فى رحاب الصالحين «10»
زاد التكالب تدريجياً على ندوة يوم الاثنين بمنزل فضيلة الشيخ إسماعيل صادق العدوى، حتى إن حجرة الضيوف على صغر مساحتها كانت تستوعب ما يزيد على عشرين شخصاً!! وبسبب دقة إرهاصاته المستقبلية فإن بعض الحضور الجدد كان يجلس بغرض أن يبلغه الشيخ بأمر مستقبلى!! وقد فاتحت فضيلة الشيخ فى مشاعرى تلك فوافقنى وعلق قائلا: «أنا لا أعرف ما سأقول وكيف يحدث ذلك ولكنى أدعو من الله أن يخففه ويرفعه عنى!!».. فى صيف 1970 تخرجت فى هندسة القاهرة وكنت معفياً من التجنيد وكذا صديق عمرى م/ شريف حسين كامل الذى تحدثت عنه هنا منذ أسابيع، وكان «كل» المهندسين يكلفون بالعمل فى الحكومة والقطاع العام، وسألت الشيخ أن يدعو لنا بإلغاء التكليف،
وتقدمنا بعدها بطلب لجهاز التعبئة والإحصاء فإذا بالرد يصلنا بالموافقة على إلغاء تكليفنا!! وبالتالى أصبح كلانا حراً فى العمل بالقطاع الخاص أو السفر.. إلخ! وعندما مات الرئيس عبدالناصر فجأة كنا نحن مريدى الشيخ نتناقش حول دقة المدة الزمنية التى حددها الشيخ للرئيس لمكوثه فى السلطة!! وإن لم يحدد كيف سيتركها.. وقد ذكر بعدها بعض أصدقاء الندوة أن الشيخ إسماعيل يبشر بعبور قواتنا المسلحة قناة السويس وتدمير خط بارليف،
وهو ما تم بعدها بسنوات قليلة!! وقبل أن أسرد الملابسات العجيبة لسفر الشيخ إلى «أبوظبى» دعونى أوضح أن فضيلته قال ذات يوم: «عندما ينتهى حكم العسكر تماماً بعدها سوف يأتى المُصلح».. بعض أقاربى اعتقد أن الإطاحة بطنطاوى وعنان هى إنهاء لحكم العسكر فقد تحققت بعد أربعة عقود من قول الشيخ!! ويتساءلون: هل د. مرسى هو المصلح؟ وأجبتهم وقتها بالتأكيد «لا»! فالشيخ ذكر كلمة «تماماً» وقال «بعدها سوف يأتى المصلح».. فإذا كان د. مرسى قد أخذ خطوة فى إنهاء حكم العسكر فليس هو المصلح لأن الآخر «سيأتى بعدها».. بل إن مشاعرى الشخصية أن د. مرسى لن يكمل مدته القانونية الأولى..
نعم ظللت على مدى عدة عقود أتمنى أن ينتهى حكم العسكر، وكتبت رسالة للمشير طنطاوى متمنياً أن يختار كرسى الحكمة لا كرسى الحكم.. كرسى الحكمة الذى جلس عليه شكرى القوتلى وسوار الذهب وآخرون أشاد بهم التاريخ ولكن عبثا فخرج حزيناً مقهوراً!! أدعو الله أن يكون هناك مصلح فى الطريق فالأوضاع الحالية نتيجة مخططات أعدائنا لتفريقنا وإفقارنا وتقسيمنا مخيفة، والمأساة أننا بغبائنا نساهم فى تحقيقها!!