى بأن يعيش المدير دون حد الفقر ولا بد أن يكون راتبه إذن يكفيه وزيادة، فكيف يتقاضى نظيره الذى يعيش فى مصر راتبا يساوى عشرة أضعاف راتب مدير البنك الدولى، آخذين فى الاعتبار أيضا أن الضريبة عندنا ثابتة للجميع وليست تصاعدية كما هو الحال فى أعتى الدول الرأسمالية.
لقد سرت فى السنوات الأخيرة دعوة إلى إطلاق الحد الأقصى لرواتب الوظائف الكبرى دون سقف محدد وتغيرت اللوائح والقوانين المنظمة مثلما تقدم، لتسمح بتقنين الحوافز والبدلات والمكافآت الخيالية تحت ستار استقطاب الكفاءات وتشجيعها على القبول بهذه الوظائف، مع أن نظم الاقتصاد الحر فيما نعلم تحرص على ألا يتسع الفارق بين قمة الهرم وقاعدته من حيث الدخل، ولذلك تقوم إما برفع الحد الأدنى أو باستقطاع ضريبة لا تسمح باكتناز أو تكديس الأموال فى أيدى طبقة بعينها، وهو ما ينبغى أن يسرى أيضا على جميع الأنشطة الأخرى!!
مهندس