بعيدا عن ملحمة العبور.. التى مهما قلنا فيها فلا ولن نوفيها ويكفيها أنها قهرت جيش الدفاع الإسرائيلى الذى قالوا عنه إنه من الجيوش التى لا تقهر فإذا به يترنح ويخر ويركع ويتقهقر! وعموما لقد خضنا غمار هذه الملحمة مستعينين برب العالمين ومتسلحين بآية من آيات كتابه المبين (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) فقلنا سمعنا وأطعنا ولبينا وأعددنا وبمشيئته عبرنا وبإرادته انتصرنا..
أما هم فها هو التاريخ يسرد لنا ما سطره لهم.. فمنذ ثلاثين قرنا ومنذ عهد النبوة لموسى وهارون إلى عهد خلفاء شارون مرورا بيهود بنى قريظة وخيبر وبنى النضير فى عهد نبوة البشير النذير.. وجولدا مائير والإسحاقين رابين وشامير.. ونظراً لجرعة رعب وخوف وجبن تجرعوها وورثوها وتوارثوها.. تراهم يتخذون من الأرض قلاعا وحصونا فى جنباتها يتحصنون ويتخندقون.. ومواقع منعزلة فيها يتقوقعون.. ومن خلالها يدافعون.. وإذا فرض عليهم القتال ولوا مدبرين واستحلوا واستحبوا القعود مع القاعدين..
وما هذا وذاك إلا مصداقا وتصديقا لآيات الذكر الحكيم (لا يقاتلونكم جميعا إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر) (يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) (يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) واستكمالا لمسيرة التحصين عند الأجداد شيد الأحفاد خط بارليف (170 كم طولا).. (12 كم كثافة وعمقا).. (25 مترا ارتفاعا).. (وبزاوية 45 درجة انحدار).. و(بتكلفة 500 مليون دولار).. ناهيك عن تدعيمه بعدد 35 نقطة قوية لتدعيم وتحصين كيانه وأركانه و43 ماسورة لقذف النابالم لتحويل المجرى المائى إلى هولوكوست نارى نازى لإحراق كل من يسعى لتدمير وتقويض أساسه وبنيانه (وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا)..
وفى ظهيرة السادس من أكتوبر خيب الله ظنهم وأرسل عليهم رجالا من رجالنا أولى بأس شديد صالوا وجالوا وجاسوا خلال الديار ودكوا حصونهم وقلاعهم وهبطوا على رؤوسهم وذلك من خلال 60 ثغرة فتحوها بعد تجريف 90 ألف متر مكعب من الرمال جرفوها وبددوا شملهم واخترقوا صفوفهم وأسروا جندهم وجعلوا يوم عيدهم ميقاتا لنحرهم ورفعوا أعلام النصر على أنقاض حصونهم وقلاعهم واقتلعوا ما شيدوه فى 6 سنوات ودمروه فى 6 ساعات ولولا صرخة استغاثة أطلقتها جولدا مائير والتقطتها مسامع الرئيس الأمريكى نيكسون لانتهى أمرها وذهب ريحها..
ومع ذلك فإنهم لا يتعلمون ولا يعتبرون فمازالوا للجدران الخرسانية يشيدون!!.. وأخيراً.. تحية عطرة مجدولة بكل مفردات الجلال والإجلال والافتخار لكل من شرفته الأقدار وسطر سطرا فى سيرة هذه الملحمة المجدولة بأسمى معانى العزة والكرامة والتضحية والفداء والمجد والولاء.
محارب قديم.. عميد مهندس متقاعد
الإسكندرية- المندرة البحرية