x

من الحمارة إلى الموتوسيكل يا قلبى لا تحزن

السبت 02-10-2010 08:00 |

كثيرة هى بصمات التقنيات الحديثة على المجتمعات الريفية بغض النظر عن مدى نضج ونمو هذه المجتمعات وفق معايير المدنية الحديثة.. وفى مشهد سريع ولقطة لطيفة لاحظت وأنا فى الريف ظاهرة الموتوسيكل الخفيف المستورد من العملاق الآسيوى، وبسعر فى متناول الجميع (أقل من ثلاثة آلاف جنيه).. هذا الموتوسيكل بشكل أو بآخر أزاح تربع الحمارة من على عرش وزارة المواصلات الزراعية بين الفلاح وأرضه، فقد ظلت الحمارة أفضل وسيلة نقل للمزارعين بين الحقول ومساكنهم..

 المهم ظهر فجأة هذا الاختراع الصغير (الموتوسيكل الخفيف) وظهرت مزاياه التى أقنعت معظم الفلاحين، خاصة الشباب منهم بالاعتماد عليه كوسيلة نقل أسرع وأشيك من الحمارة المسكينة.. بالطبع عامل السرعة هو الإغراء الأول ويكاد يكون الأخير!! ولكن الحمارة رغم بطء سرعتها فإنها أكثر أماناً من الموتوسيكل، وهى صديقة للبيئة بامتياز، كما أنها إذا نام راكبها أو تاه فى ظلام الليل تستطيع العودة به إلى مقر إقامته ببوصلتها الغريزية!!.. وسأترك لخيالكم العنان لاكتشاف المزيد من الميزات. والفروق سواء لصالح الحمار أو الموتوسيكل.

ويبدو لى من ذلك أن المضمون ما زال واحداً تقريباً والتغيير تم فى الشكل بنسبة كبيرة، فنحن «لم ننتج هذا الموتوسيكل» ولا تزال أدوات الزراعة عندنا منذ عهد الفراعنة كما هى تقريباً، مع وجود تعديلات طفيفة واستخدام بعض الملاك الكبار آلات الحصاد وفصل البذور، والجميع تقريباً بدأ يتخلى عن الساقية لصالح مواتير رفع مياه الترع، وللأسف هى آلات «مستوردة» ولم تنتج مصانعنا سوى بعض مكوناتها، فالمجتمع الزراعى عندنا ليس أفضل حالاً من المجتمع المدنى، فهو من حيث المضمون مجتمع استهلاكى لأدوات وتقنيات لا يفهمها جيداً، وربما يسىء استخدامها، ويحدث هذا بالفعل بالنسبة لمثالنا فى هذا المقال فقد كثرت حوادث الموتوسيكل فى الريف، بسبب تهور بعض الشباب فى قيادته، مما يضيف عبئاً ورقماً جديداً قياسياً لتتربع به مصر على عرش حوادث الطرق المختلفة!!

وختاماً لا ننسى الحالات النادرة لعبقرية بعض الهواة، الذين ابتكروا أو طوروا أدوات وآلات فى مختلف المجالات الحياتية، وإن كنا نعجب بهم على اختلاف ثقافاتنا وأخلاقياتنا إلا أننا كثيراً ما نغتال إعجابنا برصاصات اللامبالاة فتفقد الدولة والمجتمع ثمرة عزيزة يتمنى قطفها الآخرون بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة!!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية