ظرف ميرى أصفر ملطخ بالدماء لمحه الضابط ضمن متعلقات سترة أحد جنودنا شهداء رفح.. كان بداخله رسالة مكتوبة على ورقة كراسة مدرسية، وبحزن شديد دفعه حب الاستطلاع لقراءة محتوياتها وإن تناثرت آثار دماء بين الكلمات.. كانت من زوجة الجندى الشهيد تقول: (زوجى الحبيب محمد.. إزيك يا محمد بصراحة العيشة من غيرك ملهاش طعم ولا معنى، وبادعى ربنا المدة الفاضلة من تجنيدك يخلصوا على خير، وترجع لنا بالسلامة، ده أنا والعيال قاعدين زى اليتامى، وأبوك الحاج رغم صحته وكبر سنه بس ساعات بيطل علينا كتر خيره، وإخواتى ساعات بييجوا ويمشوا على طول..
ده حتى من يوم ما أنت سافرت وأخوك الصغير زعلان على طول وبيقولنا موش هعيد لغاية ما أخويا حبيبى يرجع.. والبنت بنتك عاملالى مشكلة.. هى صغيرة قوى ومبتبطلش عياط، والدموع زى ماتكون حتفر من عينيها طول الوقت وده بيقلقنى عليك.. ارجع بسرعة يا محمد أحنا محتاجين لك قوى انت مالى حياتنا كلها، وأنا بعتالك الجواب ده مع زميلك ومعاه قرص كنافة بالسمنة البلدى وفرختين محشيين فريك ما انت عارف رمضان بيحب اللمة والأكل الحلو، إبقى قولى رأيك إيه.. بس والله يا محمد من يوم ما أنت سافرت وأنا قلبى مقبوض ومش مستريحة، بس يارب يكون خير.. على فكرة أختك بعتت رسالة من السعودية بتسلم عليك وبعتت شوية حاجات للعيال، والجميع بيسلم عليك كتير السلام.. زوجتك أمينة).. سقطت الرسالة من يد الضابط، وانسابت دموع غزيرة على خديه.
المحامى- سموحة- الإسكندرية
