x

رأى خبير : من أجل غد أفضل

الثلاثاء 16-07-2013 09:40 |

إن التاريخ الاقتصادى للأمم على مر العصور يوضح لنا أن الجهود المطلوبة للتنمية الاقتصادية تمثل طرفى معادلة. الطرف الأول هو الموجه للتنمية وغالبا ما يكون هذا هو دور الحكومة بجميع مؤسساتها. والطرف الثانى هو المشارك فى التنمية وهو الشعب الذى هو أيضا المستفيد من جهود التنمية.. هذه الجهود تتمثل فى جهود فكرية يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع الجهود المالية، فأفكار التنمية لا فائدة منها دون موارد مالية!!.

ولقد كانت وما زالت وستظل هذه هى المبادئ الإسلامية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولا يفرق فى ذلك بين الدول المتقدمة والدول النامية. فمثلاً فى الولايات المتحدة عرفت أسس التنمية المحلية الموجهة منذ عام 1958 حينما وضع أسسها Sanders وأصبحت بعد ذلك نظريات فى التنمية المجتمعية الموجهة. وما زالت تلك النظريات تجد طريقها للتطبيق حتى يومنا هذا كأساس للتنمية الموجهة فى أفريقيا.. وقد ركزت الولايات المتحدة خلال عقود طويلة على برامج محددة مثل التعليم الذى أنتج ثماره منذ الستينيات والسبعينيات وحتى يومنا هذا.. والاهتمام بالرعاية الصحية كان ولايزال مشروعا جديرا بكل اهتمام لدرجة استخدامه أداة رئيسية للحملات الانتخابية الرئاسية الأمريكية.

وهذا ما يدعو موجهى السياسات الاقتصادية والاجتماعية فى الدول النامية مثل مصر إلى التوجه نحو «مشروع قومى واحد» تتضافر الجهود لإنجازه. ويكون هذا المشروع هو أحد المتطلبات الأساسية لتنمية مستدامة. أما فيما يتعلق بالموارد المالية المطلوبة فإننى أقترح المشاركة المجتمعية كل حسب قدرته المالية. وما أقترحه بأن يتبرع كل مواطن بجنيه واحد إما كل يوم أو كل أسبوع أو حتى كل شهر، لتمويل مشروع يرتبط بتنمية أحد المجتمعات المحلية، مما يساعد فى تخفيض نسبة البطالة تدريجيا. فبالحسابات البسيطة يمكن أن نتصور أن من لديهم المقدرة المالية على التبرع بهذا المبلغ البسيط قد يكونون نحو خمسين مليون مواطن.. وبالتالى يشارك المواطنون ماليا فى تمويل مشروعات تنمية موجهة مستدامة تصل إلى خمسين مليون جنيه يوميا أو أسبوعيا أو شهرياً. ومن السهل أن يتصور السادة القراء مدى ما يمكن أن تسهم به هذه المبالغ فى تحسين خدمات الإسكان لقاطنى القبور والشوارع والمساكن الشعبية. ومدى ما تسهم به هذه المبالغ فى توفير تعليم كريم وهادف لغير القادرين..

يبقى أن أؤكد أن هذا التفكير التنموى هو الذى بدأت به أكثر الدول تقدما اقتصاديا واجتماعيا وتكنولوجيا. ولذلك فصفة مستدامة هنا تعنى أن يشارك شعب مصر بالفكر والمال (كل فى حدود قدرته المالية) بصورة «دائمة» وحتى يشعر المواطن المصرى أن جميع الخدمات الأساسية للحياة الكريمة من مسكن وتعليم وصحة ومواصلات لا تقل بأى حال من الأحوال عن مصاف الدول المتقدمة. أتمنى أن يبدأ المواطن المصرى فى تصحيح بل تطوير الإرث المؤسسى الخاطئ الذى أدى بمجتمعنا لأن يستفيد من الحقوق الأساسية للحياة من هو قادر على دفع ثمن هذا الحق. ومن لا يمتلك الثمن يقف (على أقل تقدير) مشاهدا لمظاهر الطبقية المجتمعية فى السكن والصحة والتعليم والمواصلات.. ختاما أتساءل: متى نبدأ؟

أ. د.

عميد كلية الإدارة والتجارة الدولية - جامعة مصر الدولية

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية