مشروع الخلافة الإسلامية، وعودة ظهور الجماعات المتطرفة، ومدى ارتباطها بتنظيم القاعدة من جانب ومن الجانب الآخر بجماعة الإخوان المسلمين، أفكار وموضوعات فرضت نفسها على الساحة حاليا. «المصري اليوم» بحثت عن العلاقات التي بين هذه الأفكار والموضوعات في ظل الظروف الراهنة، واستكشفت الروابط بينها عند أحمد بان، الباحث بمركز النيل للدراسات السياسية والاستراتيجية.
وإلى نص الحوار:
■ بداية كيف ترى مرور الذكرى الثالثة عشرة لتفجيرات 11 سبتمبر؟
- تمثل ذكرى أليمة جدا لكل مهتم بالعمل الدعوى والإسلامي، حيث كانت الولايات المتحدة قبل 11 سبتمبر مفتوحة أمام الدعوة الإسلامية الوسطية وكانت هناك حملة قبول واسعة لفكرة الدولة الإسلامية، ومثل هذا الحادث قطيعة مع هذه الحالة ومكارثية ضد الإسلام بحيث أصبح متهما ودشن لمرحلة جديدة من العداء للإسلام فيما يسمى الحرب على الإرهاب.
■ ماذا عن الظروف الحالية ووجود بيئة مماثلة تفرز لنا مجموعات تتبنى الأفكار الجهادية؟
ـ هذه المجموعات ينطلق عملها من الآية الكريمة «وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُود وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ»، وهو تصور ضيق للآية بتقسيم الناس لمعسكر إسلامى وآخر للكفر.
■ كيف تقرأ وجود مبرر لعمل هذه المجموعات وما حدث خلال الأيام الماضية؟
ـ المسلمون كانوا بصدد إقامة دولة إسلامية ممثلة فى مشروع الإخوان المسلمين، لإقامة دولة الخلافة وهذا المشروع ضد الولايات المتحدة، وأمريكا لها مصلحة مباشرة في القضاء عليه حتى لا تجد نفسها أمام الخلافة الإسلامية، التي تريد أن تتسيد العالم وهذا المشروع كانت نواته مصر وتونس وتركيا وفي تصور المجموعات الجهادية أن أمريكا قضت على هذا المشروع، ما جعلهم ناقمين وغير متعاطفين مع فكرة «الدولة بشكلها الحالى».
■ هل ترى أن البيئة الحالية ستساعد على إفراز جماعات جديدة تتبنى الفكر الجهادي؟
ـ ما لم يستوعب النظام السياسي الإخوان فهو يدفع لإنتاج نسخ جديدة من الإسلاميين أكثر ميلاً للعنف وأقل قدرة للتكيف مع مخرجات الديمقراطية والدولة الحديثة. ويبدو أن هذا قد بدأ يتحقق فصورة «بن لادن» عادت لتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعى بوصفه بطلا كما يرى الكثير من شباب التيار الإسلامي، رغم أنه جنى على الإسلام وكرس عنه صورة سلبية وأضر بالدعوة.
■ الجهاد، التطرف، الإرهاب، مصطلحات ظهرت بكثرة حاليا، ما الفرق بين الجهاد والإرهاب؟
ـ الجهاد شرع للأمة للدفاع عن أعدائها أو بسبب منع الدعوة لتصل الناس والسبب الثانى لم يكن قائما والآن تستطيع أن تخاطب العالم كله وتدعوه عبر شتى الوسائل، إذاً يتبقى دفع العدوان عن الدولة خارج حدودها أما كل المسميات التي طرحت من مجموعات حركية توسعت في هذا المفهوم وتوسعت بفهم بعض الآيات مثل «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله» فقد خرجوا بالآيات عن معناها الصحيح فالجهاد يعلنه رئيس الدولة بعد الرجوع للأمة ومؤسساتها، ويكون ضد دولة أخرى تقوم بالاعتداء علينا داخل الحدود أما المجموعات التي تعطى نفسها الحق بذلك أو تستهدف الدولة فهى قد تعسفت في فهم الآيات ولا علاقة لها بالجهاد، فما تقوم به هو «إرهاب».
■ لو تحدثنا عن القاعدة.. هل لها وجود في مصر خاصة سيناء؟
ـ القاعدة لها وجود فى مصر لكنه فكري وليس تنظيمياً، عبارة عن استلهام الأفكار لزعماء القاعدة وما يحدث هو تشكيل مجموعات صغيرة لا يوجد بينها رابط تنظيمي تعمل بنفس الآليات والوسائل.
■ كيف ترى التنظيم حاليا بعد انتشاره في عدة دول وما هى الاختلافات بين فروعه في أفريقيا وآسيا واليمن والصومال؟
ـ لا يوجد بينها رابط تنظيمى بل فكري والمجموعة الأكبر في أفغانستان تحاصرها الطبيعة والجبال و«الناتو» وأمريكا ومع الوقت أعتقد أن الظاهرة ستضمر وليس لديها مستقبل.
■ برأيك هل الفكر الجهادي في تراجع أم تصاعد؟ وما أسباب ذلك؟
ـ الحقيقة نحن أمام مجموعات إرهابية وليست جهادية تتستر خلف الجهاد، فالجهاد له قواعد وأصول وشرائط فقهية لا يدركونها وبالتالى كل فرد من هذه المجموعات يعلن نفسه أميرا، ويستهدف الدولة فيصبح إرهابيا، وهذه المجموعات تم اختراقها وتوظيفها من قبل أمريكا وليس لديهم فكرة عن الدولة ويرددون أفكارا ساذجة وينخرطون في أعمال إجرامية، وهذا الفكر تصاعد، خاصة فى الشرق الأوسط.
■ هل هناك ارتباطات بين التنظيمات الجهادية في غزة ونظيرتها بسيناء. وهل للإخوان في مصر و«حماس» بغزة علاقة بتلك التنظيمات؟
- فى غزة التنظيمات الإسلامية بعضها أسست لكى تحارب اليهود في فلسطين وتمارس الجهاد ضد المحتل الصهيوني وهذا أمر مشروع مثل كتائب «عز الدين القسام» وهذه المجموعات عملها مشروع إذا اقترن بمقاومة الاحتلال أما إذا تحولت إلى داخل سيناء في عمليات تستهدف الجيش المصري فقد خرجت عن إطار الحركة الجهادية إلى الحركة الإجرامية، التي لا تختلف عن أي عصابة تمارس تجارة المخدرات أما الإخوان فلا يوجد علاقة بينهم وبين هذه المجموعات ولكن العلاقة موجودة بين الجماعة وبين حركة «حماس»، وفيما يتعلق بتوظيف كتائب «عز الدين القسام» داخل مصر فـ«الإخوان» و«حماس» أعقل من أن يخاطرا بذلك لأن هذا الأمر قد يطيح بالقضية الفلسطينية للأبد.
■ ماذا عن مصادر تمويل وتسليح هذه الجماعات في سيناء وغزة وبلاد المغرب العربي؟
ـ المجموعات التي تنشط في مقاومة الاحتلال الصهيوني مصادر تمويلها ليس مشكلة لأن القضية الفلسطينية محل اهتمام كل مسلمي العالم الذين لا يبخلون بالتبرع من أجل محاربة الكيان الصهيوني أما دول المغرب العربي يتدخل فيها العناصر الإقليمية لمنع الاستقرار ولا يستبعد أن يكون الدور الأكبر للمخابرات الصهيونية التي تستهدف إضعاف الدول العربية، وبالنسبة لسيناء فهي تعد ملعبا خصبا لأجهزة المخابرات المعادية نتيجة لترهل الأوضاع الأمنية هناك.
■ معنى كلامك أنك لا تستبعد أن تكون هناك أجهزة مخابرات توظف تلك المجموعات الإرهابية؟
ـ بكل تأكيد من الممكن أن توظف مخابرات دول أخرى طرفا معينا دون أن يكون لهذا الطرف علم بذلك.
■ هل ترى مخاطر للمتشددين في ليبيا، خاصة في مدينة «درنة» على الأمن القومى المصرى وهل بإمكانهم التسلل عبر الحدود المصرية؟
ـ قبل سقوط «القذافي» حذرنا مما يحدث في ليبيا وأنه على مصر أن تتدخل، لكن الجيش المصري كان منخرطا في الشأن السياسى ولم يكن لديه الوقت والجهد الكافيان لمواجهة هذه الأزمة التي تمثل تهديدا كبيرا وبالفعل حدث تسلل كبير لكميات ضخمة من السلاح.
■ ولمن كان يذهب هذا السلاح؟
ـ إلى المجموعات الإجرامية المنتشرة في سيناء.
■ هل الحل الأمني هو الوسيلة الوحيدة لمواجهة الإرهاب وقمع الجماعات المتطرفة أم أن هناك حلولا أخرى؟
ـ للأسف الشديد الدولة المصرية تتعامل مع هذه القضية بالإعلام والأمن يضرب وهذه الوسائل لم تعد تجدى نفعا مع هذه الظاهرة، لأنه طوال الوقت تصنع نسخا أكثر عنفا بسبب التعامل الأمني والوسيلة الأنجح هى عودة الدولة المصرية بالقيام بدورها الحقيقى والفقر يشكل بيئة خصبة لاحتضان أي فكرة، أما الاختصار الأمني يعقد المشكلة.
■ هل تعتقد أنه في حال توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا من شأنها أن تطال الجماعات الجهادية هناك خاصة جبهة النصرة؟
ـ بالعكس الضربة موجهة بالأساس للنظام السوري لإضعافه لأنه مؤخرا حصل تقدم لقوات النظام على حساب قوات الجيش الحر وجبهة النصرة وقيام أمريكا بتلك الضربة لضبط إيقاع الصراع واستمراره.
■ لماذا تريد الولايات المتحدة استمرار الصراع؟
ـ خطة أمريكا هى «الطوق النظيف» أي تفريغ المنطقة حول إسرائيل من الجيوش النظامية فقد بدأت بالجيش العراقي ثم انتقلت للجيش السوري ثم هى تريد الانتقال إلى الجيش المصري بهدف إنهاكه في صراعات داخل سيناء، وإيجاد ذرائع بعد ذلك تسمح بالتدخل في مصر من أجل أن تبقى إسرائيل هي الأقوى وتستطيع فرض كلمتها على المنطقة.