لم توضح المادة 213 من الدستور، الخاصة بإنشاء الهيئة العليا لحفظ التراث، كيفية تشكيل الهيئة، ودورها، ومصير الهيئات الحالية القائمة بالفعل على حفظ التراث وتوثيقه، وكتابة تاريخ مصر وثوراتها، ومن بينها وزارة الثقافة، التى تضم عدة هيئات مسؤولة عن جمع التراث وحمايته، ومنها دار الوثائق المصرية، ودار الكتب، والجهاز القومى للتنسيق الحضارى، ولجنتا التاريخ والتراث بالمجلس الأعلى للثقافة، وقطاع الفنون التشكيلية الذى يتبعه عدد من متاحف الفن التشكيلى التاريخية، إضافة إلى وزارة الآثار المسؤولة عن تراث مصر الأثرى، والجمعية الجغرافية التى تحفظ الكثير من تقاليد مصر وتراثها، مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى التابع لمكتبة الإسكندرية.
كل هذه الهيئات وغيرها، لا يعرف أحد مصيرها بعد أن نص الدستور على إنشاء هيئة لحفظ التراث، ولا يعلم أحد ما إذا كان سيتم دمجها فى الهيئة الجديدة، أم ستلغى ويتوقف عملها، أم ستستمر فى العمل تحت إشراف الهيئة الجديدة، وفى هذه الحالة هل ستقبل وزارات مثل الآثار والثقافة أن تخضع لإشراف هذه الهيئة، أم لا؟!
المؤرخ الدكتور عاصم الدسوقى يعتبر أن دور الهيئة هو إعادة كتابة التاريخ بمعرفة الدولة، ليكون الإخوان زعماء الثورة، مشبهاً هذه الهيئة، بقرار الرئيس الراحل أنور السادات بإنشاء لجنة لكتابة تاريخ مصر، كان يرأسها الرئيس السابق حسنى مبارك، واللجنة التى شكلها الملك فؤاد الأول لكتابة تاريخ والده الخديو إسماعيل.
وتختص الهيئة، وفقا للدستور، بتوثيق ثورة 25 يناير، وثورات مصر فى العصر الحديث، وهو ما يعتبر تكراراً لما تقوم به هيئات أخرى بدأت بالفعل فى ذلك، مثل مكتبة الإسكندرية التى انتهت من توثيق ثورات مصر فى العصر الحديث، وأوشكت على الانتهاء من توثيق ثورة 25 يناير، وهى الثورة التى مازالت مستمرة حتى الآن.
ووفقا لعلماء التاريخ فإن تاريخ الثورات لا يكتب أثناء حدوثها، أو بعد انتهائها بفترات قصيرة، وما يمكن أن يحدث الآن وما فعلته الهيئات المختلفة بالنسبة لثورة 25 يناير هو مجرد توثيق للثورة من خلال جمع مادة تستخدم فيما بعد مصدرا للكتابة، من بينها شهادات من اشتركوا فى الثورة، وتقارير السفراء الأجانب، والتقارير الصحفية العربية والأجنبية، والصور ولقطات الفيديو، وتتم كتابة تاريخ الثورة بعد إتاحة جميع الوثائق، فمثلا رسائل وتقارير سفراء الدول الأجنبية لا يتم الكشف عنها إلا بعد عدة سنوات تصل فى قوانين بعض الدول إلى 30 أو 50 سنة.
ووفقا لبعض المؤرخين، فإن دور هذه الهيئة من الممكن أن يكون وضع المعايير الخاصة بعمل مؤسسات الحفاظ على التراث، ومراقبة عملها، وإيجاد مصادر تمويل لمشروعات الحفاظ على التراث، وزيادة عوائد مصر من تراثها، مع الحفاظ على المؤسسات، بدلاً من أن تكون تكرارا لما هو موجود بالفعل، ويكرس هذا الأمر حالة التضارب فى هيئات الدولة الموجودة منذ عقود، على حد قول الدكتور خالد عزب، مدير إدارة المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية، والذى يؤكد انتهاء مكتبة الإسكندرية من توثيق جميع الثورات.