x

دِربالة.. «باطنية جديدة» فى «فيكتوريا».. وسكانها يتهمون الشرطة بـ«التواطؤ»

الثلاثاء 02-02-2010 21:53 | كتب: محافظات |
تصوير : other

فى شوارع ضيقة.. وبيوت متلاصقة.. يملأ الخوف قلوب ساكنيها.. وبكثير من الوعود والآمال يعيش أهالى دربالة بفيكتوريا.

«باطنية جديدة»، هكذا سماها سكان دربالة بعد أن أصبحت وكرًا لمروجى المخدرات والمدمنين، تتنقل بين الأهالى فلا تسمع إلا صرخاتهم المكتومة، يعانون من غياب الأمن، لا تستطيع فتياتهم الخروج من البيوت بعد المغرب، فتجار المخدرات ينتشرون من «العصارى» فى الشوارع ليبدأوا عملهم، حتى أصبح 90% من شباب المنطقة مدمنين حسب ما أخبرونا، متهمين الشرطة بالتواطؤ مع التجار والمدمنين مما شجعهم على الانتشار والبيع بشكل علنى، فأصبحت دربالة مقصداً للخارجين على القانون.

رصدت «إسكندرية اليوم» معاناة أهالى دربالة، ولكنها امتنعت عن ذكر أسماء من حدثتهم حفاظاً على أمنهم، و«احتفظت» لنفسها بهذه الأسماء .
مترحّمة على روح جارها ذاك الشاب ذى العشرين عاما، الذى مات بعد تعاطى «جرعة زايدة» من المخدر، وصفت الفتاة حالة الانهيار التى تعيشها الأسرة والأم المكلومة التى أخذت تدعى على تاجر «الكيف» وتقول له: «مش حسيبك.. ربنا ينتقم منك». تخبرنا عن سيدة أخرى ذهبت لموزّع المخدر بالمنطقة وتوسلت إليه ألا يعطى ابنها المخدر و«تديله إللى هوه عايزه.. بس مايضيعشى ابنها».

«على عُقب».. رجل فى الأربعينيات من عمره، ما إن ذُكر اسمه حتى توالت اللعنات من الأهالى: «البوليس جه مرة وطلع من عنده كرتونة برشام» هكذا يقولون، «وما إن دخل السجن حتى خرج بعد شهرين وعاد مرة أخرى للاتجار»، حاول سكان المنطقة أن يجدوا له عملاً شريفاً «فجابوا له عربية يبيع عليها خضار.. وبعدها صندوق يلمع عليه الأحذية» ولكنه دائماً ما يعود للاتجار.

برّر السكان هذه الجرأة من المروجين والمدمنين بتواطؤ الشرطة معهم، وتكمل إحدى الفتيات بأن هناك «مرشدين من الشرطة يحذرون الموزعين عند وجود «كبسة» من الأمن كى يحترسوا ويجمعوا البضاعة، وبمجرد أن تأتى الشرطة لا تجد شيئاً».

لا يقضون إلا أسابيع - أو شهوراً على الأكثر - فى السجن ثم يخرجون بعدها، قالت لنا إحدى المحاميات الساكنات بالمنطقة، لابد أن تضبط الشرطة بحوزتهم كمية معينة من المخدر حتى تتحول إلى قضية «جنح» ويصدر ضدهم أحكام مشدّدة، ولكن المروجين يأخذون حذرهم فلا يحضرون إلا كميات محدودة وما إن تنته حتى يأتوا بغيرها.

«البرشام والإبر» هى بضاعة الفقراء، فالبرشامة بـ2 جنيه، يستطيع طالب المدرسة الإعدادية أن «يحوّش» من مصروفه جنيهين يأخذانه إلى «عالم آخر».

تلحظ فى عينيها براءة الأطفال: «أنا مابقدرشى آجى من الدرس لوحدى.. لازم بابا ييجى معايا»، تعود تلك الفتاة من درسها بعد المغرب ولكن والديها لا يأمنان عليها العودة وحدها، فالمدمنون ينشطون فى ذاك الوقت، وقد يكون أحدهم «مش فى وعيه» ويتعدى عليها.

بصوت يملؤه الألم يتحدث رجل فى السبعين من عمره عن إحدى المرات التى كان الشباب يوزعون فيها «البرشام» على باب المسجد، فخرج المصلون إليهم وطلبوا منهم الابتعاد من هنا، ومراعاة حرمة المكان، فنشبت «خناقة» بين المدمنين وأهالى المنطقة، انتهت بشتائم و(سب دين)، لذلك لا يستطيع أحد من سكان المنطقة الوقوف فى وجوههم.

والغريب أنه لاتجد بيتاً إلا ومعه أرقام ساخنة للاتصال بالشرطة، ولكن شاع بين الأهالى أن الشرطة جزء من المشكلة، فالشرطة تستخدم جزءاً من المروجين والمدمنين كـ«دسائس» للوشاية على غيرهم فى مناطق أخرى، حتى تبدو الشرطة وكأنها تقوم بواجبها - وفق ما أخبرنا الأهالى.
وقدّر سكان دربالة نسبة الشباب المتعامل مع المروجين بـ90% من شباب المنطقة، حتى تحولت إلى وكر ومقصد للتجار من مناطق أخرى كـ«القصعى» و«أبوسليمان» وغيرهما.

فى حين يرى مصطفى محمد مصطفى، عضو مجلس الشعب، عن دائرة المنتزه التابعة لها دربالة، أن هناك عشرات المناطق فى المحافظة كدربالة، أصبحت مركزاً للمدمنين وتجار المخدرات، متهماً الشرطة بالتغطية على أعمال التجار والمدمنين.

وقال إن ما يحدث فى دربالة من مساندة الشرطة للتجار ليس أعمالاً فردية من بعض الضباط، ولكنه «نهج عام» بعد أن أصبحت غير متفرغة لأمن المواطن ولا مكافحة الجريمة ولا البلطجة.

وأضاف أنه رغم طلبات الإحاطة التى قدمها فى المجلس لتكثيف التواجد الأمنى، وحملات التوعية التى قام بها بعض شباب المنطقة للمدمنين، وتوزيع أرقام لخطوط ساخنة على المواطنين للاتصال بالشرطة عند تعرضهم لأى أذى - حسب ما قال - إلا أن هذه الجهود فردية لم تجد صدى كبيراً فى المنطقة.

وقال إن الحل الأمنى ليس كافياً، فلابد من عمل مشروعات اقتصادية صغيرة لشباب المنطقة وفتح باب الرزق أمامهم، حتى لا يعودوا مرة أخرى للاتجار والإدمان، وعمل حملات توعية بين الأهالى، ولن يحدث هذا بجهود فردية، بل لابد أن تقوم كل من وزارات الإعلام والأوقاف والتضامن الاجتماعى والداخلية بدورها، والمشكلة أن الاخيرة أصبح كل همها «حماية الأمن السياسى وقمع الاعتصامات الشعبية والمظاهرات مستخدمة قانون الطوارئ، بدلا من مطاردة الخارجين على القانون وتجار المخدرات».
 
وطالب هيثم أبو خليل، مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، بمحاسبة مسؤولى الشرطة الذين يثبت تورطهم مع التجار والمدمنين.
ومن جانبه، رفض مصدر أمنى التعليق على انتشار المخدرات والمدمنين فى دربالة، وطالب «إسكندرية اليوم» بتقديم طلب لوزارة الداخلية للتصريح له بالتحدث فى هذه المشكلة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية