فى فترة قصيرة، بدأ مخدر جديد يستحوذ على اهتمام قطاع لا يزال حتى هذه اللحظة محدوداً من الشباب، وهو عبارة عن أكياس بحجم كف اليد تختلف ألوانها، فمنها الأزرق والأسود والأصفر ويكتب عليها «Voodoo»، أى التعويذة، مع شرح مكوناتها التى تحتوى على أعشاب وعدد من المستحضرات الصناعية، ويدون على الكيس بعض الجمل، التى توضح قانونية بيع المنتج لدى عدد من الولايات التى تخضع لأحكام تداول المواد المخدرة فى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عبارة مكتوبة أسفل الكيس: «غير صالح للاستخدام الآدمى»، وهى الجملة التى تضفى على بيعه شرعية فى المناطق الموزعة له فى الولايات المتحدة، وفقاً للقوانين المنظمة لتداول المخدرات.
ويحوى الكيس الذى شاهده محرر «المصرى اليوم» 3 جرامات من مادة عشبية تشبه المريمية ذات اللون الأخضر الفاتح، ولها رائحة تشبه رائحة نبتة الماريجوانا، ويتم تعاطيها عن طريق التدخين فى سجائر، ولم تظهر تلك الأعشاب فى مناطق كثيرة بالقاهرة بعد، اقتصر تداولها على مناطق معينة، مثل مدينة نصر، ومنطقة رمسيس وباب الشعرية والزاوية الحمراء والوايلى، ويتراوح سعر الكيس ما بين 150 و250 جنيها حسب مكان بيعه.
وتختلف آثار المستحضرات العشبية من فرد إلى آخر، حيث يشرح بعض مستخدميها أن آثارها لا تزيد على 30 دقيقة، بينما يقول آخرون إن تأثيرها يمكن أن يصل لمدة 5 ساعات، ويطلق على تلك الأنواع «المستحضرات العشبية»، لما لها من تأثير تقوم به يشبه إلى حد كبير تأثير الماريجوانا على المخ، حيث تتحكم فى وظائف مثل الذاكرة وتتشابه بعض الآثار الجانبية للمستحضرات العشبية مع آثار تدخين الماريجوانا، كالشعور بالنشوة وفتح الشهية، والكسل، والشعور بالبلادة واللامبالاة، وثقل الأطراف، والتنميل، والبارانويا، بالإضافة إلى سرعة خفقان القلب، والقىء، وبعض حالات الإغماء، والخوف الشديد من الموت، والشعور بالاحتضار.
قال المكتب الوطنى الأمريكى للتحكم فى المخدرات «ONDCP» على الموقع الإلكترونى للبيب الأبيض، إن تلك المستحضرات عادة ما تسبب الإدمان مثلها مثل الماريجوانا، وغالباً ما تشبه أعراض انسحابها أعراض انسحاب الماريجوانا، التى عادة ما تتطلب إشرافاً طبياً.
وأضاف الموقع الحكومى أن «القانون يسمح فى عدد من الولايات بتداول تلك المستحضرات العشبية، حيث ينظم القانون بيعها وتناولها ويصنف المكتب الوطنى للتحكم فى المخدرات بالبيت الأبيض على صفحته الرئيسية، تلك المستحضرات العشبية على أنها نوع من الماريجوانا الصناعية- التى غالباً ما تباع فى أماكن بيع التجزئة بصورة قانونية، بشرط أن يكتب على العبوة جملة «غير صالح للاستهلاك الآدمى»، لكنها تعتبر جملة تحذيرية مثلما تفرض السلطات الصحية كتابة تحذير على علب التبغ بأنه يؤدى إلى الوفاة.
وتتكون تلك المستحضرات، بحسب الموقع، من خليط من الخامات النباتية التى يتم رشها أو حقنها بالمواد المخدرة الصناعية، والمعروفة بمادة الـTHC وهى المادة الرئيسية الفعالة للماريجوانا، ويتم تسويقها بين الشباب باعتبارها قانونية.
ووفقاً لدراسات أمريكية أجراها البيت الأبيض عام 2011 تتعلق باتجاهات تعاطى المخدرات بين الشباب فى المستقبل، فإن «الإقدام على تناول المستحضرات العشبية ارتفع بشكل مروع، حيث بلغت نسبة تعاطيه بين الشباب فى المرحلة الثانوية 11.4٪ ما جعلها تصنف على أنها ثانى أنواع المخدرات الأكثر شيوعاً بين البالغين».
ووفقاً للجمعية الأمريكية لمركز مكافحة السموم، فقد تلقى المركز 2906 مكالمات تتعلق بأشخاص تعرضوا لتناول الماريجوانا الصناعية، الشبيهة بالفودو، وقد تضاعف هذه العدد فى عام 2011 إلى أكثر من 6956 مكالمة.
وأصدر العديد من الولايات ووحدات الصحة العامة المحلية ومراكز مكافحة السموم الإرشادات الصحية، التى تصف الآثار الصحية السلبية المرتبطة باستخدام تلك المواد المخدرة، والتى تشمل تأثيرات نفسية وجسمانية، منها الإثارة أو التحريض، والبارانويا، والهلوسة والعنف، والعصبية المفرطة، والشعور بالغثيان، والقىء وعدم انتظام دقات القلب، وارتفاع ضغط الدم، واتساع حدقة العين، وهى الآثار السلبية ذاتها لتناول عقارى لـ«LSD» والكوكايين.
وقال عاطف نجيب، مدير برنامج «رسالة الحرية» لإعادة تأهيل المدمنين، إن «المستحضرات العشبية وصلت مصر، منذ عدة أشهر، لكن حتى الآن لم نطلع على حالات لمدمنين يرغبون فى التعافى والإقلاع عن إدمانها، لأنها فى بداية الانتشار، ومعظم الحالات التى تأتينا مصابة بإدمان المواد العادية كالحشيش والبانجو والحبوب المسكنة، وتلك المستحضرات أحد أنواع القنبيات التى تنتمى لعائلة الحشيش والماريجوانا، لكنها تختلف فى المادة الكيميائية المضافة إليها، حيث تصنف كمواد مخدرة مصنعة، نظراً للحقن الذى تتعرض له فى التربة».
وأضاف: «المستحضرات العشبية تشترك مع المهدئات فى التأثير وإن كانت تميل أكثر إلى البانجو والحشيش، وبالتأكيد لها نفس الآثار الجانبية، ومصر تعد سوقاً مفتوحة لترويج المخدرات، لأن التركيبة السياسية والاقتصادية الموجودة حالياً توحى بأن أى مخدر جديد يدخل مصر سيقبل الناس على تناوله، لغياب الأمن، وحالة الاكتئاب الموجودة عند أشخاص كثيرين نظراً للأخبار السيئة والانتكاس الاقتصادى الذى تمر به البلاد، ما أدى لزيادة فى نسبة انتكاسات المدمنين، وعلى سبيل المثال، كان قطاع السياحة يحوى عدداً كبيراً من المعافين من الإدمان لكن بعض الإحصائيات غير الرسمية تؤكد أن نسبة الانتكاس زادت نظراً لأوضاعهم الاقتصادية السيئة».
وقال اللواء رفعت عبدالحميد، خبير العلوم الجنائية، «إن سهولة انتشار المخدرات تعود لأسباب تجارية بحتة، حيث تعتبر العصابات تجارتها مضمونة الربح، إضافة إلى أن تجارتها على مستوى عالمى تخلق جماعات من المافيا العالمية، التى تشارك فى ميزانية بعض دول أمريكا الجنوبية، وقد توثر فى اختيار وترشيح بعض الوزراء».
وأضاف عبدالحميد أن دخول المخدرات يكون عن طريق المناطق الصحراوية، وأشهرها الحدود الغربية مع ليبيا حيث كانت تأتى عن طريق المغرب ولا تزال ثم امتد الأمر إلى صحراء سيناء لارتباط تلك الأماكن بمناطق حدودية مفتوحة، وتعتبر وعورة الطرق هى السبب الرئيسى فى استمرار عمليات إدخال المخدرات إلى البلاد- على حد قوله. وتابع «أن العقوبات الواردة فى القانون لا تتناسب مع تلك الجرائم فأعمال المكافحة يجب ألا تقتصر على وزارة الداخلية المتمثلة فى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، ولكن يجب أن تمتد المعالجة الجذرية إلى جميع مؤسسات الدولة التى تتماس مع مسألة الإقلاع عن الإدمان، إضافة إلى إبرام الاتفاقيات الدولية الملزمة لجميع دول الجوار بإحكام سيطرتها على حدودها ومنافذها الشرعية، وأن تشارك وزارة المالية المصرية متمثلة فى مصلحة الجمارك فى إحكام سيطرتها على أعمال التفتيش الذاتى للمغادرين، كما يلزم إحكام السيطرة والتفتيش الدورى بانتظام على السجناء فى أنحاء الجمهورية وزائريهم، حيث انتشر تداول المخدرات فى السجون وتنوعت طرق تهريبها بطرق لا يتصورها عقل».