رأت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أنه لا يمكن لأي نظام أتى بعد ثورة 25 يناير تجاهل التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري على مدار العقود الأخيرة.
وقالت الصحيفة، على موقعها الإلكتروني، مساء الثلاثاء، إن هذه التغيرات ذاتها هي التي مكنت الثورة من الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك قبل عامين، وهيأت سدة الحكم لجماعة الإخوان المسلمين، معتبرة أن ما تشهده الميادين المصرية من تظاهرات إنما هو بمثابة رد فعل على محاولة النظام الحاكم الاستئثار بالسلطة في مجتمع متعدد الأطياف، وتجاهل التغيرات الأساسية التي طرأت على هذا المجتمع.
واعتبرت الصحيفة أن الوضع الآن أكثر تعقيدا من أي وقت سابق، بالإشارة إلى أن ثلاثة أرباع المصريين هم دون سن الخمسين، وأكثر من نصفهم دون الثلاثين ممن لا ينتمون إلى فصيل بعينه، وهو ما يضفي بعدا من الديناميكية على المشهد، حيث إنه من المستحيل عمليا استبعاد هؤلاء الشباب من اللعبة السياسية لأنهم أصل فيها، إذ يمنحون بمشاركتهم الزخم والحياة للممارسات الديمقراطية والأحزاب الجديدة.
ورأت الصحيفة أن «هذه الأغلبية الجديدة تعتنق فكرا سياسيا جديدا مخالفا للفكر الذي يعتنقه النظام الحاكم الذي لا يمثل سوى 5% من الشعب، بحسب قول الصحيفة، مشيرة إلى أن هذا الجيل الجديد يتخذ البرجماتية مذهبا، ويحقر الخطب الرنانة العقيمة التي تنتهجها النظم التي لا تزال تعيش في الماضي».
وأشارت الصحيفة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، الأكثر تنظيما، قامت بعمل تحالفات مع معسكر الليبراليين «المهلهل» لإقصاء قيادات النظام السابق، موضحة أن نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الدكتور محمد مرسي على الفريق أحمد شفيق، المحسوب على ذلك النظام، ورحيل المجلس العسكري كانا بمثابة أغلى ثمرتين من ثمار هذا التحالف.
وأكدت الصحيفة أنه «بتولي الإخوان زمام الحكم تغير المشهد، حيث وضعت الجماعة تفسيرها الخاص لمعنى الديمقراطية، وهو تفسير يخدم مصالحها بحيث تخفت إلى جواره أي وعود شراكة وتقاسم سلطة كانت قطعتها على نفسها من قبل، في محاولة للاستئثار بمؤسسات الدولة».
وأضافت أن هناك تغيرا في موقف الجماعة عزز مخاوف الليبراليين من أن ذاك التحالف لم يكن غير وسيلة استخدمتها الجماعة بغية الوصول إلى السلطة، وهو ما جعل الليبراليين يعتبرون مواجهة الجماعة بمثابة صراع على البقاء والديمقراطية ذاتها.
كما رأت الصحيفة أنه قد يكون بإمكان النظام الحاكم تجاهل الأحزاب الليبرالية، غير أنه يخطئ خطأ كبيرا إذا ما حاول تجاهل مطالب الأغلبية الشابة، وليس أدل على خطورة تداعيات مثل هذا التجاهل من أحداث الأسبوع الماضي بوتيرتها السريعة.