x

سوريون في طوابير «مفوضية اللاجئين».. «الله يرحمك يا عبد الناصر»

الخميس 12-09-2013 23:27 | كتب: يمنى مختار |

يحتشد مئات السوريين داخل مقر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، نساء وأطفال ورجال يهرعون إلى المكتب يوميًا في الخامسة فجرًا لتسجيل أسمائهم من أجل الحصول على البطاقة الصفراء، التي تضمن لهم الحماية في مصر، خاصة بعد اتخاذ الخارجية قرارًا بمنع دخول أي سوري لا يحمل تأشيرة. 

بين عشية وضحاها، سحبت الحكومة المصرية الكثير من الامتيازات، التي يتمتع بها اللاجئ السوري في مصر بداية من حقه في الدخول إلى الأراضي المصرية، دون الحاجة إلى تأشيرة، مرورًا بحقه في تلقي الرعاية الصحية والتعليمية داخل المستشفيات والمدارس الحكومية.

20 يومًا فقط هي إجمالي المدة، التي مكثها السوري «س.م» في مصر، قبل مظاهرات «30 يونيو» بأيام قليلة، ظن أن مصر ستكون له الملجأ، بعدما ضاقت به الظروف المعيشية في بلده، وعجز عن تلبية أبسط طلبات ابنته، التي لا يتجاوز عمرها العامين ونصف العام.

«الحكومة المؤقتة خذلتنا في أول قرارتها، وأخذت كل السوريين بذنب قلة قليلة ارتكبوا حوادث فردية ضد المصريين».. كلمات قالها «س.م»، الذي تخوف من الإفصاح عن اسمه، معبرًا عن خشيته من وجود صعوبات في الحصول على الإقامة وإعادة تجديدها، كما يخشى أن تتصاعد القرارات إلى حد تسفير السوريين الموجودين في مصر.

يضيف: «الوضع مأساوي في سوريا، فألبان الأطفال غير متوفرة وكذلك الأدوية، وتركنا بلادنا لأن الظروف المعيشية شديدة الصعوبة وأغلقت لبنان والأردن أبوابها في وجوهنا، ولم يعد أمامنا إلا المصريون، الذين ما زالوا يعاملوننا كآدميين بعكس دول الخليج».

قاطع إياد محمد، الذي كان يبحث عن أى فرصة للتنفيس عما بداخله من مهانة، خاصة بعدما بات 4 ليال على أرصفة الشوارع ولا يجد مكانا يأويه عقب قدومه إلى مصر، الحديث بقوله: «الله يرحم أيام جمال عبد الناصر، من إمتى السوريين بيحتاجوا فيزا عشان يدخلوا مصر، العالم عم بتتقتل في سوريا ويلزمهم شهر كامل لاستخراج الفيزا»، مؤكدًا أن استخراج التأشيرة يستلزم الحصول على ورقة أمنية من السلطات السورية والتوجه بها إلى السفارة المصرية.

وأضاف: «مش معنى إن كام واحد أخدوا 500 جنيه عشان يرفعوا علم سوريا في رابعة العدوية يبقى كل السوريين مثلهم»، مشيرًا إلى أن الجالية السورية في مصر أصدرت بيانًا تؤكد فيه على عدم تدخلها في السياسة المصرية الداخلية وأنهم مجرد ضيوف يحترمون قوانين البلد، الذي يتواجدون فيه.

«إياد» استنكر القرارات الصادرة بمنع السوريين غير حاملي التأشيرة بدخول مصر، وأكد على يقينه أنها قرارات مؤقتة لا تمثل آراء المصريين، وطالب بالتراجع الفوري عنها لإنقاذ السوريين من الموت المحدق بهم بعد أكثر من 5 أشهر قضاها في مصر.

الحال نفسه قابل ماهر، الذي جاء من سوريا، ولم يقتنع بفكرة تسجيل اسمه في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، حيث وجد في مصر «الملاذ الآمن»، خاصة حين منحه أحد المصريين شقة يسكن فيها، رافضا أن يتقاضى منه أي مقابل مادي إلا أنه مع تطور الأحداث في مصر، ومطالبة أحد قيادات المعارضة السورية لكل السوريين بضرورة التسجيل شعر بالخوف وحضر إلى المفوضية ليحصل على البطاقة الصفراء.

يقول ماهر: «المصريين والسوريين طول عمرهم شعب واحد معقولة نلجأ لمنظمة دولية وبطاقة صفراء عشان تحمينا واحنا وسط أهالينا»، مبديًا تخوفه من صدور قرار بترحيل السوريين من مصر.

في المقابل، ترى إحدى المنظمات الحقوقية المهتمة بشؤون اللاجئين أن مصر تنتهج سياسة «الباب المفتوح» فيما يتعلق بحقوق اللاجئين، حيث تسمح لهم بالدخول ولكنها ترفض تقديم أي مساعدات لهم، فتتولى المفوضية مهمة إعطائهم حق اللجوء وتقديم المساعدات المادية.

وأضافت المنظمة الحقوقية أن عودة طائرات بأكملها إلى دمشق واللاذقية بعد دخولها مطار القاهرة، يعد انتهاكًا صريحًا من الحكومة المصرية لاتفاقية اللاجئين، التي وقعت عليها، عام 1951، حيث تنص الاتفاقية على عدم جواز إجبار اللاجئ على العودة القسرية، خاصة أن وضع سوريا لا يحتمل.

ورغم أن بيان وزارة الداخلية نص على أن الإجراءات، التي اتخذتها هي إجراءات مؤقتة، نظرًا لظروف المرحلة الانتقالية، التي تمر بها مصر، فإن المنظمة تعتبره قرارًا سياسيًا، خاصة بعد ظهور السوريين كمؤيدين لنظام الرئيس المعزول مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين، في مؤتمر نصرة الشعب السوري، ووجود بعض السوريين في اعتصام رابعة العدوية، والقبض على بعض الأفراد السوريين في الاشتباكات الأخيرة، واعتراف أحدهما بتقاضي أموال من «الإخوان» مقابل الاعتداء على المتظاهرين.

يقول «أ.ك»، ناشط سوري في مجال حقوق اللاجئين، إن معظم السوريين أُخذوا بذنب قلة قليلة، مؤكدًا أن الشرطة ألقت القبض على أكثر من 25 سوريًا بعد ضبطهم في نقاط التفتيش بسبب عدم امتلاكهم أوراق إثبات شخصية، رغم أنهم طوال الفترة، التي قضوها في مصر، لم يسألهم أحد عن أوراقهم الرسمية، حيث كانت لهجتهم المميزة هي جواز مرورهم إلى أي مكان.

وأضاف الناشط الحقوقي أن الكثير من السوريين بدأوا يتخذون طريق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا أو تركيا عبر الموانئ المصرية، خاصة بعدما «أصبحت مصر بيئة غير مرحبة بالسوريين، وتشكك في ولائهم إلى النظام المصري الحالي».

«أي سورى لم يعد قادرا على دخول مصر، سواء كان قادما من سوريا أو مقيما في إحدى دول الخليج، فالسفارات المصرية ترفض منح السوريين أي تأشيرات لدخول مصر، وذلك بعدما أصدرت الخارجية قرار بإعفاء السوريين من رسوم التأشيرات»، وهو الأمر الذي اعتبره يقف حائلًا أمام مجيء الطلاب السوريين، الذين يرغبون في استكمال دراستهم في مصر.

وكشف أن السوريين الذين تواجدوا في «رابعة» ينتمون إلى «الإخوان»، وهم من العاطلين، الذي يتولى التنظيم الإنفاق عليهم، مشيرًا إلى أن السلطات السورية أصدرت قرارا، عام 1982، بإعدام أي شخص ينتمى للجماعة، مما دفعهم إلى الهجرة إلى دول الخليج والأردن ومصر.

وقال: «تحدثنا معهم كثيرًا، وأعربنا عن رفضنا التدخل في أي شأن يتعلق بالسياسة المصرية الداخلية، وأصدرنا بيانًا يوضح بأن موقف الجالية السورية من أي تحرك في مصر سواء في رابعة أو ميدان التحرير حيادي، واتفق أكثر من 95% من السوريين في مصر على هذا الأمر، إلا أن الإخوان السوريين يسيطرون على صفحة تنسيقية الثورة السورية في مصر ويوجهونها لصالحهم».

وأكد أنه كان دائم التواصل مع حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين للحصول على مساعدات للسوريين، باعتبار أنهما الجهة، التي تمثل الحكم في مصر مشيرا إلى أن سقوط نظام «الإخوان» سيؤثر بالسلب على حجم المساعدات التي يتلقاها السوريون.

دخول السوريين إلى مصر ضم حضور أكثر من 1500 رجل أعمال سوري منذ بداية الثورة السورية، واتخذوا نفس الموقف الرافض للتدخل في السياسة الداخلية، إلا أن تغير معاملة المصريين معهم عقب الإعلان عن القبض عن أحد السوريين ومعه خرطوش جعلهم يتخوفون على أعمالهم وحياتهم، ويتوجهون إلى «المفوضية» لاستخراج البطاقة الصفراء.

وتقدر أعداد السوريين في مصر بما يقرب من 300 ألف سوري، من بينهم 110 ألف فقط مسجلين كلاجئين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بينما يظل أكثر من 80 ألف لاجئ سورى على قائمة الانتظار.

ويتركز معظم السوريين في القاهرة الكبرى والإسكندرية والإسماعيلية ودمياط٬ كما يتواجدون في أسيوط، والمنوفية، المنصورة، الفيوم وبني سويف بصورة أقل كثافة.

 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية