x

«سوريا».. ثورة تحولت لصراع دموى ينذر بحرب إقليمية

الجمعة 28-12-2012 21:08 | كتب: أيمن حسونة |
تصوير : رويترز

هى منطقة مصالح حيوية لم تعرف الاستقرار لعقود بسبب التنافس للنفوذ والسيطرة عليها بين القوى الإقليمية والعالمية، فضلا عن قيام إسرائيل عام 1948، لتعيش سوريا بعد استقلالها أعواماً من الانقلابات العسكرية المتوالية جعلت بعض ساستها يقول ساخرا إنه من يستيقظ مبكرا يحكم سوريا، إلا أن الوضع كان مختلفا فى عهد حافظ الأسد ونجله بشار الأسد الذى يتمسك بالسلطة رغم دمار بلده وسقوط عشرات الآلاف من القتلى، وتتحول المعركة إلى حرب طائفية تنذر بتدخل قوى إقليمية ودولية.

وتعد سوريا ميدانا مشتعلا لصراع دولى بين روسيا والصين من جهة وأمريكا والغرب بالطرف الآخر، فهى منطقة نفوذ موسكو الوحيدة للمياه الدافئة عبر القاعدة العسكرية الروسية فى طرطوس، والتى تعتبر الوحيدة لروسيا فى المتوسط.

ويعمل النظام السورى على إشعال فتيل حرب إقليمية تغطى على أزمته داخليا، وذلك باستغلال حضوره السياسى والعسكرى فى لبنان ولدى فصائل فلسطينية والوضع المتوتر فى العراق ودعم أكراد تركيا لإشعال هذا الفتيل، وكاد الأمر يتطور لحرب شاملة مع تركيا التى طلبت من حلف شمال الأطلنطى «الناتو» نشر بطاريات صواريخ «باتريوت» الدفاعية على حدودها وهو ما أثار قلق إيرانى وروسى شديد. وأعلنت طهران أنها لن تسمح بإسقاط نظام بشار الأسد، لأن التغيير يحاصر طموحاتها النووية، ويربك محاولاتها لفرض نفوذها فى المنطقة، ويرى مراقبون أن عدم تجاوز تركيا فى ردها على النظام كان وراءه مخاوف من اشتباك مع إيران أو مع حلفائها فى العراق ولبنان يستتبع تداعيات تضع القطار التركى على سكة لا يريدها.

ووضعت الثورة السورية إسرائيل فى مرحلة ضبابية فهى لا تستطيع من خلال اتخاذ خطوات سواء بالحرب أو السلام، وتنتظر إجابات على أسئلة من قبيل: هل سيكون ورثة الأسد أكثر انفتاحا على الغرب وإسرائيل، أم على العكس، سيحاولون تصعيد حدة المواجهة لنيل مشروعية داخلية وإقليمية بشن حرب فى الجولان، وماذا عن الأسلحة الكيماوية وهى أكثر ما يقلق إسرائيل، وأعلنت روسيا مؤخرا أن الحكومة السورية قامت بتجميع أسلحتها الكيماوية فى موضع واحد أو اثنين حتى تتمكن من تأمينها فى ظل المعارك الدائرة، خشية وقوع تلك الأسلحة فى يد الإرهابيين. وأقر مسؤول سورى بأن بلاده لن تستخدم الأسلحة الكيماوية فى معاركها مع قوات المعارضة وذلك فى اعتراف ضمنى بوجود هذه الأسلحة رغم النفى الرسمى لوجودها.

ويكشف سير المعارك فى سوريا مساعى لتقسيمها إلى دولة علوية فى اللاذقية وسنية فى المناطق الوسطى وحكم ذاتى بالمناطق الكردية القريبة من تركيا على غرار الوضع فى العراق. ويرى خبراء أن تركيز هجمات النظام السورى على حمص السنية من هدفه التمهيد لإقامة دولة علويّة قابلة للحياة لأن «حمص» تمثل العقبة الأبرز على طريق قيامها ورسم حدودها.

وتصنف المعارك الدائرة الآن فى سوريا على أساس أنها معارك طائفية بين نظام تقوده أقلية علوية ومعارضة تشكل الأغلبية السنية، وتدهورت الأوضاع بعد أن قام النظام بتسليح العلويين فى عدد من المناطق، واستخدامهم تحت مسمى الشبيحة فى عمليات القتل والترويع، وما وقع فى «حمص» كان دلالة على هذا النهج. أما الأهم من ذلك فيتمثل فى مواجهة الانشقاقات داخل الجيش بتشكيل كتائب من العلويين بالذات من أجل أن يكونوا مضمونى الولاء فى الحرب على بعض المناطق التى تتمرد على النظام. وأهم مخاوف تركيا هى أن واحداً من أهم الأحزاب الكردية وأقواها وهو حزب الاتحاد الديمقراطى لديه علاقات مقربة مع حزب العمال الكردستانى وهو مجموعة انفصالية تم ضمها لقوائم الإرهاب بالغرب التى تقاتل من أجل الحصول على حكم ذاتى فى المنطقة الجنوب شرقية من البلاد.

ودخول تنظيم القاعدة على خط المواجهة يثير قلق الغرب حيث إن «جبهة النصرة» التى تقاتل تحت لواء الجيش الحر المعارض تحد آخر، خاصة وسط تقارير استخباراتية غربية تعتبرها فرعا لترتبط بتنظيم القاعدة فى العراق، ويقدر معهد واشنطن من خلال دراسة استقصائية للتقارير الإخبارية المقاتلين الأجانب، خاصة الذين يشتبه بأنهم من أنصار القاعدة، بنسبة 5% من قوات المعارضة.

ومع تدهور الاقتصاد تزداد الأوضاع فى سوريا توترا بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان النظام السورى سيطرته على أراضيه بشكل تدريجى لصالح المناهضين له، الأمر الذى أدى إلى خروج حقول نفطية تديرها شركات تابعة للحكومة فى المناطق الشرقية من البلاد وتحظى بحماية الجيش وقوات الأمن، مما تسبب بخسائر مادية كبيرة للنظام. وتسبب حصار المصرف المركزى السورى وتعاملاته من قبل الدول العربية والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة فى تدهور قيمة الليرة السورية بشكل مفاجئ لتبلغ 100 ليرة فى مقابل الدولار من نحو 75 ليرة كمعدل استقر لشهور فى سوريا. وفى ظل كل تلك الأوضاع، تمثل سوريا أبرز تهديدات العالم فى 2013.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية