لا يروى فلاحو أرض ريف المنتزه قصة الصراع الدائرة على الأرض بينهم وبين هيئة الأوقاف وأرض الإصلاح الزراعى وبين جمعيات تابعة لهيئات سيادية كما يسمونها (أمن الدولة والقضاة وخبراء وزارة العدل وشرطة الإسكندرية وضباط كفر الشيخ وآخرون) دون أن يفتتحوها بقصة حسن شندى، الذى وجدت جثته فى صباح 23 سبتمبر ملقاة فى أحد حقول عزبة الهلالية، مقيدة الأطراف، ومكتوباً على جلبابه «هذا جزاء زعيم الفلاحين، والدور عليك يا سلامة رميا بالرصاص».
سلامة المقصود هنا هو سلامة كريم، صديق حسن شندى، ورفيقه فى تحويل مسار القضية، بالحصول على أوراق، حولت الفلاحين من طرف هامشى وضعيف فى طريقة بيع هيئة الأوقاف للأراضى التى يعيشون عليها إلى طرف قوى له حيثيته فى النزاع القضائى الدائر، وأعطى أملا قويا للفلاحين فى البقاء فى الأرض التى يفلحها جدودهم منذ عام 1880م.
تهمة قتل شندى، يوجهها الفلاحون إلى أمن الدولة، وسلامة كريم، تنازل عن أرضه بعد حادث القتل واعتزل الحياة، ويرفض أى نوع من الأحاديث الإعلامية.
الجثة التى وجدها الأهالى فى ذلك الصباح، جعلتهم يدركون أنها رسالة للجميع، لعدم استخدام المستندات التى وجدها شندى، وتثبت تبعية الأرض لهيئة الإصلاح الزراعى، لا الأوقاف، أى أن الفلاحين، أحق بالأرض من الهيئات السيادية بعد تسديد ثمن بيعها على مدار السنوات الماضية، خاصة أن الأراضى تم بيعها إلى الجهات السيادية، بنسبة ربح هامشية، أتاحت لأمن الدولة شراء الأرض من هيئة الأوقاف، وفقا لعقود مبرمة، حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها بـ2500 جنيه فقط للمتر، لتبيعها لشركة إسكندرية للبترول بسبعة آلاف جنيه للمتر، الذى يصل ثمنه فى الأساس إلى عشرة آلاف جنيه للمتر.
عندما انتهت النيابة من التحقيقات فى مقتل حسن شندى، صدر تقرير الطب الشرعى بأن المجنى عليه تناول مادة، دون أن يحدد وفقا لمحامى الأهالى، كيفية دخول المادة إلى جسمه.
ورفض طلب الأهالى التى اتهمت أمن الدولة وقتها فى بلاغات رسمية بقتله، بإعادة تشريح الجثة.
كان «شندى» قد تلقى مكالمة تليفونية من مجهول فى 22 سبتمبر 2009، غادر على إثرها منزله، متوجها إلى أطراف العزبة، فقابلته سيارة سوداء اللون (ملاكى الجيزة)، دار بينه وبين أصحابها حوار حول النزاع على الأرض وضرورة حل الموضوع، وعندما عاد لمنزله:روى لأهله ما حدث، متوقعا «إن الظاهر فيه مفاجآت الأيام الجاية».
فى الحادية عشرة مساء من نفس اليوم، تلقى تليفونا آخر، ليجلس مع أحد معارفه على بعد 500 متر، من منزله، عندما حضرت سيارة ميكروباص صغيرة، بيضاء اللون، تحمل أربعة أشخاص، حملوه معهم فى العربة، ولم يظهر مرة أخرى، إلا جثة هامدة، فى الثامنة والنصف من صباح اليوم التالى، 23 سبتمبر 2009، عندما وجده ابنه ملقى على وجهه فى الحقل جثة هامدة مقيد اليدين والقدمين، وكتب على ملابسه: هذا جزاء زعيم الفلاحين والدور عليك يا سلامة كريم.
لم يكن هناك، وفقا لشهادة أهله،:لم نجد أثرا لجرح أو طعنة سكين أو ثقبا لطلقة رصاص، بل فقط لونا أزرق على جانبى بطنه ممتدا حتى الركبتين، وأثر حقنة بأحد ذراعيه.
صدر تقرير الطيبب الشرعى بعد 21 يوما من تشريح الجثة.
كانت جنازة حسن شندى، مهيبة، تحولت وقتها إلى مظاهرة سياسية.
كانت قضية تثبيت الملكية حتى يبت فيها الخبير، آخر انتصارات حسن شندى، بقرار من محكمة الإسكندرية، يعنى دخول التقاضى، مرحلة يخشاها من زور عقود بيع الأرض، وخاصة أن شندى، قدم مستندا، يثبت عدم أحقية الأوقاف فى التصرف فى الأرض للجمعيات.
52 عاما من السيرة الطيبة، والسمعة الحسنة، عاشها حسن شندى، اتهم أهله فى محضر رسمى، جهات الأمن بقتله، وجهزوا له جنازة مهيبة، عوضت رفض الطبيب الشرعى، لإعادة تشريح الجثة، الذى اتهمه بتعاطى المخدرات، على عكس ما عرف عنه، تحولت الجنازة إلى ما يشبه المظاهرة السياسية، وحاولت الشرطة مصادرة كاميرات الصحفيين أثناءها ومنعهم من التصوير.
حسن شندى، وفقا لرواية الأهالى، لم يكن القتيل الأول فى سبيل معركة الأرض، فمن قبل، تم قتل محامى الأهالى حامد إبراهيم الجويلى، وإلقاء جثته فى طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى.
أساليب الترويع مارستها الجمعيات التى تتنازع على الأرض ضد الحائزين على الأرض، باستثناء جمعيتى قضاة النقض، وخبراء وزارة العدل.
فكان يتم اعتقال الفلاحين فى أوقات متأخرة من الليل، وإجبارهم على التوقيع عنوة بمقر أمن الدولة على أوراق تنازل، ومن يرفض كان يتعرض للتعذيب داخل المقر، والمضايقات خارجه.
أجبر عدد من الفلاحين، على هدم منازلهم بأيديهم، وإفساد أراضيهم الزراعية، مقابل أموال قليلة، تحت التهديد، ومن كان يرفض، كان يطرد من أرضه عنوة دون حصول على مقابل، فى أرض قد يصل ثمنها إلى 40 مليونا.