«لن أمتنع عن إجابة أى سؤال».. كان هذا وعداً من الدكتور إبراهيم كامل، رجل الأعمال والقيادى البارز فى الحزب الوطنى الديمقراطى، فى بداية حديثنا، نجح فى الوفاء به.
هو صاحب أول شركة مصرية تصنع طائرات الركاب، يعمل فى عدد من المجالات الصناعية والسياحية، رأس المجلس الرئاسى المصرى الأمريكى لست سنوات، وحصل على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة عام ١٩٦١، والدكتوراه فى إدارة الأعمال من جامعة ميتشجان الأمريكية سنة ١٩٧٠.
ورغم أمنيته الدائمة بالعودة للتدريس فى الجامعة، إلا أنه مشتبك بقوة فى عدد من الملفات السياسية والاقتصادية الساخنة، ويكشف لـ«المصرى اليوم» فى هذا الحوار عن اعتقاده بأن الهيئة العليا للحزب الوطنى– وهو واحد من أعضائها– ستختار جمال مبارك مرشحاً فى الانتخابات الرئاسية المقبلة عام ٢٠١١ إذا امتنع الرئيس مبارك عن الترشح، كما يوضح موقفه من جماعة الإخوان المسلمين ومشاركة الدكتور محمد البرادعى فى الحياة السياسية.
ويشرح كامل أسباب رفضه إنشاء أول محطة نووية مصرية فى موقع الضبعة، مقترحاً البحث عن مواقع بديلة لها لتجنب تأثيرها السلبى على الاستثمار السياحى فى الساحل الشمالى، وهو لا يخفى أنه صاحب مصلحة مباشرة فى ذلك، بالنظر إلى امتلاكه مشروعاً سياحياً كبيراً ملاصقاً لموقع المحطة المقترحة، فإلى نص الحوار.
■ كيف تقيّم حالة الحراك السياسى فى مصر حالياً، وهل هى مثلما يقول البعض «حمل كاذب» لن يفضى إلى إصلاح حقيقى؟
- الحراك موجود فى مصر وجزء منه يمكن أن نطلق عليه تعبير حراك سياسى، مثل ما يحدث فى حزب الوفد من محاولة للتطوير، وأيضاً العمل الهائل المؤسسى والتنظيمى الذى يحدث داخل الحزب الوطنى، بإلإضافة إلى بعض التحركات التى قد تكون مؤثرة ومنها دخول الدكتور محمد البرادعى إلى العمل فى الساحة السياسية، وهنا أود أن أتوجه له بنصيحة خالصة وأقول إن عملية تغيير الدستور قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة أمر غير واقعى، وإذا كان يحاول كمواطن تغيير النظام السياسى إلى الأفضل فلابد أن يقبل العمل على تغييره من الداخل وليس من الخارج.
■ ما ملامح رئيس مصر القادم بعد انتخابات ٢٠١٠؟
- هناك قرار لابد أن يتخذه السيد الرئيس.. إذا قرر أن يخوض الانتخابات فى ٢٠١١ فهو رئيس مصر القادم وكلنا نعرفه، أما إذا قرر الرئيس مبارك ألا يخوض الانتخابات المقبلة لأى سبب من الأسباب فأتصور أن مرشح الهيئة العليا للحزب الوطنى سيكون السيد جمال مبارك، وهو رجل يمثل قيادة متميزة، وكثير من قادة العالم فى الوقت الحالى فى سن جمال مبارك، وهو أعطى الكثير ويعمل ليل نهار منذ خمسة عشر عاماً متصلة للمصلحة العامة، يقوم بجولات فى محافظات مصر لا تتوقف وبلا ضجيج إعلامى..
جمال مبارك تربى فى ربوع القيادة السياسية ويتمتع بأخلاقيات فى أدائه يحسد عليها، لو نظرت لميدفيديف أو أوباما وهما رئيسا القوتين الأعظم فهما فى العمر نفسه، وأود هنا أن أشير إلى فترتين درست فيهما عن قرب أسلوب جمال مبارك فى العمل الأولى فترة عضويته فى المجلس الرئاسى المصرى- الأمريكى وكان خلالها من أكثر الأعضاء التزاماً بالمسؤولية إن لم يكن أكثرهم، والفترة الثانية كانت أثناء عضويته فى الأمانة العامة للحزب الوطنى فخلال السنوات الثمانى الماضية كان المحرك لثورة التطوير المؤسسى للحزب الوطنى الديمقراطى، ومن خلال رئاسته للجنة السياسات وللمجلس الأعلى للسياسات فإنه درس كل الملفات المهمة للتنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بالتفصيل، وهو قادر على تحمل المسؤولية الكاملة من أول يوم فى العمل، وطبعاً يجب ألا ننسى الخبرة التى اكتسبها أيضاً بالنسبة للملفات السياسية الداخلية والخارجية.
■ جمال مبارك.. هل هو رابح أم خاسر من دوره السياسى؟
- لا أريد تلخيص وجود جمال مبارك فى الساحة السياسية فى صورة خاسر أو رابح، لأن ظروف تواجده حساسة جداً، وأتصور أن السيد جمال مبارك لو كان له أى اسم مختلف لكان التقدير للدور الذى قام ويقوم به أعلى بكثير من التقدير الذى يحظى به الآن، هو رجل مصرى لديه إمكانيات ذهنية وثقافية عالية، يتقدم للعمل العام ويعمل بجدية وإصرار على تحقيق النتائج، والمقابل الوحيد لهذا العمل هو خدمة البلد، أرجو له استمرار التوفيق حتى تكتمل مسيرة التطوير فى الحزب الحاكم.. وأتمنى أن أراه رئيساً لمصر ليكمل مسيرة التنمية والاستقرار.
■ كيف تنظر إلى دعوة الدكتور محمد البرادعى لإجراء تعديلات دستورية؟
- مع تقديرى للدكتور البرادعى الذى لا أعرفه على المستوى الشخصى ولكن تابعت عمله، وهو شخصية مصرية محترمة يسعد المواطن المصرى باهتمامها بالعمل السياسى، ولكن أتصور أن الدكتور البرادعى عندما يطالب بتعديلات دستورية كشرط للمشاركة فهو يقول ذلك غالباً لعدم أخذه الوقت الكافى لدراسة واستيعاب كل أبعاد ما يطلبه، ففيما يتعلق بمن له حق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، هل يمكن أن نتصور أنه فى أى بلد فى العالم يمكن أن يتقدم أى شخص دون أى قواعد أو ضوابط تحكم هذا الترشح؟
طبعاً لا يمكن أن نتصور ذلك، القواعد المنظمة لعملية اختيار المرشحين لرئاسة الجمهورية فى دستورنا تسمح بمشاركة كبيرة فى هذه الانتخابات، وأى حزب من الأحزاب الممثلة فى البرلمان بعد انتخابات ٢٠١٠ سيكون من حقها ترشيح أحد أعضاء هيئتها العليا، وأيضاً يسمح الدستور للمستقل الذى يرغب فى الترشح لرئاسة الجمهورية إن يحصل على توقيعات أعداد معينة من أعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس الشعبية فى المحافظات، وطبعاً هذا هو الطريق الأصعب، والطريق الأسهل هو الانضمام لأحد الأحزاب ثم الانضمام للهيئة العليا لهذا الحزب، وأتصور أنه فى حالة الدكتور محمد البرادعى فإن أكثر من حزب يمكن أن يرحب به، لكن وضع الشروط المسبقة، وعلى رأسها التعديلات الدستورية، أمر مبالغ فيه وغير واقعى..
قرار الدكتور البرادعى هو قراره ولكنى كمواطن أتمنى أن أرى انتخابات جادة، وخوض البرادعى المنافسة يساعد على أن تكون الانتخابات المقبلة مختلفة عن التى سبقتها، خصوصاً لو كان المرشح للحزب الوطنى الديمقراطى أى شخص آخر غير الرئيس مبارك شخصياً، بمعنى أنه لو كان مرشح الحزب جمال مبارك وتمت الانتخابات لتكون الأكثر نزاهة فى تاريخ مصر المعاصر، فإن عقدة الرفض لجمال مبارك واعتبار مجيئه نوعاً من التوريث سينتفيان تماماً، وأؤكد هنا أن أى وسيلة أخرى تأتى بجمال مبارك لتحمل المسؤولية كرئيس لمصر غير مطروحة.
■ قلت إن الانتخابات ستكون «جادة» إذا ترشح البرادعى أمام أى شخص غير الرئيس.. لماذا؟
- تواجدت أثناء جولات الرئيس الانتخابية فى أكثر من محافظة خلال انتخابات ٢٠٠٥، وباختصار شديد الشعب المصرى يحب الرئيس مبارك وينظر إليه نظرة الأب والزعيم لمصر، وهنا تلاحظين أننى استخدمت كلمة الحب ولو أضفنا التقدير والاحترام والعرفان بكم العطاء الذى قدمه لفترة تزيد على ستين عاماً فإن ذلك يجعل مهمة أى مرشح أمامه شبه مستحيلة، ولكن علينا أن نأخذ فى الاعتبار أنه قد يكون فى رأى الرئيس أنه أعطى الكثير ويجد من حقه أن تذهب مسؤولية إدارة الدولة التنفيذية إلى شخص آخر، مع الأخذ فى الاعتبار أن رئاسته للحزب الحاكم تجعله زعيماً للأمة بلا منازع.
■ لماذا معظم الأحزاب «ورقية» بينما تعد جماعة الإخوان المسلمين هى أكثر قوى المعارضة تنظيماً؟ وهل أنتم مع وصفها بالمحظورة رغم امتلاكها ثانى أكبر كتلة فى مجلس الشعب بعد الحزب الحاكم؟
- جماعة الإخوان المسلمين إما أنها جماعة سياسية أو جماعة دينية، وهذا الموضوع لم يحسم منذ أن تم إنشاؤها سنة ١٩٢٨، فإذا كانت جماعة سياسية فأنا كمواطن ضد عمل هذه الجماعة السياسى شكلاً وموضوعاً لأن مصر تؤمن بتعدد الأديان وفيها كل الأديان: الإسلام، والمسيحية، واليهودية، وبالتالى فإن تأسيس جماعة سياسية على أساس دينى أمر مرفوض ولو كنت المسؤول فلن أسمح بخوض جماعة الإخوان المسلمين أى انتخابات تحت أى مسمى، ولكن مع الأسف هناك نوع من السماحة فى العمل السياسى أدى إلى خوضهم الانتخابات الماضية ونجاح ٨٨ منهم فى مجلس الشعب.
■ هل تتوقع اندلاع ما يسميه البعض ثورة الجياع فى مصر كنتيجة مباشرة لتزايد الهوة بين الفقراء والأغنياء؟
- تزايد الهوة بين الفقراء والأغنياء مصدر للقلق فى أى مجتمع، ولكن إذا نظرنا للمجتمع المصرى سنجد أن أحوال الفقراء تتحسن نسبياً، مصر قبل ثورة ٢٣ يوليو كانت مليئة بالفقراء ولكن تطلعاتهم وتوقعاتهم كانت محدودة الفقير لم يكن يتوقع أن يأكل لحمة ولم يكن يتوقع لابنه مكاناً مضموناً فى المدرسة ولا يفكر إلا فى شراء جلباب واحد كل سنة، أرجو هنا ألا تسيئى الفهم فأنا لا أتمنى أو أقبل هذه الأوضاع لأى فئة من المواطنين، ولكن هناك مسؤولية علينا جميعاً لتوعية المصرى بكيفية الإنفاق الرشيد من دخله على أسرة حجمها يجب أن يكون معقولاً لمواجهة احتياجاته هو وأسرته.. ولا أفهم حتى الآن أن هناك أكثر من ٤٠ مليون موبايل فى أيادى المصريين، وأصبح التليفزيون الملون هو الأساس فى تأثيث أى منزل جديد أكثر من التليفزيون الأبيض والأسود، والناس يتكلمون عن أسعار اللحمة أكثر مما يتكلمون عن أسعار السلع الأساسية.
الذى يقلقنى على مستقبل البلد أكثر هو الإعلام غير المنضبط وغير الهادف الذى نجح بشكل كبير فى خلق حالة من الاكتئاب العام، وما نعيشه الآن هو فترة يمكن أن نصف فيها عناوين بعض المطبوعات اليومية أو الأسبوعية إذا ما وضعت فى ظرف مغلق بأنها منشورات سرية لقلب نظام الحكم.
■ لماذا لم تؤت الخصخصة نتائجها المرجوة حتى الآن؟
- كلما سمعت كلمة الخصخصة وجدت نفسى أمام إحدى المشكلات الرئيسية فى شرح الاقتصاد المصرى، ما هو حجم الخصخصة التى تمت فى مصر، وما هو حجم «العمعمة» التى حدثت؟! عمليات الخصخصة أرقامها هزيلة لا تعبر عن شىء.. وحجم الاستثمارات العامة التى تمت خلال الفترة نفسها يفوق أضعاف حجم ما تمت خصخصته فإذا نظرت للمجتمع المصرى ككل ستجدين أن حجم الملكية العامة زاد ولم ينقص.
■ بالنسبة لتولى رجال أعمال مناصب فى الدولة كيف يمكن الفصل بين المصالح الفردية والعامة ومنع تزاوج المال بالسلطة؟
الدولة القوية لا يجب أن تخشى تأثير رأس المال على الحكم، لأن إرادة الدولة فوق الجميع. ومصر دولة مستقلة، إرادتها فى أيدى أبنائها ١٠٠٪ وليست محتلة وعدم الاستفادة من العقول الموجودة فى مجال الأعمال ليس صحيحاً، وأتمنى أن تنتهى التشريعات التى تحقق فصلاً تاماً بين ثرواتهم ووجودهم فى العمل التنفيذى فى أقرب وقت ممكن.
■ كيف تنظر إلى معالجة الصحافة لأخبار وتصرفات رجال الأعمال؟
- صورة رجل الأعمال تقدم دائماً للمجتمع المصرى بقدر من التحيز المقصود ضد هذه الفئة من فئات المجتمع، والسبب أن قادة الرأى وأغلبهم فى مصر إما من المدرسة الاشتراكية وبالتالى يرفضون رجال الأعمال شكلاً وموضوعاً أو من قلة حسنة النوايا ولكن تحكم على تصرفات القلة من رجال الأعمال وتجد فيها تجاوزات غير طيبة، ولكن كل الأعمال الجادة والإيجابية التى يقوم بها رجال أعمال على مستوى مصر لا يذكر عنها شىء ولا يكون لها أى تقدير. وأغلب رجال الأعمال لا يتقدمون للدفاع عن أنفسهم، ولكن القطاع الخاص يوفر فى صمت أكثر من ٧٥٪ من فرص العمل فى مصر.
■ هل توافق على الطريقة التى تعاملت بها الحكومة تجاه أحداث مقتل الشاب خالد سعيد فى الإسكندرية أثناء محاولة بعض أفراد الشرطة إلقاء القبض عليه؟
- قد تكون هناك تجاوزات داخل أقسام الشرطة، ولا أتصور أنها تحدث على سبيل الرغبة لأن أقسام الشرطة يعمل بها مواطنون من أبناء مصر ليس ممكناً إطلاقاً أن يصحوا من النوم يبقوا عايزين يعذبوا الناس لكن قسوة ظروف العمل فى بعض الأحيان قد يترتب عليها تجاوزات، وفى بعض الأحيان طبيعة من يرتكبون أفعالاً ضد القانون قد تجبر العاملين فى الشرطة على الإقدام على بعض التصرفات غير المقبولة طبعاً من الناحية القانونية وأيضاً الاجتماعية، ولكن هذه التجاوزات لا تحدث فى مصر فقط.
■ تقارير عدة تشير إلى صلاحية منطقة الضبعة لإقامة المحطة النووية الأولى لكنك على رأس الرافضين لبناء المشروع فى هذا المكان لماذا؟
- وسائل الإعلام صورت مجتمع رجال الأعمال كأنه ضد إنشاء المحطة النووية فى منطقة الضبعة، وهذا غير حقيقى لأن رجل الأعمال الوحيد الذى تصدى بالرأى الآخر لموقع هذا المشروع هو أنا- وهذا رأى مواطن مصرى اسمه إبراهيم كامل. وهناك تضخيم متعمد لإقناع الرأى العام بأن رجال الأعمال طامعون فى أرض المشروع وهذا غير حقيقى وبداية أحب أن أكون واضحاً حول ما إذا كان لدى أى مصلحة تقترب من هذا الموضوع، فإحدى شركاتنا لها مشروع ملاصق لسور هذه المنطقة فى الساحل الشمالى، ونحن أقدمنا على تنفيذ هذا المشروع، عندما قررت مصر إيقاف مشروعات توليد الكهرباء باستخدام الطاقة النووية بعد انفجار مفاعل تشرنوبل فى أوكرانيا.
ومن المفترض أن يصل عدد الفنادق فى هذا الموقع الملاصق إلى ٦ فنادق بطاقة ٣٠٠٠ غرفة، وفى رأيى الشخصى أن منطقة الساحل الشمالى لو طورت ستكون أكبر مصدر للدخل السياحى لمصر ويمكن أن يصل عدد السياح الأوروبيين إلى أرقام غير مسبوقة، ولكن هذا يتطلب فكراً مختلفاً لتنمية هذا الساحل.
الرياح فى مصر شمالية غربية بمعنى أن ما يحدث فى الساحل الشمالى سينتقل إلى الدلتا كلها ثم إلى القاهرة، ولا قدر الله فى حالة وقوع حادثة فى هذه المنطقة فإن حجم الضرر سيكون بليغاً جداً، وأبناؤنا وأحفادنا سيلعنون اليوم، الذى اتخذ فيه أجدادهم قرارات خاطئة، والبعض يقول إن مستوى الأمان عالٍ جداً فى المحطات الجديدة، وإن احتمال وقوع حادثة مثل تشرنوبل شبه معدوم، لكن مع تسليمى بالتطور التكنولوجى، الذى يحدث فى العالم، فاحتمالات الحوادث تظل واردة. وحضرتك ترين أن بعض سواحل أمريكا الآن تُدمر كلية، نتيجة حادثة بئر بترول محفورة فى المياه العميقة فى هذا المكان لا نستطيع إلغاء احتمالات الحادثة من حساباتنا أبداً، وبالتالى درجة المخاطرة مرتبطة بدرجة العائد الذى سوف يتحقق.
هذا مشروع لتوليد الكهرباء، فلنحاول تقييم المزايا والعيوب المتعلقة به، أولاً: قيمة هذه الأرض التى يقام عليها المشروع كانت «لا شىء» منذ أكثر من ٣٠ عاماً، واليوم قيمتها تتراوح بين ١٥ و٢٠ مليار جنيه، فكيف نقيم محطة لتوليد الكهرباء على أرض قيمتها مليارات الجنيهات لمجرد إرضاء بعض الناس، الذين عملوا فى هذا المجال؟ ويقولون إن المشروع سيتم إلغاؤه لو تغير المكان، أنا لا أناقش قرار الدولة فى استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء من عدمه، كل ما طالبت به هو إعادة النظر فى الموقع، فلابد أن ننظر إلى كل المواقع ونجد البدائل حتى لا نتسرع فنخطئ، ونتسبب فى الإساءة البالغة لمستقبل الأجيال المقبلة.
من المؤكد أننا سنجد البديل فى بلد مساحته مليون كيلو متر مربع، وأنا أتعجب من أن رأى المواطن إبراهيم كامل تم تحويره وتصويره على أن رجال الأعمال ضد أحلام مصر النووية. الموضوعان مختلفان تماماً، كيف أضحى بالسياحة مقابل محطة كهرباء، فالسياحة من أكثر الأنشطة التى تحقق مقاومة البطالة الحقيقية، وتخلق فرص عمل بشكل كبير جداً، وإقامة هذا المشروع فى تلك المنطقة ستؤثر على السياحة، وهناك تأثير نفسى على السائح عندما يعلم أن بجانبه محطة تدار بالطاقة النووية.
■ ما تفسيرك لتحرك مصر الآن باتجاه دول حوض النيل.. هل جاء ذلك متأخراً أم فى التوقيت المناسب.. وما مقترحاتك للخروج من الأزمة؟
- موضوع دول منابع حوض النيل مهم جداً، وهذه الدول يجب أن تكون لها الأسبقية فى كل تفكيرنا المستقبلى، إثيوبيا تستقبل سنوياً ١٦٥٠ مليار متر مكعب من المياه فى صورة أمطار، فكيف يمكن أن تكون مشكلتنا هى الاحتفاظ بحصتنا البالغة ٥٥ مليار متر مكعب فى السنة، علماً بأن ٨٥٪ من موارد النيل تصل مصر من الهضبة الإثيوبية، حان الوقت لأن ندرس المشروعات المشتركة مع إثيوبيا لتخزين المياه التى تمكننا من زيادة حصة مصر بدلا من انتظار تحفيضها، وكان علينا أن نتحرك منذ سنوات طويلة فالاستثمار المصرى فى هذا الجزء من العالم سيكون له مردود اقتصادى وسياسى مهم جداً على كل المستويات، علينا أن ننسى العصبية وننسى ردود الأفعال غير المدروسة ونبحث عن حوار متصل مع القيادات فى الدول المؤثرة من دول المنبع، والأهم أن عمليات التنمية الاقتصادية لهذه الدول، يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من المسؤولية المصرية، وعلينا أن نستثمر فيها، وننظر إلى دول مثل إثيوبيا وأوغندا وكينيا على أنها امتداد لمسؤوليتنا الاقتصادية المحلية.