x

محمد حسنين هيكل: الحركات الثورية ترفض الواقع لكنها لا ترى البديل

الخميس 12-09-2013 19:25 | كتب: اخبار |
تصوير : حسام دياب

أكد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن الرئيس المعزول، محمد مرسى، كان فى حالة قلق مما يدار فى مكتب الإرشاد، ويعرف أن هناك من يضغط عليه، وأحياناً يعطيه الإملاءات، خاصة أنه لم يكن فى مقدمة رموز الجماعة، بل تم الدفع به فى انتخابات الرئاسة كبديل فى الساعات الأخيرة، لذا حاول الاستناد إلى الجيش، ملوحا بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأصر على استدعاء الجيش إلى الاجتماع الأخير قبل ثورة 30 يونيو.

واستكمل «هيكل» فى سلسلة جديدة من حلقات برنامج «مصر أين، ومصر إلى أين؟» مع الإعلامية لميس الحديدى، على فضائية «سى بى سى»، وتنشر «المصرى اليوم» الحلقة الأولى منها، التي تذاع اليوم، تحليل الموقف، وقراءة ما بين السطور فى المشهد السياسى الراهن، مطفئاً جمرة الحيرة إزاء أوضاع محلية دقيقة، وكاشفاً من خلال قراءته المعادلة السياسية الدولية، وقبل هذا يتحدث الأستاذ عما وصفه بالمعنى الحقيقى لـ«الشجن» عندما طالت نيران الغدر مكتبة تمثل ظل التاريخ لجيل كامل وأجيال قادمة فى برقاش البلد، حيث يقيم الأستاذ.. وإلى نص الحوار:

■ الحديث عما جرى لبيتك فى «برقاش» يوم فض اعتصام رابعة العدوية مؤلم بالنسبة لك، أليس كذلك؟

- لأول مرة أعرف ما معنى كلمة «شجن»، فهذا المكان حافظت على خصوصيته، ودائماً كنت أقول لزوجتى: «إذا لم نترك هذا المكان، فسوف يتركنا، لأن الزمن له اعتبار والسن أيضاً»، وكانت ثمة أطروحة من أبنائى تقول بتحويل هذا المكان إلى مؤسسة فكرية، تنفيذاً لمبادرتى الخاصة بشباب الصحافة العربية، واقترحوا أن تكون مقراً على غرار مؤسسات إنجلترا الخاصة، مثل «ديكشلى»، وهى مكان ريفى له طابع تاريخى يمكن من خلاله أن يقدم رسالته حتى بعد رحيل اصحابه، وهذا كان تصورهم فى الحقيقة.

■ كيف عرفت بهذا الاعتداء؟

- كنت مسافرا، وفى يوم فض الاعتصام، فى الثانية عشرة ظهراً، أخطرت عبر اتصال هاتفى أن كل شىء حدث، وأن النيران التهمت كل شىء.

■ من الذى صنع هذا؟

- الأوامر صدرت فى رابعة، وكان السؤال الشاغل: ما هو الظهير؟، وثبت لاحقاً أن الظهير غير مباشر، وهو إثارة الفوضى، لكننى لم أحزن على برقاش بمقدار حزنى على وضعها مع المتاحف والكنائس والجوامع التى أصبحت مخازن للسلاح.

■ ماذا تم حرقه فى برقاش؟

- برقاش عبارة عن 25 فدانا تتوسطها سبعة أفدنة تضم المكتبة ومنزلا ريفيا للأحفاد، وبيت معيشة للناس، لكن ما ذهب أبعد من ذلك، فهو أدبى وفنى وإنسانى، مثلاً كان هناك جدار كبير علقت عليه 55 لوحة للفنانين راغب عياد، مروراً بالجزار والرزاز وصلاح طاهر وتحية حليم وكنعان وغيرهم، معلقة بارتفاع دورين، والجدار بالكامل احترق، وهناك مكتبتان إحداهما تحمل فى طياتها أمورا مهمة، منها كتاب «وصف مصر فى 1807-1808»، وفى المكتبة أيضاً كانت هناك خطابات اللورد كرومر، التى كتبها لأهله عن مصر.

■ هل هذا هجوم على «هيكل» أم على العلم والتاريخ والفن؟

- بالدرجة الأولى أنا، ولا أعلم لماذا، لقد كنت أنادى بإعطاء الإخوان الفرصة.

■ هل نجح تحرير الإرادة فى 30 يونيو، أم أنه مازال يتعثر؟

- 30 يونيو وسعت من مساحة الممكن، ومد النظر بأكثر مما هو منطقى ومحتمل، وهذا جزء من الصدمة، وثمة فارق كبير بين تحرير الإرادة وبين توسيع نطاقها، ففى لحظة معينة كانت القيود على حرية الحركة كبيرة وطويلة جداً، وبدأ هذا منذ 74 من أول ظهور الولايات المتحدة فى المنطقة، لكنى أعرف أن الاختراقات أكثر مما هو صحى لأى بلد، وأصبحت هناك حالة من عدم التعجب فى ظل هذا، فأوروبا تتدخل والعالم كله، وكأن المنطقة ساحة كبيرة للشطرنج، وعندما نتذكر أوضاع ما قبل يناير، لن نجد ما يبعث على الأمل والتفاؤل، فوضع الأنظمة كان غريبا: حافظ الأسد مكث 40 عاماً فى سدة الحكم، والقذافى 40 عاماً، ومبارك 30 عاماً، فى ظل هذا الشكل الثابت لا يمكن أن يأمل أحد فى التغيير، والأوضاع الداخلية والخارجية كانت تنذر بقرب الانفجار، أنا خرجت مبكراً فى 2009، وطرحت فكرة الانتقال إلى مستقبل مختلف، قلت هذا فى حديث مع مجدى الجلاد فى «المصرى اليوم» وطالبت بإنشاء مجلس أمناء الدولة والدستور، وأن يكون له رئاسة تمهد لهذا الانتقال الطبيعى.

■ لكن كيف نقارن ما حدث فى 25 يناير بما حدث فى 30 يونيو؟

- 25 يناير لأنها كانت جديدة ومفاجئة، وكل الأطراف احتاروا فى توصيفها، واتخاذ موقف منها، دخلت متاهات، خاصة متاهة الشك، لأن الحقائق غائبة.

■ كيف نتفادى مساوئ الفترة الانتقالية التى تلت 25 يناير؟

- الخطأ الأول، وأذكر أنى أول مرة قابلت فيها المشير طنطاوى سألنى: هل هذه ثورة أم بماذا توصفها؟، قلت له إن ما حدث حالة ثورية، وحيث كانت هناك ثمة تقارير مكتوبة حول الحركات الثورية وحركات الشباب، وهناك تقارير سواء أكانت حقيقية أم مشوهة، أو مصدرها مباحثىّ، لكن لم ينظر إلى الصورة العامة، بشكل ما كانت هناك شكوك.

■ لكن الإخوان ظهروا فى الفترة الانتقالية؟

- دعينى أعد بالتاريخ قليلاً إلى الوراء، عندما عقد التلمسانى اتفاقاً مع السادات فى 71 لمكافحة الشيوعية والناصرية، ثم جاء عهد مبارك، الذى عرف أنهم قوة منظمة، وأيقن ضعف الأحزاب وهم فى ذلك الوقت طالبوا بالعمل فى أمان، ولم يتوان مبارك فى منحهم الأمان مقابل أن يكونوا هادئين، وقد كانوا فى حالة تفاهم مع النظام، والأمريكان عرفوهم مبكراً.

■ هم يدعمونهم منذ 2005.

- لقد كانوا جزءاً من هذا النظام.

■ تقصد نظام مبارك؟

- «مبارك» ومن قبله نظام «السادات»، ما داموا طرفاً فى معادلة الأوضاع أو الأمن أو الاستقرار، لذا لم يجدوا غضاضة فى قبول مسألة التوريث التى أزعجت الناس، حتى ثورة يناير فاجأتهم، فهم ليسوا دعاة ثورة، بل محافظة وعودة للماضى.

■ لكن فى سنة واحدة انقلب الناس على الدولة الثيوقراطية التى يمثلونها.

- هذا صحيح، فانزلاقهم إلى السلطة أكبر أخطاء المجلس العسكرى على الإطلاق، فضلا عن ضغوط الأمريكان، إذ وجد الناس ثورة بلا قيادات ولا فكر وحالة ثورية لابد من تنظيمها، وهنا وقع الاختيار على فكرة تعديل الدستور وإزالة مواد التوريث، ثم أدخلوا إلى انتخابات برلمانية، أما كمية التمويل فى هذه الفترة فكانت مهولة.

■ لكن المجلس العسكرى كان يعرف ذلك.

- كان يشعر أيضاً بالضغوط القوية وحجم التلويح بإلغاء المساعدات المدنية العسكرية والعلاقات، ولم يكن قادراً على الوصول إلى جوهر الحقيقة، فعلى الأقل كان فى حالة ارتباك أمام الحقيقة بشكل مذهل.

■ هل انزلق الإخوان إلى السلطة بمحض الصدفة؟

- أكثر ما أخشى منه فى هذه اللحظة أن تجرى الأمور بالتدافع والتزاحم والشكوك أكثر مما تجرى بالمنطق، بمعنى أن المجلس العسكرى لم يدرك ضرورات مرحلة الانتقال، وأن الموضوع أكبر من قضية التوريث، وأن ما يحدث فى مصر نتيجة تناقضات اجتماعية وسياسية وفكرية أيضاً، وأن هذه حالة ثورية، والشىء الثانى أن السلطة انتقلت إليهم وهم لا يعرفون أين يذهبون.

■ ثورتان إحداهما ضد الدولة البوليسية والقمعية والثانية ضد الدولة الثيوقراطية.

- الغريب فى الحالتين أن الحركات التى نشأت ترفض الواقع الموجود وتؤيد التغيير، لكنها لا ترى البديل، وحتى هذه اللحظة لا أحد يستطيع الاقتراب من المشروع الوطنى القومى.

■ هل خارطة الطريق الراهنة تضم نفس الخطأ؟

- أعتقد أن خارطة الطريق الراهنة تكرر نوعا من الأخطاء السائدة فى الأولى، لكنها فقط تعمل فى مناخ مختلف.

■ ما الذى من المفترض أن يحدث؟

- أعتقد أنه إذا جاء أحد وصارح الناس بالحقيقة سيشعرون بالاطمئنان.

■ من يقوم بهذا الدور: الرئيس عدلى منصور أم الفريق السيسى أم رئيس الحكومة؟

- كل الناس لابد أن يقوموا بالمهمة، وإن كنت أرى أن الأقدر على هذا هو الفريق عبدالفتاح السيسى، لكن وجوده فى المؤسسة العسكرية يحول دون ذلك.

■ بعد 3 يوليو طلب السيسى تفويضاً من الشعب لمعركة قادمة مع الإرهابيين، وهو ما حدث.. فما تعليقك؟

- دعينى أقص ما حدث من خلال ملخص ثلاثة لقاءات أجريتها مع السيسى ثم مرسى والدكتور البرادعى، وأستطيع تحديد ما جرى إلى حد كبير، فعندما حدثت ثورة 25 يناير وتولى المجلس العسكرى المسؤولية، لم أكن ذهبت لحوار اللواء عمر سليمان، ولم أتصل بأحد مطلقاً إلى أن فوجئت ذات يوم بأحد يطلبنى ويقول لى فى 25 مارس إن القيادة المشتركة وأحد قيادات المجلس العسكرى يريداننى، وعندما ذهبت وجدت الفريق السيسى، وكان وقتها رئيساً للمخابرات العسكرية، ورأيته أكثر شباباً وحيوية، رحبت به ورحب بى، وفجأة وجدته قرأ كل ما كتبت، وكان صادقاً وهو يحكى لى كيف كان التحرك، وأنه صاحب خطة أن الجيش لا يمكن أن يضرب الشعب مهما ساءت الأمور، وعرضها على المجلس، وتمت الموافقة عليها، وأتذكر أننى عندما كنت أقابل المشير فى عهد مبارك كان يحثنى عن الاستمرار فى الكتابة، وألا أخاف، المهم استمر اللواء السيسى ولم يكن قد أصبح فريقاً فى الحديث باستفاضة، لكن بدا لى أننى أمام شخص أكثر شباباً مما توقعت، وتعرض للعالم عندما درس فى أوروبا، وملم جداً بتاريخ مصر الحديث، وبدا لى صاحب معرفة، واستمر اللقاء ساعتين ونصف الساعة، أو ثلاث ساعات إلا ربع الساعة، وكنت راغبا فى الإنصات له أكثر مما أتحدث.

■ هل توقعت أو رأيت فى هذا الشخص أنه بإمكانه أن يأخذ من الخطوات ما قد يواجه به العالم؟

- لم يخطر ببالى، لكنه رجل فاهم وقارئ للتاريخ، ويتفهم دور الحركة الوطنية.

■ هذا يعيدنى مجدداً إلى نقطة التفويض، ولماذا يحتاج إليه؟

- فى ظل الظروف الملتبسة التى خرجت بها كل الأطراف، والبحث عن بديل تحت ضغط الأزمة والشك المتبادل، استشعر الفريق السيسى أن الأمور لا تسير على نحو جيد، وتقديرات الموقف الدورية تسوء، لكن الشىء الغريب الذى لم يأخذه الكثيرون فى اعتبارهم أن الرئيس مرسى ليس من الصفوف الأمامية فى التنظيم، فهو قد يكون رقم 7، ولم يكن المرشح الرئيسى، وإنما الثانى الذى جاء فى اللحظات الأخيرة بأربعة وعشرين ساعة للحاق بالركب، فهو يعلم هذا جيداً، لذلك كان يخشى من الجماعة فى كثير من الأحيان، فالسلطة مبهرة، وكانت هناك علاقة ثلاثية غريبة: مرسى كان فى حالة قلق مما يدار فى مكتب الإرشاد، ويعرف أن هناك من يضغط عليه وأحياناً يعطيه الإملاءات، وعندما حاول أن يلوح بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأصر على استدعاء الجيش إلى الاجتماع الأخير، لم يكن السيسى وقتها يستطيع التعامل مع المكتب، وهو كيان لا يمكن توصيفه، وينبغى فوق كل شىء أن نعلم أن القوات المسلحة لديها وديعة الشرعية.

■ لماذا لم يعزل الرئيس السابق السيسى؟

- كان من الصعب فعلها، ولو سلمنا أنه فعلها، سيواجه بقيادة جديدة لا يجيد التعامل معها، وسيشعر بالقلق منها، وفى ذات الوقت شكه فى الإخوان يجعله يلوح دوماً بأن الجيش معه، وبدا هذا فى الاجتماع الثالث ضمن اجتماعات يونيو الكارثية، ما جعله يصر على دعوة السيسى وقيادات الأفرع، وفى ذات اليوم ذهب السيسى إليه فى الثانية من ظهر ذلك اليوم، وقال له: «دعوتنا نحن وقيادات الأفرع، ونحن نرى أن هذا الاجتماع حزبى بامتيار ولا نحبذ التواجد فيه» واستمر النقاش والاجتماع ساعتين ونصف الساعة، وقال له: «هذا الاجتماع قد يسبب لبساً عند الكثيرين»، ولم أعرف ما حدث فى هذا الاجتماع إلا بعد عودتى، وقال «لو أنى فى مكانك سوف أصارح الناس بالأخطاء، لأن الناس وفقاً لتقديرات الموقف لديها غضب وقلق، وإذا كنت ستتحدث فى الموقف الوطنى سنحضر ونكون راضين»، هذا حدث فى أول ثلاث دقاتق حينما اعترف بالأخطاء، ثم عرج إلى ما أراد أن يوصله، وبهذا كانت الرسالة إلى الجماعة بأن الجيش معه، وفى ضوء يأس القيادة، وسوء تقديرات الموقف، اضطر الجيش للتواصل مع مكتب الإرشاد، وعقد اجتماعاً مع الشاطر والكتاتنى وأحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى، وعندما طرحت الأمور بدا حديث الشاطر غريباً، عندما قال «أعطونا فرصة عاما آخر، وأنتم تعلمون أن ثمة كميات كبيرة من الأسلحة المتدفقة عبر الحدود الغربية»، فى رسالة اعتبر البعض أنها تهديد وقال أيضاً: «أنتم تعلمون أنه بات واضحا امام الناس أن أجهزة الدولة تعارض وبمساندة من القوات المسلحة من خلال بيانات صدرت لكم»، وبدا الوضع كأنه يلوح بعمليات إرهابية.

■ وهذا ما حدث؟

- عندما حضر الفريق السيسى الاجتماع الأخير، الذى ضم معظم القوى الوطنية، والدكتور البرادعى، وشيخ الأزهر، والبابا تواضروس والسلفيين، كان فى ذهنه فى هذا الوقت أن يعرض الاستفتاء على الرئاسة، وعندها قال لى: ماذا سأقول للناس؟ فوقفنا فى الشرفة وتابعنا الأعداد المتدفقة فى الشوارع، ولم أكن أرى السيسى إلا لفترات ومرات معدودة خلال عامين، وكنت أدلى برأيى فى الموقف، وكانت الكارثة أن شرعية هذا النظام تتآكل، والنظام أوشك على السقوط والبلد سيصبح فى مازق كبير.

■ لكن هذه الجماهير التى خرجت فى 28 يونيو لم تكن ستقبل بالاستفتاء على البقاء.

- هذا ما قاله الدكتور البرادعى أثناء زيارته، وهو اجتماع منظم بيننا، ولم يكن مصادفة، وعقد بمكتبى فى السادسة من مساء الاثنين، الأول من يوليو، وقلت للبرادعى: لست مضطراً إلى أن تخبرها لأن حركة الجماهير دوماً تحتاج إلى خاتم دستورى، وتجربتى الشخصية تؤكد ذلك عندما تنحى ناصر بعد النكسة وخرجت الجماهير تتظاهر لرجوعه، وقيل وقتها إن الاتحاد الاشتراكى هو من نظمها، رغم أننا لم نر مثلها فى النسق والحجم.

■ ماذا عن الاستقواء المستمر بالخارج؟

- نحن سمحنا للخارج بالتدخل بأكثر مما يجب ومما ينبغى، وأن يتدخل بأكثر مما هو صحى، ووصل الأمر إلى أن الأمريكان تدخلوا بشكل واضح، ونحن نتحدث عن مستقبل، وكل اللوم يلقى فى هذا الأمر على كل الأطراف، والإخوان مشكلتهم أكبر، وعندما رأيت مرسى أول مرة بعد دعوته لى قلت له عليك أن تثبت أنك رئيس لكل المصريين وأرجوك أن تجمع شتات هذا البلد وتطمئنه.

■ هل توقعت خروج البرادعى من المشهد هذا الخروج السريع؟

- أنا ضد الهجوم عليه والحملة ضده، قد تكون فى ذهنه تصورات قد لا تكون فى حقيقة الأمر متسقة مع الواقع، فقد كان ضمن الجزء الأصلى من خارطة الطريق، قد نتفق أو نختلف على طريقة أسلوب فض الاعتصام لكن الخطة الأصلية التى نشأت منها التداعيات متفق عليها وهو وافق عليها، وأرى أنه استعجل كثيراً بقراره الذى اتخذه وكان لابد أن يحاط بشكل أكثر بما يجرى.

■ هل يستخدم الإخوان سيناء للضغط مرة أخرى على النظام الحالى؟

- سيناء كانت رهينة، وإلى هذه اللحظة على الأقل مكشوفة، وهناك تقديرات تؤكد أن أعداد الوافدين إلى هذه المنطقة بين 18 و24 ألف شخص من المجاهدين والإرهابيين والمعفى عنهم، ومرسى كان يراهن على الجيش أمام الجماعة، وعلى أن تكون سيناء ثكنة للجيش، وظلت سيناء قنبلة معلقة على كل أطراف المشهد.

■ وماذا عن محاولة اغتيال وزير الداخلية؟

- هذا تطور طبيعى، وكان لابد أن نلحظه، فالمراحل التى مر بها الإخوان بدأت بالدعوة ثم التنظيم ثم التكفير فى عهد سيد قطب، ولابد أن نعرف أن مهدى عاكف هو آخر مدرسة الدعوة، وهذا التيار القطبى المتشدد يسيطر الآن وشعاره التكفير.

■ لكن العمليات الإرهابية تغير شكلها.

- لأنها تفعل من قبل من تمرس فى أفغانستان، وعندما حدثت محاولة اغتيال وزير الداخلية قامت الشركة المنتجة التى قامت بتصفيح سيارة الوزير بطلب إرسال سيارة نقل لنقل السيارة المهشمة بعد الانفجار، ودراسة كيف أدى هذا الانفجار إلى انطباق الأبواب على وزير الداخلية، وأعتقد أنه عاش لحظات صعبة.

■ هل قابلت الرئيس المؤقت عدلى منصور؟

- نعم، وهو رجل فاضل أسهم كثيراً فى بث رسائل التطمين للمجتمع وللشارع المصرى من خلال حديثه للناس عبر الخطابات، وأرى أن المسار الأمنى الراهن لابد أن يتبعه مسار اقتصادى واجتماعى حقيقى، وأذهلنى الببلاوى، الذى عرفته أستاذا ومفكرا، بقدرته على البقاء وصموده رغم هذه المشكلات، وعندما قابلت عدلى منصور قلت له إن المرحلة الانتقالية تمهيد للبناء وهذا دورك، فأرجوك لا تعاملها كأنها تسيير أعمال، فأنت تمهد للبناء، وبالتالى لابد أن تعرف المشروع القادم، وأعتقد أنه حاول أن يفعل جهداً، وأن يبدد خوف الناس، ولا ينبغى أن يترجم إلى جداول للمواعيد والتوقيتات دون دراسة المهام وتحديدها، حتى لا ندخل فى قفص حديدى ونحن فى فترة نشك فيها فى أنفسنا ويشك فينا العالم.

■ قبل الدخول فى قضية الدستور قص لنا لقاءك بهشام قنديل.

- قابلته فعلاً لكنى لم أكن أعرفه إلا بعد أن أصبح رئيساً للوزراء ثانى يوم بعد الإعلان، وفوجئت بأن أحدهم يخبرنى بأن شخصاً ما يطلب مقابلتى.

■ لا يوجد من يقابل الأستاذ إلا ويطلب موعداً مسبقا.

- الرجل معذور وجاء ومعه زوجته، وشعرت بالإحراج فاستدعيت زوجتى «هدايات» التى ذهلت هى الأخرى، وقلت لها: أرجوكِ استقبلى زوجة الدكتور هشام قنديل، وقال لى إن لديه مبادرة، فقلت له إننى خارج السياق، لكنى سأسمع له، وتحدث كثيراً، واستمعت له، لكنى عرفت أن زوجته جاءت معه لتقود السيارة بعد سحب الحرس والسيارة الخاصة.

■ كيف ترى لجنة الخمسين المكلفة بإجراء التعديلات الدستورية؟

- أرى أن ما يجب الاستفتاء عليه هو دستور جديد، فنحن نعلم أن هذا النظام سقط، وما يحدث يشبه كثيراً تعديل المواد الخاصة بالتوريث، لا خلاف على حقوق الإنسان والحريات، لكن هذا دستور كتبوا فيه ما يريدون، ويجب أن يكون هناك دستور يعبر عن المرحلة.

■ هل ترى أن ثمة إمكانية لتجاوز الإعلان الدستورى؟

- الإعلان من المفترض أن يكون دستورا جديدا، لكننى أرى أن المشكلة ليست فى تحديد توقيتات، وأخشى من تحويل الإعلانات المبكرة إلى أقفاص حديدية مزعجة تضر بنا بالأساس.

■ هل يقلقك العنف أم ترى أننا سنتجاوزه؟

- مجرد حدوثه وتعرض الناس للخطر يحزننى، لكن أعتقد أن مصر صابرة على أشياء كثيرة، وعندما أجول بذاكرتى عبر أحداث حريق القاهرة وغيرها، أعرف لوهلة أن هذا الشعب تمر عليه هذه الأزمات للتعلم منها، وأعلم أن الأوضاع اليوم أصبحت صعبة، ويكفى أن القاهرة بات من الصعب أن تسير فيها، لكن الفكرة برمتها أن الناس صابرة وتدرك أن هذا البلد فى مأزق.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية