ظهرت نتيجة الثانوية العامة، وطبقاً للمجموع والتنسيق التحقت «ماجدة» بكلية الآداب والتحقت شقيقتى بكلية التجارة.. كانت صاحبتنا أصغر إخوتها.. يكبرها أربعة كلهم متزوجون، ووالدهم متوفى.. ولما فاتحت والدتى فى رغبتى فى الارتباط بالفتاة رحبت، وأرسلت تطلب حضور شقيقتها الكبرى لعرض الأمر عليها.. وفى المقابلة أسهبت أمى فى الحديث عنى ومدحى، وأنه يشرفنا الارتباط بهم، وطبقاً لما يرونه: فاتحة أو شبكة.. إتمام الزواج أثناء أو بعد الانتهاء من دراستها.. الأمر متروك لهم!!..
وكان تعليق الشقيقة بأنها ستعرض الأمر على والدتها وأشقائها، وسترد على أمى بعد يومين!!.. فى صباح اليوم المقرر لحضورها كنت فى إجازة من عملى، واتصلت ظهراً بفضيلة الشيخ محمد السيد النجار.. عرضت عليه الأمر، ولم أخبره بأنهم سوف يردون علينا مساء نفس اليوم، وسألته رأيه.. صمت الشيخ طويلاً.. مرت الدقائق علىّ كأنها ساعات..
ثم قال: ما بلاش يا بنى..!! وذهلت للرد.. فأل سيئ، وأخذت أجادله عبر الهاتف وأذكره بأن المرأة تنكح لأربع و... و...!! هو لم يرها، ولا يعرف عنها شيئًا، ولم أذكر له شيئًا يسىء أو يطرح أى ريبة.. وختم المكالمة قائلاً: «ربنا يجيب الخير.. استفتِ قلبك ولو أفتوك».. وأصابنى اكتئاب عظيم.. لم أخبر أهلى بتلك المكالمة.. جاء المساء، ولم يحضر أحد.. وفى اليوم التالى لم يحضر أحد أيضاً.. فى اليوم الثالث اتصلت أختى تليفونياً بجيرانهم، حيث لا يوجد لديهم هاتف لتسأل إذا كان هناك مكروه لديهم.. وجاء الرد بأنهم بخير، ويمكن أن يحضروا أحداً ليحدثها فعلقت بأنه لا داعى، وشكرتهم، وأنهت المكالمة!!
مر أسبوع آخر لم نسمع منهم شيئًا ولم يحضر أحد!.. المهم ذهبت لحضور ندوة دينية عن الشيخ النجار بعدها بأسبوع.. كان جالساً على كنبة وجلست أمامه مباشرة على الأرض فى وسط العديد من المريدين.. ومال الشيخ علىّ وسألنى هامساً: إيه الأخبار؟.. نظرت إليه، وابتسمت.. فعلق قائلاً: «بركة يا جامع، جت منهم، ما جتش منا!!».. مرت الأيام.. مر واحد واربعون عاماً، ولم نر الفتاة، ولم يرد أحد حتى الآن.. ومازلت أنتظر!! ماذا حدث؟.. ما سبب رد الفعل العجيب؟.. لكنها بركات الصالحين.. تزوجت بعدها بعام.. وأكرمنى الله فعشت على مدار أربعين عاماً حياة زوجية رائعة، وذلك فضل الله - سبحانه.