x

«أبوفيصل» القاضى الشرعى بالشيخ زويد: مصر أكبر من الإخوان ولن تدار بقرارات «المرشد»

الخميس 03-01-2013 23:53 | كتب: أمل سرور, أحمد بلال |
تصوير : محمد معروف

جلسنا أمامه حتى ينتهى مما يقوم به، كان يكتب أحد العقود ويجلس اثنان ليوقعا عليه ثم يأتى بـ«ختم» كبير الحجم ويترك أحباره فوق الورقة والجميع يتابعه فى صمت، مكتبه عبارة عن مربوعة بدوية عادية وهو يجلس فى المنتصف وأمامه مقلمة ممتلئة بأقلام مختلفة الأنواع والألوان وخلفه كتب دينية استطعنا التقاط بعض عناوينها «السيرة النبوية، فقه البيع والاستيثاق، ماذا قدم المسلمون للعالم».

إنه الشيخ «حمدين سالمان أبوفيصل» القاضى الشرعى لمنطقة الشيخ زويد والذى حدثنا كثيراً عن انتشار القضاء الشرعى خاصة بعد ثورة يناير فى منطقة سيناء بل إنه يعلم حجم الانتشار ونسبته فى المحافظات الأخرى بمصر.

الشيخ أبوفيصل لديه الكثير من الآراء المهمة والمفاجئة عن الأحداث التى تمر بها مصر والفصيل الحاكم حالياً «الإخوان المسلمين» وفاجأنا حين استحسن هتاف «يسقط حكم المرشد» وفاجأنا أكثر برفضه تصرفات بعض السلفيين رغم احتسابه ضمنهم، وأوضح لنا أن القضاء الشرعى له أركان تبدأ بطلب حضور باسم الطرفين المختصمين والتوقيع على مشارطة تحكيم تلزمهما بالشروط وإحضار «كفيل» أو ضامن لهما ويتم الحكم من خلال تعاذير شرعية أى «أحكام مادية» مقدرة «بالإبل».

بداية يفرق الشيخ فيصل بين القضاء العرفى والقضاء الشرعى موضحاً أن هناك فرقاً جوهرياً حيث إن القضاء العرفى يحتكم إلي مواد منشؤها العادات والتقاليد وليس مبادئ الشريعة الإسلامية والكثير منها جائر وغير شرعى وكثير من التقاضى العرفى يأتى بما يضر الطرفين من ناحية الإثبات و«دفع الفلوس» ويراه مخالفاً للأصول الشرعية ودب فيه الفساد من الرشوة والمجاملة والمحسوبية إضافة إلى الكذب مستشهداً بالمثل البدوى «عمياء وزادها الجدرى».

لافتاً إلى أن القضاء الشرعى كان موجوداً قبل الثورة ولكن بشكل «سرى» حيث كان يتعرض القائمون عليه للاعتقال.

ويوضح «أبوفيصل» أن الخلافات التى ينظر فيها كقاض شرعى نسبتها 50٪ نزاعا على أراضى و30٪ دماء وثأراً و20٪ خلافات أسرية أيضاً و«قانون الخلع موجود على فكرة» هكذا حاول أن يلفت انتباهنا ويزيد من قيمة فكرته قائلاً: «المرأة توقع على أقوالها وتطلب الخلع لضرر ما مثلاً مش عجباها العيشة»، وقال إن لجان القضاء الشرعى فى سيناء 4 لجان فى الشيخ زويد، وثلاث فى رفح ولجنتان بالعريش. ويكشف أنه قد يكون فى القريب العاجل رئيس لجنة بالقاهرة، والمميزات كما يراها كثيرة وأهمها السرعة فى الإجراءات وهو ما يختلف عن القضاء المدنى.

«الشريعة الإسلامية» يتحدث عنها الشيخ أبوفيصل بأداء يحمل العزة والحدة والثقة قائلاً «إنها من أسباب مجىء «د. مرسى» للحكم ولذا فلابد أن يلتزم بها الجميع فنحن «دولة إسلامية» ولكنه يعاود القول «القضية فقط تحتاج لمقدمات».. ونسأله نحن عن معنى حديثه وماهى المقدمات التى يحتاجها المجتمع لتطبيق الشريعة فيقول: «المجتمع الموجود الآن ملىء بالمظالم الاقتصادية والاجتماعية ويحتاج إلى ترشيد فحتى تطبق حد السرقة تحتاج إلى إشباع الجياع أولا وحتى تطبيق حد الزنى لابد من تيسير أمور الزواج الأول» أما عن نجاح المجتمع السيناوى فى انتشار القضاء الشرعى بنجاح فبرر ذلك بأنه مجتمع متدين بطبعه ومحافظ.

سألنا أبوفيصل: فى حال تطبيق القضاء الشرعى فى مصر كما يتمنى فماذا سيكون موقف القضاء المدنى؟ فقال: أولا فى حال تطبيق الشريعة الإسلامية سيكون القضاء الشرعى هو الحاكم ونحن نتحفظ على القانون الجنائى المصرى لأنه يغير الحدود التى حددها الله عز وجل وهذا لا يعنى أن هناك قوانين يمكن للمسلم أن يلتزم بها وليست كل مواده مخالفة للشريعة، ويستطرد قائلاً: كل القضاة فى مصر يعلمون أنهم أحيانا يخالفون الشريعة الإسلامية.

وعن أصحاب الديانات الأخرى فى سيناء واستخدامهم للقضاء الشرعى يؤكد أبوفيصل أن المسيحيين يلجؤون إليه بشكل عادى ملوحا لنا بإحدى المظالم أو الشكاوى التى جاءته من رجل مسيحى يدعى «وديع رمسيس هارون» يشكو من الاستيلاء على ارضه فى العريش بتاريخ 2 ديسمبر الحالى ويطالب اللجنة بحل المشكلة أمام «الشرع الحنيف «وأعطانا صورة من الوثيقة التى تزينت باختام كتب عليها» دار القضاء الشرعى - شمال سيناء الشيخ زويد «وعلق قائلاً: المسيحيون والنصارى لن يرضوا عنا ولا عن الشريعة الإسلامية، لكنهم لمسوا بعدنا كقضاء شرعى عن الروتين فجاؤونا.

وينفى الشيخ أبوفيصل أنه يطرح نفسه كبديل للدولة، موضحاً أنه يفض المنازعات كبديل عن القضاء العرفى والذى كان معترفا به وأصبح الآن يترنح وفى طور السقوط، وعن حكم تطبيق الشريعة قال: لا يمكن لحاكم أن يُلزم الناس بالشريعة بالقوة، ولابد من وجود سطان قوى أولاً لإلزام الناس بها.

ورغم حدة الشيخ أبوفيصل القاضى الشرعى للشيخ زويد معنا إلا أن آراءه فيما بعد اختلفت قليلا فأعلن تحفظه على الكثير من تصرفات جماعة الإخوان واصفا أداءهم بـ«الميكافيللى» ويعتقدون مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ويريدون إسلاما على مقاسهم يحقق لهم قفزة على الكراسى حتى يحكموا.

ودعاهم إلى الالتزام بالثوابت وهاجم رئيس الجمهورية قائلا: «هل لدى د. مرسى ما يقدمه للفقير هو لايستطيع أن يغنى مواطن لأنه لا يمكن التغلب على الفقر بقرار سياسى»، وقال إن المجتمع المصرى ليس منحلاً أو بعيداً عن التدين وإن مصر لا يمكن حل مشاكلها فى 100 يوم.

ونفى أبوفيصل ما يسمى الإمارة الإسلامية فى سيناء، ونفى وجود جماعات تكفيرية فى سيناء من الأساس، وقال هناك أفراد، يؤيدون فكرة الجهاد ضد المحتل الإسرائيلى فقط، وهؤلاء لو ظلوا على هذا الوضع دون بلبلة داخلية لن يتعرض لهم أحد، ولكن هناك من يكون له أغراض ما ويعتبرهم لا يفهمون القيم الإسلامية على الوجه الصحيح، ويحاولون الآن الانتقام من الشرطة لما فعلته معهم فى السابق، فيما يعتبر حادث رفح دخيلاً على المجتمع السيناوى لما يحمله من بشاعة وتوقيت ضرب الجنود المصريين لحظة الإفطار، يؤكد أن الحركة الإسلامية غير مستفيدة منه والمجتمع السيناوى لم يحقق أى مكسب من هذا الحادث على العكس. ويختتم حديثه فى هذه النقطة قائلا: «إذا أردت أن تعرف الجانى فتش عن إسرائيل».

ويكشف لـ«المصرى اليوم» معلومة جديدة وهى أن الجثث التى جاءت من إسرائيل لم تكن جثث منفذى العملية الحقيقيين، لافتاً أن كل أهالى سيناء يعرفون ذلك، «ويرفض أبوفيصل اتفاقية كامب ديفيد ويؤكد أنها غير ملزمة لنا «كسيناوية» فلا اتفاقية مع عدو إلى الأبد ويتساءل: كيف تكون أكبر دولة إسلامية «مصر» «سمن على عسل» مع إسرائيل الآن؟

أما عن الأحداث الحالية فى مصر فيرى القاضى الشرعى أن مصر لا يمكن أن تدار من خلال قرارات «مرشد» قائلا: «مصر أكبر من الإخوان»، وأريد رئيساً لكل المصريين فتغول نظام بلا لحى هو نفسه تغول نظام بلحى، وأوافق على شعار «يسقط حكم المرشد»، لأننا لا نريد رأسين للحكم فالإخوان ليسوا بمفردهم فى مصر. وعن فكرة الوطن البديل التى تلوح فى أفق سيناء رفض أبوفيصل الفكرة وقال: «إننا لسنا سلعة تباع وتشترى ولن نفرط فى أرضنا وسنحافظ عليها بدمائنا».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية