مع بداية صعود الأحزاب والتيارات المسماة بالإسلامية إلى السلطة والحكم وهى تدق طبول الحرب ضد الإعلام «صحفاً وقنوات» وتحميل الإعلام مسؤولية كل الأزمات التى تحدث فى الدولة.
وتزداد حدة الهجوم الإخوانى السلفى، وتشمل تقريبا جميع القيادات المعروفة بل زاد على ذلك عقب وصول الرئيس محمد مرسى لمنصبه كرئيس للجمهورية حيث أصبحت السياسة الرئيسة لدى الإسلاميين، ومعظم من يتولى منصباً فى الدولة تحميل الإعلام مسؤولية الإخفاقات والتراجعات التى يتميز بها النظام المصرى.
أبرز من هاجم الإعلام من رجال الإخوان والسلفيين الرئيس محمد مرسى، وكان أكثر تلك الهجمات فى محافظة أسيوط يوم الجمعة الثانى من نوفمبر، حيث قال خلال لقائه بمركز المؤتمرات بجامعة أسيوط قاصداً الإعلام «البعض يحاول أن يحافظ على مكتسباته من الفساد من خلال العمل على تشويه صورة الدولة، وسنتصدى لمن حصل على أراضٍ بالفساد ولمن استخدم أمواله لامتلاك قنوات فضائية تشوه الحقائق».
ولم يعلن الرئيس بعدها عن تلك القنوات، ومن هم هؤلاء الفاسدون، لكنها تصريحات أعطت الضوء الأخضر لكثير من قيادات الإخوان والسلفيين لهجوم متزايد على الإعلام.
يأتى على رأس القيادات الإسلامية التى تهاجم الإعلام المرشد العام للإخوان الدكتور محمد بديع.. الذى بدأ بوصف الإعلاميين بسحرة فرعون، واتهم بديع فى مؤتمر ببنى سويف فى مارس 2012 بعض وسائل الإعلام بأنها مثل «سحرة فرعون»، الذين جمعهم لسحر أعين الناس، مضيفًا فى نفس المؤتمر أن «الشيطان الذى أوحى للسحرة هو الذى يوحى للإعلاميين الآن».
كما هاجم لمرات عدة وسائل الإعلام فيما ينشر من رسائل أسبوعية على موقع الجماعة وتعتبر تلك الرسائل السياسة العليا ورسم الطريق أمام أفراد الجماعة، ومن ضمن تلك الرسائل ما نشر يوم 6 ديسمبر 2012 حيث اتهم «بعض وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة بالمساعدة على إثارة البلبلة والتشكيك، والنيل من بعض الشخصيات والهيئات».
كما نال من الإعلام مرة أخرى فى رسالة أخرى نشرها فى 27 ديسمبر من الشهر نفسه، حيث قال: «والذين يعملون لتقدم الأمة ونهضتها يجب ألا يلتفتوا إلى الضجيج الإعلامى المثبط، الذى أضحى يكذب ويتحرى الكذب فى كل ما يتناوله، ولنحذر من أن نشغل أنفسنا بالرد على ما يفترون، لأنه يستهلك الأوقات والجهود فى جدل عقيم.
وفى اليوم نفسه 8 ديسمبر شارك المهندس خيرت الشاطر، نائب محمد بديع فى مكتب الإرشاد، فى الهجوم على الإعلام، وذلك فى أعقاب مؤتمر لهيئة حقوق الإصلاح، وهى تجمع للإخوان والسلفيين حيث هاجم الشاطر الإعلام قائلاً: «إنه إعلام المال الفاسد يضلل الشعب، لكن فاتهم أن الشعب المصرى بفطرته يميز، وسيكتشف أنهم مضللون وفاسدون».
ولم تكن تلك المرة الأولى التى يهاجم فيها «الشاطر» الإعلام، حيث نشرت له من قبل وكالة الأناضول تصريحات هاجم فيها الإعلام يوم 13 أغسطس الماضى فى لقاء ضم عدداً من ممثلى الحركات الشبابية والنسائية، وجبهة إنقاذ الثورة، حيث منعت وسائل الإعلام من حضوره ما عدا وكالة الأناضول وشبكة يقين على الإنترنت، وقال الشاطر، وقتها. «إن الإعلام مازال مرتبطاً بالنظام السياسى السابق، ولابد أن ينحاز لمصلحة الوطن، ولا يقوم بمحاربة عملية التغيير الوطنى».
واستكمالا لمسلسل هجوم قيادات الجماعة على الإعلام يأتى الدكتور عصام العريان فى موقع متميز من المهاجمين، وكان صاحب أزمة مع الإعلامية جيهان منصور على الهواء، وذلك فى أكتوبر الماضى، ووصلت تلك الأزمة إلى ساحات المحاكم، حيث اتهم العريان «منصور» بتلقى أموال.
ولم يتوقف العريان عند هذا الحد، بل اتهم بشكل رسمى على حسابه على التويتر الإعلام ووصفه بالمنحاز والمغرض، مضيفا عبر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» أن: «الشوشرة على صوتى فى صباح دريم كانت واضحة تماما، كى ﻻ يسمع المشاهد رأيى. كل ما قلته كان حقا ثبت يقينا أن الإعلام منحاز ومغرض. قارن بين المكالمتين».
الدكتور محمد البلتاجى هو يشغل منصب أمين حزب الحرية والعدالة بالقاهرة، ورئيس لجنة المقترحات فى اللجنة التأسيسية، كان معظم انتقادته للإعلام مع دخوله الجمعية التأسيسية، وجاءت الانتقادات كالآتى:
فى 17 أكتوبر وخلال مؤتمر بجامعة أسيوط وصف البلتاجى الإعلام المصرى بأنه صانع الأزمات بين الجمعية التأسيسية والشعب، وأضاف: «اللجنة التأسيسية تعمل تحت قصف إعلامى وقضائى، حيث يصور الإعلام أشياء لا تحدث داخل اللجنة.
- وفى 11 نوفمبر بميدان المديرية بمحافظة بنى سويف قال الدكتور محمد البلتاجى: «الإعلام يتحمل مسؤولية ما يحدث الآن بمصر سواء من صدور قرارات غير صحيحة أو المحاولات المستميتة لتعطيل العمل بالتأسيسية، لتظل حالة الفوضى، ويستمر نزيف الوطن جدالا واستقطابا».
- فى 10 ديسمبر وفى لقاء بالغرفة التجارية بالقاهرة قال البلتاجى: «إن الإعلام الآن على القنوات التليفزيونية يعمل فى السياسة ولا يعمل فى الإعلام، ويقوم دائما بضخ رسائل محددة لتوجيه الرأى العام».
- وفى 11 ديسمبر ومن أمام مسجد رابعة العدوية وفى مؤتمر لمؤيدى الرئيس والدستور اتهم الدكتور محمد البلتاجى وسائل الإعلام بالعمالة، والتآمر على الوطن والشعب، وأضاف «كاميرات الإعلام المصرى لا ترى».
- فى 14 ديسمبر وفى مؤتمر بمدينة العاشر من رمضان انتقد البلتاجى أداء الإعلام، ووصفه بـ«الأحول» الذى يركز على جزء معين من الحدث، ويتغاضى عن باقى أجزائه.
- فى 20 ديسمبر فى مؤتمر بميدان الجامعة أمام كلية اللغة العربية بحضور قيادات حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين بالبحيرة قال البلتاجى: «المؤامرات تبث عبر وسائل الإعلام التى يملكها فلول النظام السابق للأكاذيب والتضليل كل يوم تحت ستار حرية التعبير والرأى.
أما الدكتور محمود غزلان، المتحدث الإعلامى للجماعة، فأجمل العلاقة بين الصحفيين والجماعة عندما قال جملته الشهيرة «هما الصحفيين على راسهم ريشة» خلال حديثه عن الإعلام والصحافة، كما أنه أضاف أن إلغاء الحبس فى قضايا النشر يخل بمبدأ المساوة.
ومحمود حسين، الذى يتولى منصب الأمين العام للجماعة، كان من القيادات التى هاجمت الإعلام، حيث شن هجوماً عنيفا على الإعلام خلال أحداث الاتحادية، وقال فى مداخلة مع قناة الإخوان «مصر 25»: «الإعلام يتعمد تشويه الحقائق، ويروج الأكاذيب، فإن الدنيا قامت ولم تقعد بسبب تظاهر الإخوان أمام المحكمة الدستورية العليا بشكل سلمى، فى حين أن «الداخلية» أكدت عدم تعرض أى منهم لأحد من أعضاء المحكمة، وكذبت الإعلام.
وبعيداً عن قيادات جماعة الإخوان فإن قيادات التيار السلفى كان للإعلام أيضا نصيب من الهجوم عليهم، فالدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، عضو الجمعية التأسيسية، التى وضعت الدستور قال إن الإعلام فى زماننا يمارس سحر البيان، ونجد القائمين عليه يوحون إلى بعضهم البعض زخرف القول غرورا، وهم أشد خطرا على الأمة من سحرة الحبال والعصى.
أما الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل فكان أكثر القيادات الإسلامية جراءة على الإعلام، فهو لم يكتف فقط باتهام الإعلام أو محاربته، لكنه دعا أنصاره لمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى، كما أن بعض أنصاره قالوا إنهم سيقومون بالهجوم على عدد من مقار الجرائد الخاصة.
وفى سياق الهجوم القانونى فقد قام محامو جماعة الإخوان وبعض القريبين منهم بشن هجوم قانونى ضد الإعلاميين، حيث تم تقديم بلاغات فى وقت سابق ضد عادل حمودة، رئيس تحرير جريدة الفجر، ومحمد الباز، بالإضافة إلى بلاغات ضد جريدة الدستور ورئيس تحريرها السابق ورئيس مجلس إدارتها، وقاموا بتقديم بلاغات ضد قناة الفراعين وتوفيق عكاشة، مالك القناة، التى تم إصدار قرار بإغلاقها بدعوة حثها على الفتنة.
كما قامت رئاسة الجمهورية بتقديم بلاغ ضد الزميلة علا الشافعى والكاتب الصحفى خالد صلاح، رئيس تحرير «اليوم السابع»، يتهمهما بإهانة رئيس الجمهورية، وذلك على خلفية مقال كتبته الشافعى بـ«اليوم السابع» تحت عنوان «جواز مرسى من فؤادة باطل»، وفى اليوم نفسه أمر النائب العام بفتح التحقيق مع كل من إبراهيم عيسى، واللواء سامح سيف اليزل، فى بلاغات مقدمة ضدهما من النائب السلفى المحامى ممدوح إسماعيل.
كما ورد فى البيان بلاغات ضد الإعلامى الساخر «باسم يوسف»، الذى نال أيضا نصيبا كبيراً. كان المستشار محمود مكى، نائب الرئيس الذى استقال وبالرغم من ذلك يقوم بعمله إلى الآن، أكثر المسؤولين غير المنتمين لجماعة الإخوان تنظيماً هجوما على الإعلام، حيث أراد مكى أن يلصق بالإعلام مسؤولية الأزمة الأولى للنائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود، وبالرغم من ذلك لم يعتذر نائب الرئيس للإعلام عندما تمت إقالة النائب العام بعدها بأسابيع بقرار من الرئيس.
واستمراراً لمسلسل الهجوم على الإعلام قام الأخ الأكبر لنائب الرئيس المستشار أحمد مكى، الذى يتولى منصب وزير العدل، بالهجوم هو الآخر على الإعلام واصفا الإعلام المصرى بـ«إعلام يحكمه الأهواء، وينشر الأكاذيب حول الحكومة ووزير العدل، مما يثير البلبلة لدى الشعب». وأتت تلك التصريحات للوزير فى لقاء مع الإعلامية لميس الحديدى على قناة «سى. بى. سى»، وهى أكثر القنوات التى يهاجمها الإخوان ومسؤولوهم.