لأننا تعدينا سن الفطام، تركنا للرضيع- وقتما يشاء- حق البكاء والصراخ، واكتفينا بأن ندلى رؤوسنا فى الآبار الشحيحة، نذرف فيها الدموع، ونطلق فى أجوافها صراخنا، وبسرعة نغلق على الآبار الغطاء.. قال حكيم رحالة: لا تسكنوا بجوف الأرض صراخاتكم، اصعدوا بها إلى قمم الجبال، أطلقوها لجوف الفضاء، بيكاسو اعتلى الجبل صارخاً «بالجورونيكا» تتردد صداها حتى الآن.. اقتد منه مايكل أنجلو.. واعتلاه موسى والأنبياء، أبلغ قصيدة كتبتها أرضنا أقسى إعلان قرأه الناس، عن صمت أفواهنا، التى تعلوها غليظ الشوارب، وتحف من أسفلها كثيف اللحى، لكنها مطبقة الشفاه، تنفرج لازدراد الطعام والثرثرات وتمتمات الصلاة، والمخاض يتفجر فى احتقان أحداقنا، ، دائماً تنفرج الأرحام حتى لقدوم وليد السفاح!!.. كان الدفق بقايا صراخنا، ودموعنا.