يتمتع د.مصطفى الفقى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، بقدرات خاصة فى التحليل السياسى والتعبير عن أفكاره التى تأتى انعكاساً لمعلومات غزيرة وقراءة عميقة لما بين الأحداث راهنها وماضيها، فضلاً عن جرأة تصل أحياناً إلى حد المغامرة، وتهدأ أحياناً أخرى إلى درجة الدبلوماسية فى أمور قليلة جداً بحكم عمله الأصلى.
الفقى يتحدث لـ«المصرى اليوم» عن قرب، بحكم اتصاله بدرجات مختلفة بالشخصيات.. محور الحديث فى ملف مستقبل الحكم فى مصر.. بداية من الرئيس مبارك مروراً بالدكتور محمد البرادعى فعمرو موسى وأخيراً جمال مبارك، وبالتالى فإن الحوار يحمل معلومات قد تنشر للمرة الأولى وتحليلات سياسية لم تدرج على الأجندة الفترة الماضية ورؤى مختلفة حول بعض القضايا الشائكة، وإلى الحوار
■ ما السيناريو الذى يمكنك وضعه لانتخابات الرئاسة فى ٢٠١١؟
- لا أظن أن هناك انتخابات رئاسية تعرضت للحديث المتكرر وأثارت لغطا فى الحياة السياسية عموماً مثل الانتخابات المقبلة، وفى رأيى أن هذه الانتخابات سيتقدم لها- وكل شىء بيد الله- الرئيس حسنى مبارك.
■ ولكن هناك كلاماً كثيراً يثار حول أن الرئيس لن يرشح نفسه؟
- إنه كلام عن البدائل، وأنا أعتقد أن الرئيس قطع على نفسه عهداً أمامنا بأنه سيظل يعمل لصالح مصر حتى آخر نفس فى حياته، وبالتالى هذا معناه أنه لن يتخلى عن أى فترة فى رئاسته، خاصة أن لياقته البدنية والذهنية حالياً فى أفضل أوضاعها.
■ هذا معناه أنه لن يكون هناك توريث لجمال مبارك مثلما يثار؟
- جمال مبارك من الممكن أن يرشح نفسه فى حالة فراغ منصب الرئيس، ولكن فى حالة وجود الوالد فإن هذا الأمر ليس مطروحا على الإطلاق.
هذه قراءتى للموقف، وهى نابعة من أننى أعلم أن جمال مبارك يريد لوالده طول العمر وطول البقاء فى موقعه، ويحدوه الأمل بعد ذلك.. هو لم يقل ذلك، ولكن من خلال سير الأحداث يتقدم كمرشح للحزب الوطنى فى حالة فراغ المنصب.
■ فى اعتقادك، هل من الممكن أن يكون هناك مرشح آخر للحزب الوطنى غير جمال مبارك؟
- لا أعتقد، ومن خلال معرفتى بطبيعة وتركيبة الوضع كله فإن هذا لن يكون متاحا فى الحزب الوطنى.
■ إذن نستطيع القول بأن جمال مبارك هو مرشح الحزب الوطنى فى حالة فراغ المنصب؟
- المرشح المنتظر للحزب فى حالة فراغ المنصب.
■ وماذا عن موقف المؤسسة العسكرية؟
- أعتقد أن المؤسسة العسكرية ستبارك ذلك.
■ ويصبح جمال مبارك أول رئيس مدنى لمصر؟
- هو رئيس مدنى لكن ابن رئيس عسكرى وتعيينه أو اختياره جزء من الولاء لابيه أولاً، وأن اختياره أكثر طرق الاستقرار فى ظل عدم وجود نائب للرئيس وفى ظل تعدد الأسماء المطروحة.
■ حتى مع رفض المعارضة للتوريث؟
- سوف تتقدم المعارضة بمرشح واحد إن استطاعت، وذلك يعد أمراً جاداً ومحترماً، وإذا كان البرادعى أو محمود أباظة أو أى شخص، فهذا يعطى الانتخابات زخماً وقيمة تحتاجها.
■ فلنتكلم عن مرشحى المعارضة المحتملين فى ٢٠١١.. نبدأ بالبرادعى؟
- البرادعى شخصية محترمة للغاية، وصاحب مكانة كبيرة جدا، وأنا من أقرب الناس إليه، ولكن القضية هى كيف يتحرك داخل تروس الآلة المصرية الحالية، فرغم أنه شخصية دولية مرموقة، إلا أنه لم يعهد التركيبة المصرية الحالية.
■ ماذا تعنى بذلك؟
- أعنى أنه لا يستطيع أن يتقدم كمرشح إلا فى ظل المادة ٧٦، وهى مادة ليست سهلة، فعلى الأقل تعنى أنه لا يستطيع أى رجل من الشارع يرشح نفسه مثلما يحدث فى العالم، وبالنسبة للبرادعى فإن المسألة «معقدة» إذا أراد أن يتقدم كـ«مرشح مستقل»، ويعد من أحد المستحيلات السبعة أن يجمع النصاب المطلوب من التوقيعات اللازمة للترشيح.. هذا صعب جداً.
■ كتبت انك كنت أحد المؤيدين للبرادعى فى ترشيحه للوكالة الدولية للطاقة الذرية.. ولكن قيل إن مصر رشحت شخصية أخرى.
- كانت هناك شخصية أخرى محترمة أيضا هو الدكتور محمد شاكر، وعندما لم يوفق الدكتور شاكر دعمت وأيدت الدكتور البرادعى، وأمضيت على أوارق تؤكد ذلك.
■ هذا عكس اتجاه الخارجية المصرية؟
الخارجية المصرية لم تكن مؤيدة لى فى ذلك على الاطلاق، ولكننى لجأت إلى المجموعة الأفريقية وعاوننى فى ذلك سفير السودان الراحل الدكتور أحمد عبد الحليم، وبالفعل ترشح الدكتور البرادعى باسم المجموعة الأفريقية.
وعندما سئلت عن رأى البلد الأصل فى هذا الترشيح كشرط لاستكماله قلت «إن مصر جزء لا يتجزأ من القارة الإفريقية تلتزم بما تلتزم به». وهكذا خرجت من الموقف بذكاء لكى لا أناقض موقف القاهرة، وفى نفس الوقت أقدم الدعم المطلوب للدكتور البرادعى باعتباره مرشحاً مصرياً.
■ ولماذا كانت ترفض مصر ترشيح الدكتور البرادعى؟
- والله لا أعلم، لكن لم يكن هو «المفضل».. تم ترشيح محمد شاكر، وعندما سألت من هو المرشح قالوا: ليس لمصر مرشح آخر.
ولكننى أشهد للتاريخ أن الرئيس مبارك اتصل بى فى فيينا لأمر خاص بالوكالة، فقلت له يا سيادة الرئيس لم يتح لى أن أتحدث مع سيادتك منذ أشهر، وحكيت له ما حدث، ورد على قائلا: «هذا أمر غريب». البرادعى «شاب كويس وأنا باسمع عليه كلام طيب.. ولم يقل لى اسمه للترشيح»، يعنى «الخارجية» رشحت اسماً واحداً توقفت عنده.. وانتهت.
■ كان ذلك فى عهد عمرو موسى؟
- نعم، ولكن عمرو موسى ليس هو المسؤول، كان هناك استطلاع لأجهزة مختلفة كانت ترى أن البرادعى قريب من الولايات المتحدة الأمريكية أكثر مما يجب ولن يكون مرشحاً مصرياً حقيقى، وفى ذهنهم على الأقل أنهم غير متحمسين له.
■ وهل بالفعل كانت أمريكا هى الداعمة له فى الانتخابات؟
- هى وكل الغرب، يكفى أن تعلم أنه حصل على ٣٤ صوتا من ٣٥ الأعضاء المحافظين، والعضو الـ٣٥ كان مرشحا وامتنعت دولته عن التصويت ولم تقدمه أيضاً.. يعنى اكتسح البرادعى اكتساحاً كاملاً.
وأتذكر أن السفير جون ريتش، السفير الأمريكى المندوب- حيث كان صديقاً- قال لى: أرجو أن تبلغ حكومتك أنكم بـ«شاكر» لن تحصلوا علىالمنصب، ولكن بـ«البرادعى» ستحصلون عليه فوراً.
ولماذا هذا الموقف، لأن محمد شاكر كان قد كتب دراسات تناوئ البرنامج النووى الإسرائيلى، وتتحمس للبرنامج النووى الإيرانى.. أما البرادعى فلم يكتب شيئاً من ذلك، بالإضافة إلى أنهم جربوه «نائب» الذى هو بمثابة الرجل الثانى فى الوكالة، والمسؤول عن أى شىء بها بصفته النائب.
■ وهل أبلغت الخارجية المصرية بكلام السفير؟
- طبعاً، كل شىء.
■ ومع ذلك امتنعوا عن التصويت؟
- قالوا لا.. كان لنا مرشح واحد ولم يأخذ حظه، و«خلاص الموضوع انتهى» رغم أنه فى أول دورة حصل محمد شاكر على ١٩ صوتا من ٣٥، وكان له أعلى الأصوات، لكن اخذ يتراجع فى الدورات التالية من ١٦إلى ١٢إلى ٩، حتى خرج الجميع ولم يحصِّل أحد النصاب اللازم.
■ هل تعتقد أن الدكتور البرادعى جاد فى ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة؟
- كنت ألاحظ أنه معنى بالشؤون الداخلية، وأتذكر أنه فى آخر زيارة له لمصر قال لى إنه سيذهب لزيارة بعض العشوائيات، وبالفعل ذهب إلى منطقة اسطبل عنتر وعاد وهو فى حالة ألم شديد، ثم قال لى إنه رأى ٩ يعيشون فى حجرة واحدة دون سقف أو دورة مياه، فهو ملم بالشأن الداخلى وكان حريصاً على التحدث فيه فى كثير من المناسبات.
■ ليس من أجل ترشيح نفسه للرئاسة؟
- لا هو صاحب العبارة الشهيرة التى ذاعت بأن «الفقر هو أقوى أسلحة الدمار الشامل». وفى رأيه أن مصر تحتاج إلى إعادة نظر فى كثير من القضايا، وقد كتب هو ذلك صراحة.
■ لم تجب عن سؤالى.. هل جاد فى الترشيح أم لا؟
- أعتقد أنه يثير قضية أكثر من أنه يتقدم للترشيح لأنه يعلم أن المسألة ليست بهذه السهولة، وأتذكر أنه عندما جاء إلى القاهرة قبل عدة سنوات أبلغت السيد جمال مبارك بوجوده فقال لى «أنا أريدك أنت وهو لأتناول الإفطار معكما».
وذهبنا إليه وأمضينا معه ساعتين، وتحدث مع السيد جمال مبارك فى كثير من القضايا بلا استثناء وبحرية كاملة، وبالتالى لا أستطيع أن أقول إن موقفه «محجوب».. أبدا، إنه يحمل «قلادة النيل».. لا تنسى، والقلادة تمنحه وضعا بروتوكولياً يتقدم به على كثير من الوزراء المسؤولين.
وحسب معلوماتى من بعض المسؤولين فى الرئاسة فإن البرادعى عرضت عليه وزارة الخارجية بعد عمرو موسى مباشرة، وكان فى «القائمة الصغيرة» التى تضم ٣ أسماء، وأبلغ أن الرئيس وضعه ضمن الـ٣ أسماء التى سيختار منها الرئيس، وطلب معرفة رأيه لكنه اعتذر، وقال إنه يريد إكمال مسيرته فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكان ذلك عام ٢٠٠٠/٢٠٠١.
■ وماذا عن رأيه فى جمال مبارك بعد الساعتين اللتين قضاهما معه؟
- أبدى سعادة وارتياحا لانفتاحه، وأنه كان مهذباً للغاية معه ومستمعا جيداً لكل ما قاله.
■ وهل كان الحوار عن الشأن الداخلى أم الخارجى؟
- الشأن الداخلى والخارجى ودور مصر وأهمية الإصلاح فيها وشرح السيد جمال مبارك باستفاضة مراحل الإصلاح التى تمت.
■ وهل لاقت قبولا من الدكتور البرادعى؟
- «آه.. يعنى» خرج مرتاحاً.
■ وما إمكانية أن يتوافق مع أحد أحزاب المعارضة لترشيح نفسه؟
- لا أعلم، لأن كل الأحزاب ذات الوزن مثل الوفد أو التجمع لم تفكر فيه . من فكرت فيه أحزاب صغيرة الحجم، ولا أعتقد أنها من الممكن تحقق نسبة الـ ٣% المطلوبة لتقديم مرشح للرئاسة، والبرادعى ليس أمامه سوى أن يكون مرشحاً مستقلاً وهذه عملية شاقة للغاية فى جمع التوقيعات من المحافظات.
■ وهل هى مستحيلة فى ظل سيطرة الوطنى على معظم المقاعد؟
- بالضبط، يجب أن تعترف أن المادة ٧٦ وضعت إطارا معينا لاختيار رئيس الجمهورية، بحيث لا يمكن أن يتقدم له أى شخص عادى.
■ وما رأيك فيما أثير ضد البرادعى بمجرد إعلان ترشيح نفسه؟
- هذا لا يليق، الجنسية السويدية لا.. ما حدث أنه جاءنى فور تعيينه وسلمنى جواز السفر الدبلوماسى وقال لى إن الأمم المتحدة أعطته جواز السفر الدولى وسوف يبقى معه مدى الحياة وبالتالى شكر مصر فى خطاب رقيق وسلم الجواز الدبلوماسى الذى كان به كسفير معار من الخارجية المصرية للوكالة الدولية للطاقة الذرية وهذه طبيعة وظيفته لكنه لا يحمل جوازاً سويدياً ولا غيره.
■ كان هناك تفسير للحملة التى تعرض لها بأنها «إجهاض» لأمل الناس؟
- أنا أعتقد أنها لم تكن حملة ذكية على الإطلاق وأساءت أكثر مما نفعت، ونفعته أكثر مما تصوروا أنها تسئ إليه. وبالعكس كان يجب الترحيب بالترشيح، وترك المسألة للضوابط الحاكمة.. إنت «زعلان وقلقان من إيه؟» .
■ كان هناك بعض المعارضين ينادون الرئيس مبارك بتعيين نائب.. هل تعتقد أننا بحاجة حاليا لتعيين نائب؟
- الوقت متأخر للغاية ولا أعتقد أن هذا الأمر وارد وقد بقى على تجديد انتخاب الرئيس قرابة أقل من العامين.
■ وأنت ترى أن قلق المصريين على مستقبل الرئاسة طبيعى؟
- طبيعى لأن منصب الرئيس فى مصر خطير للغاية لأن منصبه هو الأساس الذى يحرك كل مناحى الحياة، فمن الطبيعى أن يقلق المصريون.
■ وكلام الحزب الوطنى أن الاعلان عن اسم مرشحه سابق لأوانه؟
- عملت إلى جانب السيد جمال مبارك كثيرا، لم أسمعه مرة واحدة يتحدث عن الترشيح للرئاسة، وهو يؤدى عملاً ما يعتقد أنه يؤدى دوره لكن لم أسمعه يتحدث عن الترشيح أو يروج لنفسه كمرشح على الإطلاق.
■ كلامك متناقض قلت لى فى البداية إنه «المرشح المنتظر» فى حالة الفراغ، والآن تقول لى إنه لم يفكر؟
- نعم هو المنتظر لكنه لم يبدأ أى حملة للترشيح.
■ البعض يقول إن هناك مجموعة فى الدولة تروج وتخطط لتولى جمال مبارك؟
- ربما كانت هناك
■ ألم تسمع عن وجود هذه المجموعة؟
- أعرف أن هناك الكثير من المتحمسين له، وبالتأكيد يقودهم المهندس أحمد عز.. أنا أتكلم إليك بصراحة.
■ وهل ترى أن عمرو موسى من الممكن أن يكون مرشحاً؟
- عمرو موسى موقفه أصعب من البرادعى. أولاً لأنه خرج من رحم هذا النظام وعليه أن يحسبها بطريقة مختلفة وعمل فيه ١٠ سنوات فى وزارة الخارجية ولقى أكبر دعم لمسؤول فى إدارة الرئيس مبارك.
■ يعنى الرئيس مبارك أكبر داعم لعمرو موسى؟
- بالتأكيد وهو الذى دعمه بالترشيح فى المرة الأولى والثانية فى جامعة الدول العربية.
■ البعض يقول إن ذلك للتخلص من شعبيته؟
- أى تفسير وارد، ولا أعتقد ذلك، فمن الممكن أن «يقعده فى البيت.. كان يقدر يعملها وتطفى الدنيا». لا أعتقد فمصر بها الرجل الأول.. واقرأ القرآن «اذهب إلى فرعون» صريح.
■ ترى أن هناك صعوبة فى ترشيح عمرو موسى؟
- هو حساباته مختلفة، وأكثر حذراً.
■ ناقشت معه الفكرة؟
- لأ هو بيتكلم بتحفظ ولم يطرح اسمه بشكل مباشر مثلما فعل البرادعى.. البرادعى هو الشخصية الوحيدة التى طرحت نفسها بشكل علنى وحاد.
أما عمرو موسى رشحه كثيرون وأجاب إجابات متحفظة ولا تخلو من «غموض» وترك الباب موارباً لكنه لم يبد تطلعا للمنصب.
■ وما زال لديه أمل فى التجديد له كأمين عام لجامعة الدول العربية؟
- لا أعتقد، الأجواء العربية لا تساعد من ناحية، ومن ناحية أخرى أعتقد أن ١٠ سنوات قضاها كأمين عام ويفكر فى التجديد هكذا يقول، لكن من يعلم قد تضطره الظروف إلى التجديد وقد تضطر مصر للاحتفاظ بالمنصب إلى طرح اسمه من جديد.
■ هل ستنتهى فترة ولايته قبل الانتخابات الرئاسية؟
- فى نفس العام لكنه يستطيع إذا أراد أن يقدم استقالته قبلها بشهور ويتفرغ للحياة السياسية، و«خد بالك» إن الترشيح الحزبى أياً كان يقتضى سنة على الأقل عضوا بالحزب.
■ ما رأيك فى المادة ٧٦؟
- مادة صعبة وطويلة وكتبها من كتبوها بعناية و«عينهم على أهداف معينة»
■ ما أهدافهم؟
- يريدون أن يضمنوا الرئيس القادم لمصر من الحزب الوطنى.
■ يعنى جمال مبارك؟
- لا أستطيع أن أقول إن جمال مبارك أعطاهم هذه التعليمات ولا الرئيس لكن أنت تعلم أن فى كل نظام هناك من يريدون الخدمة ويقرأون العيون ولا يستمعون إلى الحديث فالمسائل سهلة.
■ وهل تتوقع أن تأتى انتخابات ٢٠١١ ويكون عمرو موسى مرشحاً منافساً للرئيس؟
- لن يرشح عمرو موسى نفسه منافساً لـ«حسنى مبارك».. هذا مستحيل لأن «العين ما تعلاش على الحاجب»، وإذا كان المرشح شخصاً آخر أياً كان فقد يفكر عمرو موسى فى خوض المعركة الانتخابية.. هذه ليست معلومات وإنما قراءتى الشخصية للموقف.
■ ما رأيك فى فكرة أن الناس بدأت تلجأ للأسماء الدولية مثل زويل والبرادعى وعمرو موسى عند الترشيح؟
- ذلك بسبب قلة المتاح، فالحياة السياسية خطيرة جداً فى مصر وليس فيها شخصيات ذات زخم وذات قيمة، لذلك يتم النظر للشخصيات التى لها وزن دولى.
■ كيف ترى التأثير الدولى على المرشح القادم لمصر؟
- لا أعتقد أنه سيأتى رئيس قادم لمصر وعليه فيتو أمريكى ولا حتى اعتراض اسرائيلى للأسف.
■ يعنى أن أمريكا وإسرائيل ستشاركان فى اختيار الرئيس؟
- لن يشاركوا، ولكن سيفتحون الأبواب أو يغلقونها وأعتقد أن الترحيب بالسيد جمال مبارك لديهم أكثر من غيرهم لسبب بسيط أنهم يرون أن الذى تعرفه خير من الذى لا تعرفه.
■ لكنهم يعرفون عن الدكتور البرادعى أيضا؟
- لكنهم لم يجربوه فى الداخل وأيضاً البرادعى قد يأخذ بعض المواقف الحادة تجاههم.. فعل ذلك وهو فى الوكالة.
■ ولكن ما قرأناه أنه لم يتخذ موقفاً ضدهما؟
- هذا ليس صحيحا، فى الحرب على العراق رأيته بعينى وسمعته بأذنى هو وهانز بلكس يصران على عدم وجود أدلة على وجود أسلحة نووية فى العراق لذلك أطاحوا بالاخير، والبرادعى كان من الذكاء بحيث لم يرشح نفسه فى هذه المرة لأنه يعلم انه لو ترشح كانوا سيطيحون به.
وأيضا هو قال إن اسرائيل عليها أن تعلن عن ترسانتها النووية.. الموظف الدولى هذا المفروض أنه موظف محايد، وهذا هو حياده مع الآخر وفى الموقف الإيرانى كان شجاعاً للغاية.
■ البعض قال إن له أكثر من ٣٠ سنة خارج مصر «يعنى ما يعرفهاش»؟
- ليست هذه حجة، هو كان يذهب ويأتى وله بيت هنا يقضى به الصيف معنا، كل سنة ويتابع أخبار مصر والعالم.. هو «متداخل» وليس بهذه الصورة.
■ وهل تعتقد أنه من الممكن أن تكون له شعبية فى مصر؟
- فوجئت بأن ترحيب المعارضة به محدود ولا يخلو من تحفظ ونظروا إليه كمنافس، وكأنك تحضر واحداً فى فريق الأهلى، والزمالك «بيشترى» فانلة أو لاعباً من بره، فلم يكن هناك الترحيب المتصور به وأعتقد أنه بدأ يعيد حساباته بعد رد الفعل فى الصحافة.
■ ورد فعل المعارضة التى تمسك بالعصا من المنتصف؟
- لم نسمع حزباً كبيراً له أهمية، لم نسمع عن تخلى رئيس الحزب ليدعو البرادعى.
■ ألم يحدث بينكما اتصال من وقتها؟
- حدث وكان مستاء، وعاتباً على بعض الشخصيات مثل د.مفيد شهاب ود. على الدين هلال وقلت له إنهما يحملان له احتراماً شديداً وكنت تحدثت مع د.مفيد شهاب وقال لى «إن البرادعى له مكانة رفيعة الشأن لدى، ولكن انتخابات الرئاسة هذه قضية أخرى.. أنا مع البرادعى الشخص بكل احترام لكننى ضد البرادعى الموقف فى قضية الانتخابات».
■ وحضرتك؟
- أنا مع البرادعى الشخص بلا حدود وأطلب منه مراجعة ما يقوم به حتى لا يكون مجرد خطوة رومانسية غير محسوبة.
■ أنت تراها كذلك؟
- حتى الآن أراها كذلك.
■ وما رأيك فى الشروط التى يضعها؟
- «خد بالك» جزء كبير من الشروط التى قدمها إخراج صحفى هو بيسأل فيجيب، والبيان الذى اصدره لا يعنى بالضرورة أنه يقدم شروطا.. معناه انه يفكر بصوت عال.
■ وما رأيك فى الأفكار التى طرحها؟
- معظمها أفكار كانت مطروحة من كل الناس، إنه يتكلم عن الترشيح فى ظل ظروف مختلفة.
■ هل تعتقد أن النظام من الممكن أن يغير هذه الظروف ؟
- لأ طبعا الوقت متأخر جداً وغير وارد هذا على الاطلاق.
■ ولا حتى تعديل المادة ٧٧؟
- أعتقد أن هذا هو الكارت الأخير الذى يمكن تقديمه لتمرير أى موقف فيما بعد، إذا أعلنت أن المادة ٧٧ للرئيس مدتان لا تزيدان فسوف تكون إمكانية وصول السيد جمال مبارك إلى الحكم ٩٠%، فهذا هو «الكارت الأخير» المحتفظ به.. وهذه ليست معلومات وانما قراءات.
■ وما رأيك فى مبادرة هيكل ومجلس الأمناء؟
كتبت هذا فى الصحافة وقابلته وعارف رأيى أيه أنا ضد تسمية أسماء، أنا ضد تحديد أسماء.. هو قام بأشياء غريبة و«اشمعنى اختار رشيد محمد رشيد ويوسف بطرس». كنت أرى أنها مسألة فيها «شخصنة»، وهو ذكر اسماء تضعف من قيمة الاقتراح ..انت تقول أنا باقترح بعض الشخصيات العامة والمتميزة لكى تكون مجلسا استشارياً إلى جوار الرئيس، ولكنك «بترص لى معارفك وتقولى ده وده».
■ هل ترى أن مصر مقبلة على فوضى سوداء؟
- المصرى يستشعر الخطر مبكراً ووجود قوات مسلحة قوية فى مصر يمنع فكرة الفوضى السوداء، ونحن لسنا فى لبنان نحن لدينا مؤسسة عسكرية قوية ومحكومة وصلبة واقفة على قدميها بشدة حتى فى حالة الاختلاف على مرشح سوف تكون الكلمة العليا للمؤسسة العسكرية وليس هناك ما يدعو للقلق، هناك دستور واضح ومؤسسة عسكرية تحمى الشرعية عند اللزوم.
■ دعنا نتكلم فى اقتراحه المحدد.. هل ترى أن تكون هناك جمعية تأسيسية بعيدا عن الأسماء وأن تكون هناك فترة انتقالية؟
- هذا اقتراح طرحه قبل هيكل الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، وهذا الأمر يحتاج تغييراً جذرياً فى موضوع القائمة، الذين يضعون هذه السيناريوهات يتحدثون فى فراغ، هناك واقع موجود دستورى وتشريعى وسياسي، والفترة القادمة قصيرة لا تتيح لمثل هذه الأمور أن تتم.
■ الظروف الحالية تحتاج إلى تعديل؟
- أعتقد أن تعديل المادة ٧٧ لابد أن يتم.
■ والمادة ٧٦؟
- مسألة صعبة حاليا لابد أن يأتى ضمن تعديلات دستورية كاملة فيما بعد.. ليس قبل الانتخابات القادمة أبدا.
■ وما السيناريو الذى تراه لعام ٢٠١١؟
- أمد الله فى عمر الرئيس سوف يترشح ويترشح أمامه بعض رؤساء الاحزاب كما حدث فى المرة الماضية وإذا تركت الأمر بحرية للشعب المصرى فسيختار الرئيس مبارك فى هذه المرحلة، بسبب الضبابية والإحساس بأن من له تجربة عرفها الناس على مدى ٢٥ سنة أفضل، والخوف من المستقبل.
■ هذه طبيعة الشعب؟
- طبعا، هذه طبيعة الشعب المصري.
■ ألا ترى أن الناس من الممكن أن تميل للتغيير مثلما حدث فى الجولة الاولى لانتخابات الصحفيين؟
- ولكن النتيجة أنه لم يكن هناك تغيير. العبرة بالانتخابات الثانية، والشعب مع إعطاء مبارك فرصة نهائية حتى تنضج قوى معينة يستريح لها.
■ كيف ترى فرصة أيمن نور فى الترشيح مرة أخرى؟
-لا أعتقد ذلك
■ لماذا؟
- لأنه بدأ مرحلة الهبوط التقليدى، فقيمته كانت وهو فى السجن وبخروجه من السجن انتهت قضيته دوليا وداخليا، وكثيرون يرون أنها كانت قضية سببها سوء الاخراج الحكومى وليس سببها كفاءات الأشخاص.
■ إذن الوفد والتجمع هما المرشحان للمنافسة؟
- طبعا، الإخوان المسلمين لا يفكرون فى الترشح لانتخاب الرئاسة ولا يسعون «للعب فيها» وهم قالوا ذلك صراحة. إذن لدينا حزبان هما الوفد والتجمع، وهما التاليان مباشرة للوطنى على الساحة.
■ وهل ستكون هناك منافسة فى هذه الحالة؟
- مع مبارك المنافسة ضعيفة.
■ ترى أن الاخوان المسلمين من الممكن أن «يلعبوا بأى موقف لأنهم يحبون الصفقات»؟
- أعتقد أنهم سيكونون حياديين.. ليس لمرشح الرئاسة بالتأكيد وقد يعطون أصواتهم لمرشح آخر مثلما أعطوا أصواتهم لأيمن نور فى المرة الأولى، فقط لانه مرشح غير الرئيس مبارك.
■ تعتقد أنه من الممكن أن يوافقوا على موضوع التوريث؟
- لا اعتقد أنهم يوافقون عليه فى ظل المادة ٧٧ وفى ظل بعض الإغراءات من الرئيس الجديد.
■ إغراءات.. يعنى صفقة؟
- لا.. يعنى أن يقال لهم شكلوا حزباً سياسياً وسندعمكم، وهناك اخراجات كثيرة ولا اعتقد أن اعتراضهم على جمال مبارك اعتراض حاد.. اعتراض دعائى أكثر منه سياسيا.
■ وما رأيك فى حملة ضد التوريث التى أطلقها د. حسن نافعة؟
- حملة ليس لها جذور شعبية قوية مثل حركة كفاية، حاجات موسمية لا ضمان لاستمرارها على الإطلاق.
■ هل تؤيد وجود رقابة دولية على الانتخابات الرئاسية؟
- رقابة دولية بضوابط معينة مثلما يحدث فى الخارج، يعنى لو عهد إلى د. بطرس بطرس غالى كرئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان أن يأتى برقابة دولية نكون هنا أمام حل صحيح لأنه يعهد لهيئة مصرية بأن تتولى استقدام والإشراف على عناصر الرقابة الدولية.
■ وما دور النظام هنا؟
- قد يقبلها فى ظرف معين وظروف معينة فيها احترام للسيادة وعدم تدخل فى الشأن الداخلى.
■ ولماذا ترفض الحكومة الرقابة الدولية من وجهة نظرك؟
- هناك نزعة عامة فى مصر تعتبرها ضد الكرامة الوطنية وأنا لا أراها كذلك على الاطلاق بدليل أننا كنا نراقب الانتخابات الأمريكية.
■ هل ترى أن انتخابات ٢٠٠٥ بالحدة والعنف اللذين شهدتهما ممكن أن تتكرر فى ٢٠١١؟
- يتوقف ذلك على المرشح إذا كان المرشح هو الرئيس ستكون من أسهل الانتخابات.
■ ولكن ماذا عن حالة الجدل الموجودة حاليا؟
- مادام الرئيس مبارك من الصعب أن تطرح هذه الاسماء، هذه الاسماء تطرح نفسها فى حالة خروج الرئيس.
■ حتى د.البرادعى؟
- أعتقد ذلك.